كشف تقرير حديث صدر عن مؤسسة "باركليز ويلث" البريطانية، التي تُعَدّ إحدى أكبر المؤسسات الدولية في مجال إدارة الثروات، أن 78% من أغنياء منطقة الشرق الأوسط لديهم الثقة بقدرة أبنائهم على الحفاظ على ثرواتهم من بعدهم، في حين أن 35% من أغنياء العالم لا يملكون تلك الثقة. وبين التقرير أن40% من الأُسَر الغنية في العالم قد تشهد نزاعات حول الميراث. وأكد التقرير، الذي حصلت "سبق" على نسخة منه، أن الثروة المكتسبة هي مفتاح السعادة المالية، وليس التي تأتي عن طريق الميراث، وأن الثروة في كثير من الأحيان قد تكون بمنزلة سلاح ذي حدين، يسفر عن الارتياب والنزاعات بين الورثة. وكان التقرير، الذي صدر تحت عنوان "نقل الثقة: الثروة والخلافة في عالم متغير"، قد اعتمد على نتائج استبيان عالمي شمل أكثر من 2000 ثري، وأُجري بهدف دراسة عميقة لمواقف المستثمرين الأغنياء تجاه نقل الثروة والتخطيط لخلافة أبنائهم لهم، إضافة إلى التعرف على ما يحمله المستقبل للجيل القادم من مختلف القارات، كما هدف إلى رصد أبرز آراء الأغنياء حول انتقال ثرواتهم لأبنائهم من بعدهم، وإمكانية حدوث النزاعات العائلية بين الأبناء بعد وفاتهم. وأشار التقرير إلى أن نتائج الاستبيان أظهرت أن الأغنياء يثقون بقدرة أبنائهم أو أبناء أزواجهم في الحفاظ على ثرواتهم من بعدهم. وجاءت النسب وفق ما يأتي: (78%) منطقة الشرق الأوسط، (77%) إفريقيا، (75%) أمريكا اللاتينية، (59%) أستراليا، (61%) أمريكا الشمالية و(62%) أوروبا. وحول ما إن كانت الثروات التي يتركها الأغنياء بعد وفاتهم ستشكّل عبئاً على الأبناء أوضحت النتائج أن 29% من الأغنياء الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون بصحة ذلك؛ ما يبين ما لدى الآباء والأمهات الأغنياء من هواجس فيما يتعلق بثرواتهم من بعدهم. كما بيّن التقرير أن من نتائج الاستبيان وجود 90% من أغنياء منطقة الشرق الأوسط لديهم رغبة كبيرة في تخصيص صندوق ائتمان لأبنائهم؛ لتأمين مستقبلهم، لكن فيما يتعلق بالحصول على استشارة خبراء لوضع خطط لتوزيع الثروة للأبناء اختلفت آراؤهم بشأنها، وتعددت خيارات تخطيط وتوزيع الثروة مسبقاً. وأظهر التقرير أن الذين لديهم عدد أكبر من الأبناء أقل احتمالاً للتعرض للنزاعات العائلية على الميراث؛ حيث أفاد 47% منهم ممن ليس لديهم أبناء بأنهم قد شهدوا أن الثروة تؤدي إلى نزاع عائلي، بينما تبلغ هذه النسبة 32% لدى الذين لديهم أربعة أبناء أو أكثر. وكشف التقرير أن الأغنياء في العالم ما زالوا متمسكين بنقل ثرواتهم إلى أبنائهم، مع اعتقاد 4% منهم بعدم توريث الأبناء، في حين رأى 60% منهم أنهم في حاجة إلى قدر كبير من المشورة المتخصصة حين يعزمون على وضع خطة لتوزيع ثرواتهم لأبنائهم أو أبناء أزواجهم، مع تأكيد حاجتهم إلى خبير متخصص؛ ليرشدهم خلال عملية صنع القرار. كما وجد التقرير أن 70% منهم يعتقد أنه فيما يخص نقل الثروة يتعين تقسيم الأصول بالتساوي على الأبناء. هذا، وتناول التقرير أيضاً منظور الأغنياء في العالم حول التحديات التي تواجه الجيل القادم وما بوسعهم أن يفعلوه للاستعداد الأمثل للنجاح مستقبلاً، وفي هذا الجانب سجل "الاضطراب الاقتصادي" أكبر مخاوف الأغنياء على أبنائهم، مع