تحدّث إمام وخطيب جامع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بحي الشاطئ بجدة نواف عبدالعزيز الحارثي، خلال خطبته الجمعة اليوم، عن التحالف الإسلامي الذي أعلنته المملكة وقدرته على معالجة المشكلات، والتغلب على التحديات، وكف المعتدين، ورفع الظلم عن المظلومين؛ مشيراً إلى أن للاجتماع والتحالف على الحق والخير فوائد عظيمة، ومنافع كثيرة؛ فهو سبب للفوز والقوة، والسعادة والعزة، في الدنيا والآخرة؛ مبيناً أن الاجتماع على الخير لا يترك للشر مسلكاً، ولا الإجرام منفذاً، ولا يزيد الباطل إلا زهوقاً. وقال "الحارثي"، خلال خطبتة بحي الشاطئ: إنه نِعم التحالف لمعالجة المشكلات والتغلب على التحديات الراهنة؛ مبيناً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعثته، كان هناك حلف تداعت إليه قبائل من قريش؛ فاجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان؛ فتعاقدوا وتعاهدوا على ألا يجدوا بمكة مظلوماً من سائر الناس إلا قاموا معه، وكانوا على مَن ظلمه؛ حتى تُرَدّ عليه مظلمته، وسُمّي بحلف الفضول.
وتابع: "أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على هذا التحالف فقال: "لقد شهدتُ في دار عبد الله بن جدعان حِلفاً ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أُدعى به في الإسلام لأجبت"، وكان حلف الفضول أكرم حلف سمع به وأشرفه في العرب.
وبيّن "الحارثي" أن للمسلم على المسلم حقوقاً كثيرة؛ منها: نصرته، ودفع الضر عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه)، ومعنى لا يُسْلِمه أي: لا يتركه مع من يؤذيه؛ بل ينصره ويدفع عنه؛ فمن أفضل أوجه التعاون على الخير وأهمها: التحالف نصرة للمستضعفين، وإغاثة للملهوفين؛ قياماً بحقهم، ودفاعاً عنهم، ونهوضاً بواجبنا نحوهم، وحفظاً لمصالح الناس أجمعين".
وأردف: "إن للاجتماع والتحالف على الحق والخير فوائد عظيمة، ومنافع كثيرة؛ فهو سبب للفوز والقوة، والسعادة والعزة، في الدنيا والآخرة؛ لأنه من التواصي بالحق، وأن من منافعه أن الله تعالى يردّ به عدوان المعتدين، قال سبحانه: "وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله، هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين"، وإن بالاجتماع على الخير لا يجد الشر مسلكاً، ولا الإجرام منفذاً، ولا يزداد الباطل إلا زهوقاً، وإن التحالف لنشر الأمان من أوجب الواجبات، وألزم الضرورات التي يفرضها الشرع الحنيف؛ لأن الإسلام جاء ليدل الناس على أسباب السعادة، ويبشر المحسنين بجنة الخلد وزيادة.
وشكر "الحارثي" لله عز وجل، على ما أنعم به علينا من وحدة وتحالف، وتوافق وتآزر، يعبّر عن رؤية سديدة وثاقبة للقيادات التي كوّنت التحالف الإسلامي، وانضمت إليه؛ للوقوف حاجزاً منيعاً أمام ما يهدد استقرار البلدان من تطرف واعتداءات آثمة، لا تفرق بين وطن وآخر، ولا تقيم وزناً للقيم والمبادئ، والحق والعدل؛ فكان هذا التحالف ضرورة شرعية، وحاجة واقعية؛ لحفظ كيان الأمة في حاضرها، وحماية مقدراتها في مستقبلها.
واختتم: "إن التحالف الإسلامي الذي شاركت فيه أغلب الدول الإسلامية خطوة رائدة غير مسبوقة في التاريخ المعاصر، وهو نقطة تحول في مجريات الأحداث، وقد جاء ردعاً للمجرمين والبغاة المارقين، ودحراً للمتطرفين، وتمكيناً للحق والدين، وكانت هذه البلاد المباركة أول الدول الداعية إلى تضافر الجهود، وإيجاد تنسيق مشترك لاجتثاث بؤر التطرف؛ انطلاقاً من مبادئ شرعنا الحنيف الذي يرفض الإرهاب والتطرف بكل صوره وأشكاله جملة وتفصيلاً"؛ داعياً أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأن يمتعه بالصحة والعافية ويوفق نائبيْه لما يحب ويرضى، وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يُديم الأمن والأمان.