قال إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور سعود الشريم إن السلام لا يخضع إلى الخنوع أو الدونية أو الاستكانة، وإن أمة لم تخضع إلا لخالقها لن تخضع لغيره، مشيراً إلى أن الإسلام هو السلام الحقيقي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. وبين الشيخ الشريم في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام أن الله تعالى خلق الإنس والجن والملائكة والدواب والجماد ليعبدوه وحده -سبحانه وتعالى-، كلٌ على طريقته، وليكون الكون كله خاضعا لعظمته ومؤمنًا بعبوديته لخالقه، لافتاً إلى أن الباري -جل وعلا وتجلت عظمته- لم يخلق هذا الكون عبثاً، وإنما سخره لعبادته ولتحقيق عبوديته دون سواه. وقال فضيلته: "إننا نعيش في زمن بلغت فيه الحياة المادية والنظريات الفلسفية والثورة التقنية والترسانة العسكرية المتشبّعة بروح الأنانية والعدوانية وإهلاك الحرث والنسل؛ مبلغاً عظيماً"، مشيراً إلى أن هذه الحضارة لم تستطع إشباع الروح بالرحمة والطمأنينة. وأوضح أن مفهوم العدل أصبح في المكان الذي فيه جور، وبات مفهوم السلام محصوراً في المكان الذي فيه حرب، حتى تشرّب العالم اليوم ألواناً من الاعتداءات السياسية والاقتصادية والعسكرية بحيث إن الأمان لدى كثير من المجتمعات أصبح كالسراب، مبيناً أن السر الكامن في ذلك هو تغليف السلام الذي هو الطمأنينة والسكينة والاستقرار، والذي يقر العبودية للحاكم العادل، ويؤمن به رباً خالقاً رازقاً لا معبود سواه. وأكد خطيب المسجد الحرام أن السلام الذي شرعه الملك القدوس، والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، هو السلام من رب البشر إلى البشر، وأنه مهما عمل البشر من جهود، ومهما استخدموا من وسائل، فلن يبلغوا مثقال ذرة من علم الله، ولن يصلح الناس مثل السلام الذي جاء من عند الله، مؤكدا أنه لم يُعرف في التاريخ مبدأ أو دين أو فكر أرحم من دين الإسلام. وأوضح فضيلته أن بعض المسلمين بُهروا ببعض الشعارات البراقة والفلسفات التي ما أنزل الله بها من سلطان، ليفسروا بها السلام على غير وجهه، فنظروا إلى دمعة المخادع، ولم ينظروا إلى مدفعه. ودعا إمام وخطيب المسجد الحرام في ختام خطبته كل فرد إلى التحلل من الأنانية، وأن يقطع السلبية واللامبالاة ليكون لبنة صالحة في بناء برج السلام الشامخ الذي ما خاب من بناه، ولا ندم من اتخذه داراً، مبيناً أن معرفة الله الحقة والإيمان بما جاء من عنده سبحانه هي السبيل الوحيد للفرد ليفرّق بين السلام الحق والسلام الزائف. وفي المدينةالمنورة أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ عبدالمحسن القاسم المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن. وقال فضيلته في خطبة الجمعة: "بمرور الشهور والأعوام عبرة وعظة، وفي طلوع الشمس وغروبها إيذان بأن هذه الدنيا شروق ثم أفول"، مستشهداً بقول النبي صلى الله عليه وسلم بعدما نظر إلى غروب الشمس: (لم يبق من دنياكم فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه). وأوضح فضيلته أن الوقت ثمين بلحظاته, وأن الله أقسم به فقال تعالى: (والعصر, إن الإنسان لفي خسر). وزاد بقوله: "من الناس من كتب له الله فسحة من العمر، ومنهم من يخطفه الأجل سريعاً، وخير الناس من عاش في الدنيا ليرتقي بها إلى آخرته، ومن الناس من قصر حياته على معاشه، ومنهم من عمرها، فأدى ما أمره الله به، وانتهى عما نهي عنه، ومنهم من خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً". وبين فضيلة الشيخ القاسم أن الله -عز وجل- أقسم 11 قسماً بأن المفلح هو من زكى نفسه، وأن الخاسر من أوقعها في المعاصي, محذراً من أن الحياة مليئة بالمحن والفتن، وأن المرء قد يقع في زلاتها من حيث لا يشعر، وأنه كلما دنت الحياة من الزوال لاحت فتنها وظهرت. وقال فضيلته: "إن ظهور الفتن يحين إذا ابتعد الناس عن الله، ولم يمتثلوا أوامره ووقعوا في نواهيه، وأعظم بعدٍ عن الله هو التوجه إلى غيره بالدعاء والاستغاثة والنذر وغيرها، فمن أشرك بالله استحق العذاب في الدنيا بالفقر وقلة المال والمرض وفقد الأمن وغير ذلك، وله في الآخرة عذاب أليم، وإذا جهر العباد بالمعاصي عظم خطرها، وأذن الله بالعقوبة بسببها". ودعا فضيلته المسلمين إلى الرجوع إلى الله، ومحاسبة النفس بكل حين عمّا قدم لآخرته، وما عمل ليرضى الرحمن عنه، وليسأل نفسه عن فرائض الإسلام، وأولها حقوق المخلوقين، والتخلص منها، وعن المال من أين أتى به وأين أنفقه.