أظهر تقرير عالمي أن 96 في المئة من أصحاب الثروات العالية في السعودية يعتمدون على القواعد والاستراتيجيات في عملية اتخاذ قرارات الاستثمار، ويقومون بتحديد مواعيد نهائية لتعاملاتهم المالية، في حين أن 90 في المئة منهم لديهم توجه أكبر للاستفادة من الخبراء الماليين لتحقيق الأهداف المالية، وفق تقرير أصدرته مؤسسة «باركليز ويلث» الرائدة في إدارة الثروات عالمياً. ووفق التقرير (حصلت «الحياة» على نسخة منها)، فإن 41 في المئة من أصحاب الثروات في العالم يرغبون في المزيد من ضبط النفس في تعاملاتهم المالية، على رغم كل ما يملكونه من ثروات، وتزيد الحاجة للانضباط المالي أكثر عند الأفراد الأكثر ثراءً، والذين تزيد ثرواتهم على 10 ملايين جنيه استرليني، إذ أظهر أكثر من 45 في المئة منهم، رغبة في أن يكون لديهم انضباط أكبر بشؤونهم المالية (الجنيه الاسترليني يساوي 6.16 ريال سعودي). ويكشف التقرير الذي يحمل عنوان «المخاطر والقواعد... دور ضبط النفس في اتخاذ القرارات المالية» عن مواقف أصحاب الثروات تجاه المخاطر وسلوكياتهم المالية. وتمثل هذه الدراسة استطلاعاً للتوجهات والأولويات المالية للأفراد من أصحاب الثروات حول العالم، وتشمل ما يزيد على 2000 من أصحاب الثروات العالية من أكثر من 20 دولة حول العالم. وأوضحت الدراسة أن «التداولات التي تقودها العاطفة قد تكبد المستثمرين خسائر تصل إلى 20 في المئة من العائدات خلال عشر سنوات، وأن الذين يلجأون إلى استخدام استراتيجيات في تداولاتهم يملكون ثروات أكبر بنسبة 12 في المئة من أولئك، الذين لا يستخدمون أية قواعد». وفي منطقة الشرق الأوسط، أظهر أصحاب الثروات العالية سلوكاً معقداً تجاه الاستثمار واتخاذ القرارات المالية. ففي الإمارات هناك نسبة عالية من أصحاب الثروات الذين يفضلون تفويض القرارات المالية (82 في المئة)، وأن أكثر من 76 في المئة منهم يعتقدون أن عمليات بيع وشراء بشكل متواصل تمكنهم من تحقيق نتائج ايجابية في الأسواق المالية. ويوضح التقرير أن قطر لديها أعلى نسبة بين جميع الدول في تفويض القرارات المالية (98 في المئة)، إذ يفضل أصحاب الثروات إدارة المحافظ الاستثمارية بشكل ناشط لتحقيق نتائج جيدة في الأسواق المالية، كما يفضلون اختيار توقيت الاستثمار في الأسواق بشكل استراتيجي عوضاً عن تبني استراتيجيات «الشراء والاحتفاظ»، ويفضل 42 في المئة من أصحاب الثروات في قطر التعامل بشكل سريع مع الاستثمارات السيئة، وحماية أنفسهم من مخاطر انخفاض قيمة الاستثمارات أكثر من الاستفادة من ارتفاع قيمتها. وعالمياً أظهرت الدراسة أن المشاركين في الاستطلاع من منطقة آسيا – المحيط الهادي لديهم رغبة أكبر في الانضباط المالي، لاسيما في تايوان وهونغ كونغ. وفي المقابل أظهر المشاركون في الأسواق المتقدمة رغبة أقل في الانضباط المالي كما هو في اسبانيا وأستراليا والولايات المتحدة. وقال رئيس وحدة سلوكيات التمويل لدى باركليز ويلث غريغ ديفيس: «يُفاجأ الكثير عند معرفتهم أن أصحاب الثروات لديهم رغبة في مزيد من الانضباط المالي، لكن الثروة المتزايدة تشهد تعقيداً متزايداً عند اتخاذ القرارات الاستثمارية. فالأمر الرئيس الذي يتوجب على المستثمرين أن يأخذوه في الاعتبار هو كيفية انسجام قراراتهم مع استراتيجية الاستثمار العامة الخاصة بهم. والأهم من ذلك هو كيف تتناسب هذه الاستثمارات مع حاجاتهم الفردية». وترى الرئيس التنفيذي لباركليز ويلث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سها نشأت، أن التقرير يقدم دراسة أكثر تعمقاً في فئات شخصيات المستثمرين الأثرياء في منطقة الشرق الأوسط، ويعطي أفكاراً رائعة حول سلوكهم المالي. أما بالنسبة إلى الانضباط المالي، فهناك رغبة للتحكم بشكل أكبر في الأمور المالية، مقارنة بالأسواق الأخرى. فالمستثمرون في هذه المنطقة هم أكثر تطوراً وطلباً لحلول إدارة الثروات. وتشكل هذه النتائج تحدياً مثيراً للاهتمام في عالم إدارة الثروات في منطقة الشرق الأوسط. ويكشف التقرير عن عقبة مثيرة للاهتمام وهي «التداول العاطفي»، الأمر الذي يؤدي بالمستثمرين إلى شراء الاستثمارات بسعر مرتفع وبيع بسعر منخفض، ما يكلفهم 20 في المئة من الخسارة في العائدات خلال عشر سنوات، وأعرب 32 في المئة من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع عن أن التداول بشكل منتظم أمر ضروري للحصول على العائدات المرتفعة، ولكنهم في الوقت ذاته أكثر قابلية للتداول بثلاثة أضعاف، وقال 46 في المئة من المشاركين في الاستطلاع إن العواطف هي ما يدفعهم إلى كثرة التداول التي يرون أنها سبب في الأداء الجيد. وبشأن اعتماد القواعد والاستراتيجيات، يظهر التقرير أن المستثمرين يستخدمون أنواعاً عدة من الاستراتيجيات لضبط عملية اتخاذ القرار، ويستخدمون القواعد في اتخاذ القرارات المالية (89 في المئة) أكثر من استخدامها في حياتهم اليومية (73 في المئة)، وأكثر تلك الاستراتيجيات شعبية هي استغلال فترات الهدوء (92 في المئة) ووضع المواعيد النهائية (90 في المئة). وتعد استراتيجية تفويض القرارات المالية للآخرين (73 في المئة) والحد من خيارات الاستثمار (66 في المئة) أقل شعبية، على رغم أن كلاً من الثروة الموروثة وارتفاع مستويات الثروة تؤديان إلى ازدياد احتمال الاعتماد على الآخرين، وتفويضهم باتخاذ القرارات المالية. وأوضح التقرير أن «الرغبة في مزيد من الانضباط المالي تنخفض بشكل واضح مع التقدم في العمر، إذ يرغب 53 في المئة من المستثمرين المشاركين في الاستطلاع ممن تقل أعمارهم عن 45 عاماً في ضبط مواردهم المالية بشكل كامل، في حين يرغب في ذلك فقط 26 في المئة من المستثمرين، الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً».