لم يتحمل مدير التعليم بمحافظة الطائف بعض المداخلات التي صدرت من قِبل مجموعة من الطلاب، الذين التقاهم في مسرح الإدارة يوم الاثنين الماضي، بعد تنسيق مسبق مع مديري المدارس الثانوية لاختيار المتفوقين والطلاب الذين يرونهم مناسبين للالتقاء بمدير التعليم، ونقل همومهم، والتحدث معه في حوار شامل. لكن وفقاً لمقاطع الفيديو التي تم تداولها أمس بشكل مكثف على وسائل التواصل الاجتماعي، لم يتحمل مدير التعليم بمحافظة الطائف مداخلات الطلاب الواعين، الذين تحدثوا معه بكل شفافية وصراحة، وهو ما ينبغي أن يكون من خلال المكاشفة والمصارحة. وكان لسان حال المعلمين بعد أن شاهدوا مقاطع الفيديو: "هذا لو يحضر حصة بعد الفسحة في مدارسنا وش يصير فيه"!!
يأتي هذا في الوقت الذي طالما ظهر فيه مدير التعليم بمحافظة الطائف، منذ بداية استلامه إدارته، وهو يكثر من إرسال التعاميم، كما يكثر من عقد اللقاءات مع المشرفين والمعلمين على وجه الخصوص، وإبلاغ إدارات المدارس بالمحافظة بعدم معاقبة الطالب، وهذا نظاماً لا بد الالتزام به، لكنه يواصل تنبيهاته للمعلمين بعدم إخراج الطالب من الفصل، وعدم تعنيفه بأي وسيلة التعنيف، وخصوصاً "اللفظي" منها، ولا حتى التخويف.
وحق للطلاب الذين كان الأغلب منهم "متفوقين" في مدارسهم أن يطرحوا العديد من التساؤلات في ذلك اللقاء الذي جمع بينهم وبين الأب، الذي من المفترض أن يتحمل أبناءه، لكن الواقع كان مختلفاً جداً؛ إذ أخذ يتوعد أحدهم، ويطلب منه البقاء، وعدم المغادرة للقائه، بعد أن كان قد أخافه إثر الإجابة عن سؤال ورد ضمن الحوار: ما الفرق بين المدرسة الأهلية والمدرسة الحكومية؟ ليجاوب الطالب بقوله: "أنت تتهرب من السؤال. ليش الطلاب بالمدارس الأهلية يحصلون على درجات عالية، والمدارس الأهلية ترفع معدلاتهم ونحن لا؟". ليقاطعه مدير التعليم: "اسمك إيش أنت"، ثم كررها أكثر من مرة، حتى أنه أخبره باسمه، وأنه من ثانوية الحوية، وقال له: "من سمح لك بالمداخلة"، ثم عاد وقال "اسمك ايش قلتلي"، وأعاد اسمه له، وقال مختتماً مداخلته: "أنا أبغاك بعد الجلسة"!
ذلك اللقاء تم توزيع خبره لجميع الصحف عن طريق رجال الإعلام التربوي، الذين اقتصر حضورهم فقط للقاء دون توجيه الدعوات لمحرري الصحف كما كان يُعمل به في حال المناسبات التي يرغبون في تغطيتها إعلامياً؛ ليخرج بعدها ذلك الخبر الذي مفاده: طالب المدير العام للتعليم بمحافظة الطائف الدكتور محمد بن حسن الشمراني بتفعيل الأدوار المهمة لطلاب المرحلة الثانوية؛ للتصدي للشائعات، وعدم المساهمة في نشرها استشعاراً لقيمنا الدينية والوطنية.
جاء ذلك خلال اللقاء المفتوح الذي جمع المدير العام بأبنائه الطلاب في المرحلة الثانوية على مسرح الإدارة، بحضور مشرفي الإرشاد والتوجيه والمرشدين الطلابيين. وتحدّث الدكتور الشمراني عن الدور المهم الذي يعول فيه كثيراً المجتمع على أبنائنا الطلاب للمساهمة في مكافحة الشائعات، وعدم المساهمة في نشرها. وقال: ليكن هدفنا البناء لا الهدم. وأضاف: يجب أن نستشعر نعم الله علينا في هذا الوطن، ونعمل على نمائه وازدهاره. وتابع: إنكم يا فئة الشباب تشكلون النسبة الأكبر في المجتمع والوطن، والقيادة تبني عليكم آمالها وتطلعاتها في التطوير.
كما تضمن اللقاء حواراً بين الدكتور الشمراني وأبنائه الطلاب؛ إذ تقدم الطلاب بعرض استفساراتهم ومطالبهم، وتولى الدكتور الشمراني الرد على تلك الاستفسارات.
من جانبهم، انتقد المتابعون لتلك المقاطع التي ظهرت أمس، وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، ذلك الأسلوب الذي تعامل به مدير التعليم مع طلابه، وقالوا: كان مخيفاً لأبنائه، فكيف الحال النفسي لمن طلب أسماءهم من الطلاب وهم مقبلون على الاختبارات؟! كان من الأجدر النزول لعقليات هؤلاء الطلاب إن كان يرى أنها لا تتناسب وغير لائقة. والحقيقة تقول غير ذلك؛ فمن خلال استفساراتهم وأسئلتهم اتسمت بالصراحة والشفافية وطرح الحقيقة والمكاشفة دون التخفي بحثاً عن حلول ومعالجة همومهم، دون نهرهم وعدم الاكتراث لما يقولون، أو السخرية منهم.