أعادت هجمات نيجيريا المتزامنة مع عيد الميلاد إلى الأذهان خطر تنظيم القاعدة والحركات التي تتناغم معه فكرياً في إفريقيا، والتي يتزايد نشاطها بشكل كبير؛ ففي القارة الفقيرة تنشط ثلاث مجموعات مسلحة على صلة بالتنظيم، هي "بوكو حرام" النيجرية و"تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي" الموجود شمال الصحراء الكبرى، وحركة "الشباب المجاهدين" الصومالية. و"بوكو حرام" عبارة عن مجموعة من التنظيمات المتحالفة تحت اللواء نفسه، اسمها الرسمي "جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد"، وهي مسؤولة عن هجمات يُعتقد أنها أدت إلى مقتل الآلاف من الجنود ورجال الشرطة، إلى جانب المدنيين، في نيجريا خلال الأعوام الخمسة الماضية. أما "تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي" فهو ينشط في الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا، ويقوم بشكل دوري بتنفيذ عمليات، أبرزها يتعلق باختطاف الأجانب، في حين تخشى الدول الكبرى من إمكانية حصوله على كميات من الأسلحة الخطيرة التي كانت بحوزة النظام الليبي السابق. وفي الصومال تقوم حركة "الشباب" بخوض مواجهات قاسية مع الحكومة الانتقالية، وكذلك مع القوات الإفريقية التي تضم وحدات من أوغندا وبوروندي، كما تقاتل قوات إثيوبية وأخرى كينية يُعتقد أنها توغلت مؤخراً داخل الحدود الصومالية لإبعادها عن حدودها، خاصة بعد أن اتهمتها كينيا بمد نشاطها إلى أراضيها وتنفيذ عمليات تفجير واختطاف. ويقول الجنرال أندرو أزازي، مستشار الأمن القومي النيجيري، إن جماعة "بوكو حرام" بنت اتصالات قوية مع حركة الشباب في الصومال، وهو أمر يؤكده الناطق باسم الجماعة، المعروف باسم "أبو قاقا"، الذي قال لعدد من الصحفيين إن المئات من العناصر النيجيرية تلقت تدريبات لدى الحركة الصومالية، وفقاً لما نقلته مجلة "تايم" الشقيقة لCNN. أما السفير الأمريكي في نيجيريا، تيرينيس ماكولي، فقد أعرب عن ثقته بأن جماعة "بوكو حرام" لديها صلات قوية مع "تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي" أيضاً، وقال إن واشنطن اطلعت على تقارير حول انتقال عناصر نيجيرية للتدرب لدى القاعدة منذ عام 2005. وتعتقد بعض القيادات الأمريكية أن تنظيم القاعدة، الذي تراجع وهجه في الدول العربية بعد ثورات "الربيع"، التي اجتاحت العديد منها، قد يجد في إفريقيا بؤراً مناسبة للنمو؛ ما يهدد التنمية في القارة الفقيرة. وكان قائد القيادة الإفريقية في القوات الأمريكية "أفريكوم"، الجنرال كارتر هام، قد أعرب عن قلقه حيال حصول ذلك خلال حديث مع الصحفيين في سبتمبر الماضي، وقال: "إذا ظل الأمر دون معالجة فإننا قد نواجه شبكة تمتد من شرق إفريقيا إلى وسطها.. هذه التنظيمات الثلاثة لديها نية معلنة باستهداف الغربيين والأمريكيين، وهذا بالنسبة لي خطير للغاية". وتعود جذور جماعة "بوكو حرام" إلى العقد السابع من القرن الماضي، وقادها منذ عام 2005 رجل يدعى محمد يوسف، وكان قد تلقى علومه في السعودية، وقد قام بتدريب أتباعه على القتال من أجل المطالبة بتحسين أوضاع مناطقهم الفقيرة، التي تعاني الفساد. وقد اشتعلت مواجهة على نطاق واسع بين الجماعة والجيش في يوليو 2009، وأدت المواجهات إلى مقتل أكثر من 29 ألف شخص، بينهم يوسف نفسه، لكن التنظيم سرعان ما عاد لتنظيم صفوفه وشن هجمات بدءاً من عام 2010. وطوَّرت أجنحة في الجماعة، يقودها شخص يدعى مامان نور، قدرات فائقة على إعداد القنابل والمتفجرات؛ ما جعل السلطات تفترض تزايد روابطها مع تنظيمات إسلامية في مالي والجزائر والصومال واليمن.