تتعدّد المشكلات وتتنوع في أعمدة الرأي، لكن بعضها يكون صادماً أحياناً، فها هو كاتبٌ يطالب مسؤولي جدة بإيقاف تدنيس مقابر موتانا بمياه الصرف الصحي، التي انتهكت حرمة الموتى، فيما يعتبر كاتبٌ آخر أن "التفحيط" ظاهرة إجتماعية، ومرض نفسي يجب ألا نشغل مجلس الشورى السعودي، بمناقشته، قبل أن تعلن كل الجهات الحكومية المسؤولة أنها فشلت في علاجها. كاتب: يا مسؤولي جدة .. أوقفوا تدنيس مقابر موتانا بمياه الصرف الصحي
يعلن الكاتب الصحفي د. محمود إبراهيم الدوعان في صحيفة "المدينة" انزعاجه الشديد لغرق مقبرة في جدة بمياه الصرف الصحي، متسائلاً عن المسؤول عن انتهاك حرمة الموتى، بعدما انتهكت حرمة الأحياء، ففي مقاله "مياه الصرف.. وحرمة الأموات!!" يقول الكاتب "طالعتنا جريدة المدينة الغراء في عددها الصادر يوم الأربعاء 21 /11 /1432ه وفي صفحتها الأولى بخبر مفاده (الجوفية تغرق مقبرة بجدة والأهالي ينقلون موتاهم).. هكذا خبر لا يمكن أن يمر مرور الكرام دون أن يكون هناك تساؤلٌ حول هذا الموضوع، وكيف تم هذا؟ ومَن المسؤول عن هذا العبث الذي لحق ضرره بالأموات بعد أن عانى منه كثيراً الأحياء، من كثرة ما يطالبون بإنقاذهم من هذه المأساة الممثلة في طفح مجاري الصرف الصحي وتسرّبها في الشوارع والطرقات، حتى وصلت إلى داخل المنازل وغزت خزانات مياه الشرب في بعض الأحياء، أمانة جدة ترمي باللائمة على شركة المياه الوطنية، والشركة ترد الكرة إلى ملعب الأمانة وتتنصل من المسؤولية، وجهات الرقابة والمتابعة غائبة، والناس المتضررون من هذه المشكلة ينادون بأعلى أصواتهم دون مجيب، ولم تتدخل أية جهة لعلاج هذه المعضلة التي أصبحت تؤرّق معظم أهالي جدة، وأصبح يعاني منها الصغير والكبير". ويمضي الكاتب قائلاً "هذه المأساة بكل ما تحمله من إيذاء وصلت للأموات في داخل قبورهم". ويعلق الكاتب مستنكراً "ألا يوجد للأموات حرمة؟!!، وقيمة ومقدار يحفظه لهم الأحياء بعد أن صاروا إلى رب كريم؟ أسألكم بالله العظيم: هل يسهل على أي واحد منّا أو كائن من كان أن يضع جثمان أحد أحبابه، أو أقربائه، أو من يعز عليه، في قبر مليء بالمياه الآسنة؟ ألا يُعذر أهالي كيلو (14) أو غيرهم من نقل جثث أمواتهم إلى مواقع أخرى بعيداً عن الجوفية وما يخالطها من مياه آسنة؟". وينهي الكاتب مناشداً "إننا نطالب أمانة محافظة جدة والشركة الوطنية للمياه، أو أية جهة أو جهات أخرى كانت مسؤولة عن هذا الوضع غير اللائق بحق الأموات، أن يقوموا بعمل مسحٍ شاملٍ لجميع مقابر محافظة جدة، وأن يعيدوا تأهيل قبورها، التي لحقها الضرر من جرّاء تسرُّب المياه إليها، وتصريفها فوراً، إن وجدت، وعمل الضمانات اللازمة بحيث لا تتكرر المشكلة مرة أخرى، ولا تدنس القبور بهذه النجاسات التي تضايق أرواح المسلمين، وتلحق الضرر النفسي الكبير بأبنائهم وأقربائهم ومحبيهم".
" القاسمي": "التفحيط" مرض نفسي فشلت الجهات المسؤولة والمجتمع في علاجه
يرفض الكاتب الصحفي علي القاسمي في صحيفة "الحياة" أن نشغل مجلس الشورى السعودي، بظاهرة إجتماعية كالتفحيط، قبل إعلان كل الجهات الحكومية المسؤولة أنها فشلت في علاجها، مشيرا إلى أن التفحيط "مرض نفسي"، وظاهرة اجتماعية محزنة تمدّدت بالصمت والإهمال وتقلصت بفعل ضعف الرقابة وتذبذب الحساب، وفي مقاله "(التفحيط) إلى.. الشورى!" يتساءل الكاتب "هل التفحيط هواية أم مرض نفسي؟ لأنه لا بد أن نكون متفقين مسبقاً بأنه واحدٌ من الظواهر الاجتماعية المحزنة والتي تمدّدت بالصمت والإهمال وتقلصت بفعل ضعف الرقابة وتذبذب الحساب"، ويجيب الكاتب بقوله "لنأخذها في المقام الأول على أنها هواية، كما يحب البعض أن يقول ولكم أن تحضروا لي هواية على مستوى العالم تذهب بالفئة العمرية إلى الموت أو الإعاقة في بضع ثوان، فضلاً عن أن تجارب العائدين من ميادين «التفحيط» تثبت أن ممارسي الهواية وجزءاً من المتابعين ليسوا في الحالة الطبيعية للإنسان السوي ويذهب بهم هذا الجنون الشبابي إلى بؤر فساد ومراتع جريمة بالتدريج". ويمضي الكاتب "ولو سلمنا بأن «المدعو/ تفحيط» ليس هواية بقدر ما هو مرض نفسي، فإن المحاربين كثر والمدافعين أكثر حتى لا نصم ونصف شريحة عريضة من شبابنا بالمرضى النفسيين، ونحن أشد ما نغضب ونتوتر حين يصفنا أحد ما بالعبء المرض النفسي"، ثم يعلن الكاتب رأيه قائلاً "ما يجب أن نتفق عليه أيضاً هو أن «التفحيط» ظاهرة كان أم هواية أم مرضاً نفسياً لا يستحق أن يصل لطاولة مجلس الشورى لأن ذلك ليس شأناً من شؤونه، لا بد أن يمر على عديد من الجهات ذات العلاقة مروراً مباشراً وتتجرأ هذه الجهات في إعلان فشلها في مقاومة ومجابهة الظاهرة ثم نسحب الجَمَل بما حمل للطاولة المكتظة بالأوراق والأعضاء". ويضيف الكاتب "أما أن نرمي كل ظواهرنا وقضايانا الاجتماعية في خط سير مجلس الشورى فذلك يستدعى تأجيلاً لأوراق مهمة وملفات أكثر سخونة وإشغالاً للرأي العام بما يجب أن يعالج ويفرمل منذ وقت مبكر". ويؤكد الكاتب رفضه ويقول "ما أنا ضده أيضاً أن يقف المواطن وجهاً لوجه مع مجلس الشورى كفاصل أخير.. لشكاوى متكررة حول بعض من مظاهر الإزعاج والفوضى الاجتماعية التي هي في متناول اليد؟". وينهي الكاتب بقوله "نحن بحاجة لأن ينغمس المجلس وأعضاؤه في مناقشة القضايا الكبيرة، ويتركوا الناس وقضاياهم البسيطة التي تستند إلى الثقافة الشعبية والتدليل الزائد للبوابات العديدة التي تتسمر في الخلف".