تشكل صهاريج الصرف الصحي والعمالة المجهولة ومكب "محرقة" النفايات ثالوثا ينذر بكارثة بيئية في محافظة المجاردة جنوبعسير، ولاسيما في نطاق الحدود الإدارية لمركز بارق. وهذا الثالوث يشكل اتحاداً قوياً لهلاك تلك الرقعة بداية من تفريغ العمالة الوافدة صهاريج الصرف الصحي بحمولات كبيرة تسير أنهاراً ومسافات بعيدة أضرت بتربة المكان. وتقطن العمالة الإفريقية غير النظامية تلك الجبال المتاخمة لمرمى النفايات في مساكن من بقايا الأخشاب والحديد الخردة والأثاث الرديء وتمارس صناعة الخمور بعيداً عن الأنظار. وتنتشر بقايا النفايات على الأشجار القريبة والصخور المجاورة دون معالجة أو طمر صحي لتكون لوحة ملوثة عناصرها أكياس النايلون وفوارغ العلب المعدنية والأطباق البلاستيكية. وخلال جولة ل"سبق" قام العمال المجهولون- ويقدر عددهم بنحو الثلاثين رجلاً بمعية مواطن سعودي - بالهروب بعيداً وتواروا عن الأنظار. وقال المواطن محمد علي الشهري إنه جاء إلى مرمى النفايات "المحرقة" لأخذ بعض الأخشاب. وعند سؤاله عن وضع مرمى النفايات قال: "ليس هنالك مكان آخر لوضع النفايات فيه أفضل من هذا المكان لبعده عن السكان وهو منطقة غير مأهولة بالمساكن".
وعن العمالة المجهولة، قال الشهري إنهم يشكلون خطراً محدقاً على الأهالي وعلى فئة الشباب كونهم يقومون بصناعة الخمور وترويجها في منطقة معزولة ومتوارية. وأضاف أن ضعاف النفوس من أصحاب الوايتات الخاصة بشفط مياه الصرف الصحي يأتون إلى هذه المنطقة ويفرغون كميات المياه في مصب خصصوه لذلك الغرض. وعند اقترابنا من أحد الوايتات أفاد العامل الباكستاني ويدعى محمد ياسين، بلهجة عربية ركيكة: "أنا سوي.. بلدية كلام ما في مشكلة هنا".
أما المواطن حسن محمد البارقي من قاطني قرية الخوش فقال: "تقدمنا بشكوى لمركز الأمارة ببارق من الأذى الواقع علينا من محرقة النفايات بسبب تصاعد الأدخنة طوال فترة الذروة التي تمتد من بعد صلاة العصر وحتى ما بعد صلاة العشاء مع غياب تام للاشتراطات الصحية الواردة في الدليل الفني للتخلص من النفايات المدون في موقع وزارة البلديات، وهي حفر خلايا بأطوال 75 × 25 متراً بعمق ثلاثة أمتار لتوضع فيها النفايات التي سببت لأطفالنا أمراض الربو وضيق في الجهاز التنفسي. وأكد حسن البارقي أن محرقة النفايات الواقعة على طريق العرقوب الواصل بين المجاردة وبارق تكون سحباً دخانية تؤثر على مستوى الرؤية أثناء عبور السيارات، إضافة لتلوث الهواء بالروائح الكريهة المنبعثة من "حرق النفايات". وطالب البارقي بلدية المجاردة بالتوقف عن إحراق النفايات والتخلص منها بالطرق الصحية كالطمر الصحي والدفن، حيث ينتقل الهواء الملوث إلى معظم أحياء مركز بارق، خاصة الخوش وحي الرص بفعل حركة اتجاهات الرياح، ولذلك يجد الإنسان صعوبة في التنفس عند استنشاق مثل هذه الغازات المصحوبة برائحة كريهة غالباً ما تظهر في أواخر الليل، أو عند الصباح الباكر، وقت الخروج لصلاة الفجر، وعند خروج الأطفال للمدارس. وقال المواطن "ح . م" الذي فضل عدم نشر اسمه: "إن لديه معلومات تفيد بأن كل يوم خميس من أيام الأسبوع يقام مزاد لبيع الحديد الخردة "السكراب" والألمنيوم والأخشاب بقيادة رئيس العمالة المجهولة هناك الذي يلقب ب"العاقل". من جانبه، قال رئيس بلدية المجاردة حمد القحطاني: "إنه منذ ثلاث سنوات والبلدية تعاني من عملية طمر وردم النفايات بسبب وجود العمالة المجهولة التي تحرق النفايات أثناء كبها قبل أن تطمرها معدات البلدية". وأوضح الناطق الإعلامي لشرطة منطقة عسير الرائد عبد الله آل شعثان أن مدير شرطة محافظة المجاردة يسعى من خلال خطط واستراتيجيات محددة للقضاء على ظاهرة العمالة المخالفة في مرمى النفايات. وقال إنها أصبحت هاجساً يسعى لطمس معالم تلك البؤر الفاسدة. وتقع محرقة النفايات ضمن نطاق الحدود الإدارية لمركز بارق التي رسمها لجان من إمارة منطقة عسير وبلديتي المجاردة وبارق بحضور رئيس المركز.