أكد عدد من المخططين والاقتصاديين ل"سبق" أن تأثيرات تطبيق تعويضات "إعانات" البطالة لها أبعادها الاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية الإيجابية، لكنها في نفس الوقت قد تحمل بعض الجوانب السلبية على تقليص حجم البطالة بشكل عام ودفع الشباب للعمل. ويؤكد الدكتور إبراهيم المنيف، الخبير والمخطط الاستراتيجي، أن عدم صحة المعلومات المتداولة حالياً يثير الكثير من الجدل حول الحجم الحقيقي للبطالة في السوق السعودية، فالأرقام المعلنة مضللة ولا توجد إحصاءات دقيقة يعتمد عليها في تحديد حجم البطالة الحقيقي في المملكة، ففي حين تقدر بعض المصادر حجمها بنحو 20% من سوق العمل، تقدرها مصادر أخرى بنسبة لا تتعدى 12%، وتحددها جهات رسمية ب "8,5 %"، بين الشباب من الجنسين الباحثين عن عمل ولا يجدونه. ويشير المنيف إلى أن وزارة العمل أعلنت مؤخراً أن عدد طالبي إعانة البطالة تجاوز أكثر من مليوني طلب من الجنسين، وحددت موعد صرفها بداية العام الهجري الجديد "بداية شهر محرم القادم"، بمبلغ وقدره 2000 ريال شهرياً؛ وهذا قد يجعلها تصرف لبعض الحالات التي قد لا تستحق إعانة البطالة وتحرم بعض المستحقين منها، في حين أن التدريب المتخصص لهؤلاء الشباب يكون أكثر إيجابية ومنفعة وفائدة للاقتصاد بشكل عام على المدى الطويل. ومن جانبه يرى الدكتور إبراهيم الحامد، أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك سعود، أن المشكلة لا تكمن في تحديد حجم المكافأة ولا شروط صرفها، بل في أهمية تشجيع الشباب على العمل؛ فالسوق السعودية تتوفر بها وظائف بالملايين يشغلها وافدون يفترض أن تكون متاحة لأبناء الوطن، فعلى سبيل المثال عندما تدفع بعض الدول تعويضات البطالة للعاطلين فذلك لأنها تعاني من كساد اقتصادي. ويطالب الحامد بأن تدفع التعويضات المقررة للشباب السعودي لمساعدتهم على تحمل تكاليف المعيشة، ولكن يجب أن تمنح لهم وفق شرط أن يبحث العاطل بشكل جدي عن عمل حتى لا يكون عالة على المجتمع. ومن جانبه يرى الدكتور عبد العزيز داغستاني الخبير الاقتصادي، أن التعويضات هي عامل إيجابي في الحد من الانحرافات والمشكلات الأمنية والاجتماعية، وهذا هو الهدف الأسمى منها، لكن سيكون لها أثر ايجابي كبير لو يتم صرفها على سعودة وتوطين الوظائف على اعتبار أن البطالة الحالية هي بطالة شباب تخرج حديثاً من التعليم العام، وانخرط في سوق العمل مباشرة؛ لذلك فالحل لبطالتهم يكون بالتدريب المستمر وفق متطلبات سوق العمل، فدفع التعويضات بهذا الشكل قد يجعل بعضهم يتكاسل في البحث عن فرص العمل. وفي ذات السياق يرى الاقتصادي راشد الفوزان أن هناك جدوى اقتصادية كبيرة من دفع إعانات البطالة للباحثين عن عمل؛ لأنها ستفيدهم في تلبية الحد الأدنى من احتياجاتهم، لكن وجود 9 ملايين وافد يؤكد أن الخلل في السوق السعودية، وهذا ما يجب أن يركز على إصلاحه أولاً بالتدريب الموازي لمتطلبات سوق العمل المحلية من القوى العاملة. أما أستاذ الاقتصاد بجامعة القصيم الدكتور محمد العبيشي فيذكر أن الخطوة الأولى في خريطة الطريق العملية لتوطين الوظائف في السوق السعودية، يجب أن تبدأ أولاً بإنشاء قواعد معلومات وطنية إلكترونية متكاملة وحصرية عن قوة العمل الوطنية وتحديد أسباب الخروج من هذه القوة، وكذلك تحديد أسباب الدخول لقوة العمل الوطنية "العاملون والباحثون عن العمل". ويؤكد د. العبيشي أن هذه القواعد المتكاملة ستكون أفضل وسيلة عادلة لتحديد من يستحق ومن لا يستحق تعويض البطالة، كما أنها ستخدم جوانب أخرى مهمة جداً. الجدير بالذكر أن خادم الحرمين الشريفين قد أصدر أوامره بصرف إعانة للباحثين عن العمل، وتشكيل لجنة عليا لدراسة موضوع البطالة بشكل عاجل، والرفع بتوصياتها للمجلس الاقتصادي الأعلى لإقرارها تمهيداً للعمل بها؛ لوضع حلول عملية وسريعة للبطالة في القطاعين الحكومي والخاص.