إبداء 56% منهم قلقهم من مستقبل الاقتصاد "يعد هذا هاجساً مشتركاً بين جميع الأغنياء الذين شملهم الاستبيان"؛ الأمر الذي يعكس حجم المشاكل الاقتصادية العالمية في الوقت الحالي، وهو مرتبط بثالث أكثر الهواجس التي ذكرها المستطلَعة آراؤهم، وهي "فرص العمل"، التي تعتبر مصدر قلق في العالم أجمع. أما أكبر خمسة تحديات تواجه المستقبل من وجهة نظر الأغنياء فهي: الاضطراب الاقتصادي، التضخم، تزايد الضرائب (56%). رعاية المجتمعات التي تتقدم في السن (52%)، فرص العمل (51%)، تغير المناخ والمسائل البيئية (38%) وتزايد تكاليف التعليم (22%). أما فيما يخص المهارات التي يتعين على الجيل القادم التزود بها من أجل النجاح في الحياة فقد ذكر أهمية المواد التقنية مثل المعلوماتية والتكنولوجيا (68%) والعلوم (59%) والرياضيات (54%)، وذلك أكثر من ذكرهم المواد الإنسانية والفنون والآداب. ويوضح التقرير أن الأغنياء لديهم أفكار واضحة عن اللغات التي يتعين على أبنائهم تعلمها؛ حيث انعكس صعود الصين وأهميتها للأجيال القادمة في حقيقة أن 69% منهم يعتقد أن اللغة الصينية (المندرين تحديداً) هي أهم لغة ينبغي على الجيل القادم أن يتعلمها، وأن اللغة الصينية أهم بفارق بسيط من اللغة الإنجليزية، مع اعتقاد 68% منهم أن الإنجليزية لغة يجدر للأبناء تعلمها. وكشف التقرير أن الثروة ليست الشيء الوحيد الذي يمكن للآباء توريثه إلى أبنائهم؛ إذ إن مشاركة الرأي فيما يحمله المستقبل وإبداء المشورة في عوامل النجاح والمهارات اللازم لتزويد الأجيال القادمة بها من أجل تحقيق أهدافهم في الحياة تعتبر جميعاً أموراً مهمة لهم. وبيّن التقرير أن نسبة كبيرة من الأغنياء الذين شملهم الاستبيان يعتقدون بتزايد تأثير الصين وعولمة الصناعة، وهم متحمسون لرؤية الجيل القادم يستفيد من ذلك؛ للحصول على فرص أفضل في الحياة. الجدير بالذكر أن التقرير أجرته مؤسسة "ليدبوري للأبحاث"، واشترك في إعداده "باركليز ويلث"، وصدر تحت عنوان "باركليز ويلث انسايتس"، وتناول تأثير الثروة على الأُسَر وخطط أصحاب الثروات العالميين للتوريث مستقبلاً. وارتكزت الدراسة على حزمتي بحث رئيسيتين، أولاً: أجرت ليدبوري للأبحاث مسحاً شمل أكثر من 2000 من أصحاب الثروات الذين يمتلك كل منهم أكثر من مليون جنيه إسترليني (أو ما يعادله) في أصول قابلة للاستثمار و 200 من أصحاب الثروات الضخمة الذين يمتلك كل منهم أكثر 10 ملايين جنيه إسترليني. وتم اختيار المستطلعة آراؤهم عشوائياً من 20 دولة حول العالم، من أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية والشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ. وعقدت المقابلات خلال شهري يناير وفبراير 2011م، وفي التحليل ضمت كل دولة يقل عدد مستطلعي الرأي فيها عن 50 شخصاً إلى النتائج الإقليمية فقط. ثانياً: أجرت ليدبوري للأبحاث سلسلة من المقابلات مع أكاديميين ومتخصصين وخبراء من أنحاء العالم. تجدر الإشارة إلى أن "باركليز ويلث"، مؤسسة إدارة الثروات الرائدة عالمياً، أكبر مؤسسة في مجال إدارة الثروات في المملكة المتحدة البريطانية؛ حيث يصل إجمالي قيمة الأصول التي تديرها إلى 170 مليار جنيه إسترليني، وفقاً ل30 يونيو 2011.