سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مستشار وزير التربية: تحميل الإعلام "السلبيات الاجتماعية" يُخفي التنصل من المسؤولية الحسني أكد أن وزارة التعليم تعمل على تصحيح جريء لدور المدرسة التقليدي
أعرب عبدالله بن صالح الحسني، المستشار بمكتب وزير التربية والتعليم، عن استغرابه من تحميل الإعلام المرئي الوطني والصحافة الوطنية مسؤولية السلبيات الاجتماعية والخلل النسبي الذي مسّ بعض القيم، أو وضع الرأي الصحفي والخبر في موضع الاتّهام بالمبالغة تارة، وتصيّد الأخطاء تارة أخرى. مؤكداً أن هذا الإسقاط يخفي فشلاً ذريعاً وتنصّلاً من المسؤولية، ومشيراً إلى أن المطلوب هو تطوير شكل علاقة مؤسسات الدولة الرسمية مع كل من الإعلام الحكومي والتجاري بناء على قاعدة التفهُّم لطبيعة الدور. وانتقد الحسني في محاضرة ألقاها أمس الأول، بعنوان "مكانة التربية في عصر الثورة الإعلامية"، أمام المنتدى الإعلامي الذي نظمته إدارة التربية والتعليم بمحافظة الأحساء، موقف بعض شرائح المجتمع من الإعلام، وعدم تفريقهم بين الإعلام الوطني، الذي يعمل وفق منظومة الضبط الاجتماعي، والإعلام التجاري المتحرر. مشيراً إلى أن مخاصمة الإعلام إجمالاً غير مجدية، وأن النظرة الضيقة في الماضي للإعلام المرئي امتدت أيضاً للإعلام المقروء، عندما تُهاجم الصحافة لمجرد انتقاد موقف مُعيَّن أو خطأ. ودعا عبدالله الحسني التربويين والتربويات إلى تفهُّم طبيعة عمل الإعلام بكل وسائله وأولوياته وظروف عمله. مشيراً إلى أن التفهُّم يُعين على الانسجام والتعامل معه بحرفية ومهنية لا تسبب أية ضغوط أو شحناء أو فرض للآراء والقوانين وتبادل التّهم والشتائم. وقال الحسني: "إن عصر اللامكان الذي نعيشه الآن بفعل الثورة المعرفية لا يسمح بخيار التكامل مع وسائل الإعلام، خاصة التجارية، الذي ظل التربويون يطالبون به منذ عشرات السنين دون أن يلتفت إليه أحد؛ بسبب اختلاف طبيعة دور كل من الجانبين". مطالباً في الوقت ذاته بالمبادرة إلى تقديم تعليم أفضل عميق وشامل، وإلى إعلام تربوي نوعي يُقدِّم المعلومة والقيمة بطريقة ابتكارية، وأن "يتطور شكل العلاقة بالإعلام إلى تفاضل عوضاً عن التكامل؛ لأن الإعلامي لو آمن بنظرية التكامل أفلست قناته"! وشدد على أن العولمة أمر حتمي؛ حيث آمن العالم كله بمصطلحات كونية، لا يمكن تجاهلها، مثل: الرأي العام الشعبي، والمجتمع العالمي، والثقافة المشتركة، والتبادل المعرفي، وتكتُّلات كونية، وحوار الثقافات، وتبادل الثقافات، والتعايش. لافتاً إلى أنها كلها مصطلحات عالمية كونية لا تخضع للسلطة وحدها. وطالب المستشار بمكتب وزير التربية والتعليم بالجدية في التعامل مع هذه اللفظة، التي أثارت في السنوات الماضية قدراً من الكراهية والجدل في العالم كله. مستدركاً بأن تقبُّل العولمة لا يعني الاستسلام والانقياد لها، بل اليقين بأننا لسنا وحدنا في هذا العالم، وأننا أمام خيارين لا ثالث لهما، إما التلوّن مع العالم الجديد عن وعي وإدراك، أو الانغماس في ظلام العزلة. وأعرب الحسني عن أمله بدور للمرشدين والمرشدات التربويين؛ للتعريف