- رفع الظلم عن الناس يتطلب العدل بين كفتَيْ الميزان الاجتماعي . - لا توجد لي ورقة واحدة في درج أي مكتب حكومي . - في الرياض تُبنى حديقة عالمية وفي جدة يُؤسَّس ملعب كرة.. ولا توجد في البلد شبكة للنقل العام . - في الانتخابات البلدية أعطيتُ صوتي وبقي أن أسمع صداه . - لهذا السبب يستقوي مراقبو الدولة على أصحاب البسطات ويتجنبون "هوامير" العقار . - الصحافة أصبحتْ جسراً لطلاب المنافع والشهرة.. ولو "نخلتها" لما بقي نصفها .
شقران الرشيدي - سبق - الرياض: يُمثِّل الكاتب البارز خالد السليمان حالةً استثنائيةً في الصحافة السعودية؛ فهو صاحب أصغر عمود صحفي قادر على استيعاب القضايا الكبيرة المثيرة للجدل، وهو بارع جداً في تحديد أي الجهات يُسدِّد نحوها طلقاته السريعة، وقذائفه الحارقة.. في مقالاته تقرأ عن الوطنية، والشأن العام، وهموم الفقراء، وتفاصيل الحياة الصغيرة.. وقلَّما تخلو من المواجهات الصاخبة مع مَنْ يجرؤ على خَلْط لقمة عيش المواطنين بالأوحال وسكبها في الطريق العام. السليمان كاتبٌ مميَّزٌ بتضاريس حروف قوية، وقَلَمُهُ معروفٌ بملامح حادة.. ودائماً ما يعتزُّ بنفسه وبقَلَمِه. قد نختلف حوله، وقد لا يعجبنا في أحايين أخرى، إلا أننا بالتأكيد نتفق معه في أمور كثيرة. في هذا الحوار خصَّ السليمان "سبق" ببعض الآراء التي باح بها للمرة الأولى؛ فإلى التفاصيل: * في البداية دعني أسألك عن السبب الذي جعلك تضع "الجهات الخمس" (ترويسة) لزاويتك رغم أن للكرة الأرضية جهات أربع أساسية فقط.. هل عرَّفتنا بجهاتك الخمس؟ وإلى ماذا تفضي؟ هي جهاتي الخاصة التي ألتمس من خلالها طريقي بين الجهات الأربع لأصل إلى غايتي! * يستغرب البعض.. كيف يمكن لمقال قصير محدود الكلمات، كمقالك في عكاظ، أن يحصد كل هذه المتابعة من القُرَّاء.. ربما لأنه قصير، ومحدود الكلمات، ويساير عصر السرعة ونفاد الصبر؛ فلم يَعُدْ أحد يجد وقتاً أو يطيق صبراً على قراءة المقالات الطويلة! * هل فكَّرت يوماً في تلك القوة الخارقة للصحافة وقدرتها على التأثير والتغيير، أم أن حدودك في حِبْرك المتاح؟ بعد 25 عاماً من مصارعة أمواج الحِبْر المتلاطمة أنا خير مَنْ يدرك تلك القوة الخارقة والقدرة على التأثير، ومساحة أحرفي تتجاوز حدود أحباري! * كثير مما تقوله وتكتبه لا يعجب البعض.. فهل من الأفضل أن نقول ما نؤمن به، أم ما يتوقعه الآخرون منا؟ إذا انشغلت بكتابة ما يعجب الآخرين فلن تجد فرصة لتؤمن بشيء! * تنتقد هنا وهناك، وفي كل اتجاه.. فهل أنت خالٍ من الارتباط "المصلحي"؟ لا توجد لي ورقة واحدة في درج أي مكتب حكومي! * لماذا تتعثر مشاريعنا التنموية على الرغم من وفرة المال وكثرة الرجال؟ أحياناً "قل الدبرة"! وأحياناً عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب! * على اعتبار أن كرة القدم ليست مجرد لعبة بل انعكاس لحضارة الأمم.. لماذا لا يزال المنتخب السعودي يخسر أمام أغلب الفِرَق القوية ولا يتعادل على الأقل؟ هو الآن يخسر أمام الفِرَق الضعيفة، ولا يتعادل أيضاً! * هل أُشعرك بالإطراء إن قلتُ إنك تُعَدُّ نسيجاً خاصاً، وأفضل مَنْ يختصر المسافات الشاسعة بمفردات قليلة؟ ما زلتُ إنساناً يطريه المديح، ويغره الثناء، لكنني أدرك أن الشعور قد يكون مخادعاً؛ فقد تكسب القارئ في مائة مقال، وتخسره في مقال واحد! * في مجتمع له ألف عين، وفيه ألف رقيب.. كيف تكتب بحروف واضحة؟ أحياناً أشعر بأنني أكتبُ للرقيب قبل أن أكتبَ للقارئ، لكنني أعول دائماً على ذكاء القارئ الذي يستطيع عند الحاجة أن يقرأ المقال الحقيقي بين سطور المقال المنشور! * إن كانت الكتابة الحقيقية هي التعبير عن هموم الناس.. فإلى أي مدى تمنحُ الكتابةُ "هذه الأيام" العلاقاتِ المهمةَ، والحظوةَ، و"الشرهات" عند بعض الناس؟ لأن الكتابة تضعك في دائرة الضوء فقد أصبحت - للأسف - جسراً لبعض طلاب الشهرة والغايات والمنافع، ولو "نخلنا" الصحافة السعودية اليوم بمنخال الاحترافية والمهنية لاختفت على الأقل نصف الزوايا والأعمدة التي تملأ صحفنا! * يكثرُ الحديث حول هيئة الاستثمار والدور المطلوب منها في دعم اقتصادنا وتوفير فرص عمل لشباب الوطن، لكننا لم نرَ مزاياها حتى الآن.. في رأيك ما الأسباب؟ كثيرة هي مؤسساتنا التي تظن أن النجاح يتحقق على الورق، وعبر البيانات والأرقام التي لا تنعكس على أرض الواقع! * بصراحة.. لمن أعطيتَ صوتك في الانتخابات البلدية؟ صوتي أعطيته لمن توسمت فيه خيراً، وبقي أن أسمع صدى صوتي! * يتهامس القوم حول أوضاع "الخطوط السعودية" المتردية.. متى يصدحون بالقول المباح عنها ويضعون النقاط الكثيرة فوق الحروف؟ كل هذا الضجيج وما زالوا يتهامسون؟! "الخطوط السعودية" في حالة هبوط اضطراري، وما زلنا بانتظار إقلاعها! * لماذا تنعدم الرقابة على أسعار أسواق العقار و"هواميره"؟ في حين يستقوي مراقبو الدولة على أصحاب "البسطات" الصغيرة وبائعي النعناع في الشوارع؟ مع الهوامير الأمر يتطلب تسلق أسوار عالية، وقد ينتهي الأمر بك هاوياً إلى الأرض، أما مع أصحاب البسطات وبائعي النعناع فلا يكلف الأمر غير "دعسة" رصيف، وينتهي ب"شمة" حزمة نعناع مُنعِشة! * ما الفَرْق بين اللص الكبير واللص الصغير؟ يحصل كل منهما على صورة في الجريدة، الأول في صفحة أخبار الجرائم، والثاني في صفحة أخبار المجتمع. الأول بقفا مصلوب على طوله، والثاني بوجه مفرود على عرضه! * هيئة الصحفيين السعوديين.. اسم كبير لقطاع مثير، لكننا نسمع ب"الفرقعات الإعلامية"، ولا نرى شيئاً على أرض الواقع؟ "الاسم مو غريب عليّ.. سامع فيه قبل كذا"!! * في تدين بعضنا اجتمعت المتناقضات رغم أن المنطق والفَهْم الصحيح يجعلان من اجتماعها في رأس واحد مستحيل.. فمتى يعتذرون إلينا عن ذلك اللبس الذي أضاع علينا الفرص النادرة لتطوير المجتمع؟ عندما يتوقفون عن التفكير بالنيابة عنك! * حالياً لنترك العرب يصلحون أحوالهم المضطربة بأنفسهم، ولا بأس أن نساعدهم من هنا وهناك.. ما رأيك بهذا المنطق لدى بعض السعوديين؟ أحياناً لا يسعفك المال لشراء المواقف في الوقت الذي كانت في متناول يديك بلا مقابل! * ما الفروقات "الرئاسية" بين زين العابدين بن علي ومحمد حسني مبارك ومعمر القذافي وعلي عبدالله صالح.. وبقية "الرؤساء"؟ هو الفارق بين الرحيل والانتظار! هؤلاء رحلوا، والبقية ينتظرون! * ماذا تتوقع لمرحلة ما بعد الاضطرابات العربية؟ تبديل الأقنعة! * الكاتب الناجح يشتاقُ لمفترق الطرق كلما استقام له الطريق.. هل ينتابك ذلك الشوق في أحيان معينة؟ كثيرة هي المفترقات في مسيرة الإنسان، وبدونها لا يتأكد من الوصول إلى الوجهة الصحيحة! * هل استطاعت القنوات الفضائية السعودية اصطياد "الزبون"، أم أنه "فلت" إلى غيرها كالعادة؟ التلفزيون السعودي خسر المشاهد السعودي مع تركيب أول دش في السعودية! * ما أبرز أولويات بلادنا؟ عدم ترتيب أولوياتنا أظهر دائماً عجزنا عن فَهْم احتياجاتنا! على سبيل المثال نقر في الرياض مشروعاً لبناء حديقة عالمية، وفي جدة بناء ملعب لكرة القدم، قبل أن ننشئ شبكة للنقل العام! * على أي "سُفْرة" يكون الجوع خيراً من الشبع؟ بل يكون الموتُ جوعاً خيراً من الشبع على سُفْرة الذي يظن أنه يشتري الآخرين بلقمة! * عندما يشتكي الناس من أحوالهم، ويعملون ليلاً ونهاراً لسد الرمق، ماذا تتوقع أن يحدث؟ يصبح الموت فرصتهم الوحيدة لالتقاط الأنفاس! * في أي "العباءات" تتدثر الآن؟ عَلَم بلادي! * في حياتك ما أثمن ما فقدتَ؟ وما أثمن ما كسبتَ؟ فقدتُ الزمن، وكسبتُ ذكريات جميلة تعطيني أملاً بأن للجمال بقية! * إلى أي مدى تتفاءل بمستقبل لا نياح ولا شكوى ولا تباكي فيه؟ يقولون "الحاضر حصاد الماضي وغرس المستقبل"، فماذا تتوقع أن يحصد مَنْ يبذر الشوك؟! * كيف يمكن أن ننشر العدل بين الناس، ونقمع الظلم اجتماعياً؟ بأن نعدل كفتَيْ الميزان! * طموحك أين يقف؟ حيث تصل آمالي!