أبدى رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، "الأمير تركي الفيصل"؛ استغرابه من تقاعس العالم عن وضع حد للإبادة التي يقوم بها "بشار الأسد" في سوريا، مؤكداً أنه لا بد من معاقبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وقال: إن الجميع مسؤولون جزئياً عن تعرض الشعب السوري للبطش؛ لعدم القدرة على مساعدة الشعب السوري؛ حيث ستبقى سوريا للأسف مسرح دماء خلال عام 2016. جاء ذلك خلال جلسات المنتدى الإستراتيجي العربي إلى استشراف المستقبل السياسي للعالم العربي، واستضافت الجلسة "الأمير تركي الفيصل"، والبروفيسور "غسان سلامة" أستاذ العلاقات الدولية في معهد العلوم السياسية في باريس.
وتوقع "الأمير تركي الفيصل" أن عام 2016 سيشهد تعنتاً أكثر من قبل إيران بدلاً من التوافق مع جيرانها ودول العالم.
وأكد أنه يختلف مع القول: إنه لا بديل للاتفاق النووي سوى الحرب، فلو أن الدول "الخمس زائد واحد" التي فاوضت إيران شملت دول المنطقة في المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق يتبنى حظر أسلحة الدمار الشامل في المنطقة بأكملها؛ لكانت البديل الأمثل واللبنة الأولى لاتفاقيات أكثر ثباتاً. وأكد "الفيصل" على ضرورة أن يتناول أي اتفاق مسألة نزع أسلحة الدمار الشامل في المنطقة.
وشدد "الفيصل" على أنه يجب على المنطقة بناء قدراتها في المجال النووي؛ كي تكون قادرة على مواجهة ما سيحصل عند انتهاء مدة الاتفاقية بعد عشر سنوات أو 15 سنة، وإيران بالتأكيد تجهز نفسها لذلك، وقال: لا يجب أن نخاطر بالتغاضي عن سؤال: ماذا ستفعل إيران بعد انتهاء مدة الاتفاقية؟ ويجب أن نشرع بالتدريب والتعليم وتهيئة البنية الأساسية، كانت الإمارات سبَّاقة في ذلك؛ حيث شرعت ببناء المفاعلات النووية وتأهيل أبناء وطنها، ويجب أن يكون لدينا القدرة البشرية للاعتماد على الذات لنكون جاهزين للمستقبل.
وتطرق إلى تكوين تحالف إسلامي جديد قائلاً: أحمد الله أنني عشت لأرى هذا اليوم الذي سيكون فيه مستقبل شبابنا وبناتنا محمياً في الدول الإسلامية، وفي صدرها الأمة العربية، وفي قلبها دول مجلس التعاون.
واستذكر "الأمير تركي الفيصل"، تعليق وزير الخارجية السعودي السابق "سعود الفيصل"، الذي تطرق قبل وفاته إلى وضع العالم العربي ووصفه بأنه يشبه حالته الصحية؛ يحتاج إلى علاج، في إشارة منه إلى تداعي هذا الوضع.
وقال: إن هذا الوضع سيستمر في العام القادم، ولكن لا يدعو ذلك للتشاؤم؛ فالأمل كبير بشباب الأمة لأن ينهضوا بها وأن يتجنبوا ما ارتكبته الأجيال السابقة من أخطاء، فإن لم يكن لهم يد بتغيير الأوضاع فلمن تكون!.. فهم أصحاب المصلحة من أبناء وبنات الوطن في تحقيق ما نصبو إليه جميعاً.
وحول التغيرات السياسية قال "تركي الفيصل": إنها كبيرة لا شك، ومن أهمها التدخل الروسي، الذي توقع أن يستمر في العام القادم. ولكن التساؤل هو: هل التدخل في مصلحة سوريا؟ وقال "الفيصل" إنه رغم تأكيد المسؤولين في سوريا على ذلك، نرى أنه سيزيد تعقيد المشكلة ولا يسهم في حلها فالوضع سيستمر في تأزمه.
وتابع "الفيصل" قائلاً: إن الإرهاب يشملنا جميعاً، ودول العالم كلها مسؤولة عن وضع حد لهذا الأمر، ولكن الطريقة المتبعة في الغرب، والآن في روسيا، تتمثل بعلاج أعراض الإرهاب وليس مسبباته؛ فمشكلة العراقوسوريا موجودة في العواصم نفسها، وهو ما أدى لنشوء داعش وغيرها وتمركزها ونشرها لوبائها علينا كلنا؛ فالقصف الجوي لن ينهي الأزمة، وأتمنى أن نسعى في العام القادم لإصلاح الوضع في الدول المتداعية.
أما فيما يرتبط باليمن فقال "الفيصل": إن دول التحالف تقوم بواجبها تجاه إخوانها المظلومين في اليمن في وجه ما قامت به ميليشيات الحوثي وعلي عبدالله صالح من لصوصية في الاستيلاء على الدولة اليمنية وحقوق اليمنيين، وتوقع أن تعمل "عاصفة الحزم" على إعادة الوضع إلى ما يجب أن يكون عليه.
وحول العراق قال "الفيصل": العراق لا يزال يعاني من تبعات تصرفات القيادات المتتالية بعد الغزو الأمريكي الذي تسبب بتدمير البنية الأساسية للدولة وساهم فيما يشهده العراق من تفكك وتشرذم وحرب أهلية، وكذلك تصرفات حكومة "المالكي" التي استبعدت السنة العرب.
وأشار إلى أن حكومة "عبادي" أعلنت برنامجاً لتصحيح الوضع، ونرجو لها التوفيق. وعلى أرض الواقع فإن الشيء الإيجابي هو الهبة الشعبية ضد الحكومة، وفي العام القادم سيكون أثرها واضحاً وستعيد مسار الحكومة العراقية كي تستوعب الجميع، ليس فقط في مكافحة الإرهاب إنما في إنماء العراق، ونرجو أن نسترجع العراق العربي الحر المسلم الذي يكون رصيداً لنا بدل أن يكون عبئاً.