بفلسفة عمل الإعلام. مشيراً إلى أنه "لا يمكن أن نلمس أثر وسائل الإعلام على الناشئة أو نُضعِّف قدراتها، لكننا نستطيع إلى حد ما التحكم في تأثيراتها من خلال تعليم أطفالنا وتربيتهم على مهارات النقد الهادف وفلسفة الإعلام والتربية والحوار الإيجابي". ودعا إلى إعادة التفكير فيما يُعرف بالغزو الفكري، والتخفيف من النظرة المثالية للمجتمع. مؤكداً أنه "لا يوجد شيء اسمه غزو فكري، بل هناك تفاضل كوني، وهناك مصالح تسيّر الكون كله فحسب". وشدد على ضرورة "أن نقبل أبناءنا، ونصبر عليهم، وندعهم يخوضون بعض التجارب في حدود تعاليم الدين، وألا نحرِّم عليهم ما نحلله لأنفسنا؛ لأن هذا يقود إلى ما هو أخطر، إلى الإمعان في التناقض الاجتماعي المتخم أصلاً، وإلى انعدام الثقة وانفراط العلاقة الأبوية والترابط الأسري، وأعلاها شأناً الثقة التي إذا ضاعت ضاع كل شيء في ركابها". وتساءل الحسني عن مدى استعداد الإعلام التربوي لما بعد الإعلام التقليدي، وقال: "هل نحن مستعدون بجرأة لما بعد الإعلام التقليدي أو مرحلة الإعلام الجديد؟ فكل المؤشرات تؤكد أن المستقبل سيكون له، فماذا فعلنا؟!". وقال: "إن وزارة التربية والتعليم تسعى إلى تصحيح جريء لدور المدرسة التقليدي بعد أن حدث تحوّل كوني شديد، الجميع يشعر به، وملخّصه أنه إذا أردت أن تتعلم فاذهب إلى حاسبك الشخصي، وستكتشف أنه لا يوجد علم خفي أبداً". وأشار إلى أن مدارس المستقبل تتجاوز الدور التلقيني؛ لتصبح مراكز تربوية متعلّمة، تدير نفسها بنفسها، ومهمتها الأولى تنمية مهارات البحث والاكتشاف، وتنمية المواهب، وإتاحة المساحة الكافية للتفكير والإضافة والاختيار، فيما سيتطور دور المعلم في اتجاه التوجيه والإرشاد وتقديم مفاتيح العلوم وعناوينها؛ ليكمل الطالب بقية المهمة بأسلوب تربوي أكثر وعياً بطبيعة المرحلة بين المعلم وتلميذه. وأكد الحسني أن الأمير فيصل بن عبدالله يؤكد ثلاث حقائق معرفية، ستلبي مطالب المجتمع بالتطوير، هي: القيمة المضافة والتنمية المستدامة والجودة؛ لذا فإنه يحسن بالإعلام التربوي استثمار هذه الفرصة لأعمال نوعية في هذا الإطار، ومن ذلك العمل بسرعة على اقتحام الإعلام الجديد، كإيجاد حسابات للوزارة على الفيس بوك وتويتر للوزارة، ولكل إدارة تعليمية، وتكون مدعومة بقوة ونشطة وحيوية، وكذلك تصميم مواقع تربوية تعلّم وتربي من خلال الترفيه، وإصدار صحف تربوية إلكترونية غير تقليدية، وبث رسائل توعية احترافية من خلال التبادل البريدي الإلكتروني، وقبل كل ذلك تبني مواهب الشباب وتوجيهها. مشيراً إلى أنهم بالآلاف على المواقع الإلكترونية. وأكد المستشار بمكتب وزير التربية والتعليم ضرورة دعم الإعلاميين التربويين بسخاء، وتدريبهم، وقال: "لو أحسنت الوزارة استثمار قدراتهم وتوجيهها لأضافوا قيمة غير مسبوقة في مسيرتنا التعليمية، كما يمكن للمعلمين والمعلمات في الميدان القيام بالأمر نفسه من خلال جهودهم الذاتية، بالتعاون مع تلاميذهم؛ فالأمر لا يحتاج إلى أكثر من البداية فحسب؛ لأن الإمكانات متوافرة من خلال ميزة التقنية السهلة غير المكلفة، التي يمكن تعلمها بسهولة".