اعتبر مدير مستشفى الصحة النفسية في جدة الدكتور سهيل خان أنه من الجحود الحديث عن مسلسل إهمال داخل المستشفى، وقال في حوار مع "سبق": نعمل وفق الإمكانيات المتاحة، ونقدم خدمات عديدة تتراوح كفاءتها بين الجيد والممتاز. مضيفاً: "الإعلام لا يركز إلا على النصف الفارغ من الكأس، نحن بشر نخطئ ونصيب وليس من الإنصاف وصف أخطائنا النادرة بمسلسل إهمال". وأفصح الدكتور خان أن مستشفى الصحة النفسية بجدة نالت السبق عن كافة المستشفيات النفسية في المملكة بتقديم خدمة الطب المنزلي للمريض وأهله، مشيراً إلى أن المستشفى يسعى حالياً لافتتاح الأقسام الداخلية التي تمت صيانتها وترميمها، منها قسم العلاج الآمن "السجن" وأقسام النساء وأقسام العلاج بالعمل. وأعرب عن أسفه لأن النظرة إلى المريض النفسي لم تتغير كثيراً، مؤكداً أن المرأة أكثر عرضة لاضطرابات العاطفة والوجدان من الرجل، بينما يصاب الرجل بشكل أكبر باضطرابات الذهان والسلوك وتعاطي المخدرات. وفيما يلي تفاصيل الحوار:
نشر الثقافة والتوعية ** المرض النفسي من أخطر الأمراض التي يتعرض لها الفرد، كيف يتم التعامل مع المريض؟ وهل هناك تواصل مع أسر المرضى؟ تعتبر الإصابة بالاضطرابات النفسية "وليس الأمراض النفسية" أكثر شيوعاً من كثير من الأمراض العضوية، مثل الربو وارتفاع ضغط الدم، وعليه فإن من أساسيات التعامل مع المريض النفسي هو أن ننطلق من نشر الثقافة والتوعية الطبية للمجتمع مع توفير سبل التواصل المناسبة للمريض وذويه بضمان السرية في المعلومات وتلقي العلاج حسب أحدث الطرق العلمية الحديثة. ويوجد داخل المملكة العربية السعودية عدد لا بأس به من المستشفيات للصحة النفسية والعيادات الخارجية والأقسام الطبية النفسية في بعض المستشفيات العامة والتخصصية التي تقدم هذه الخدمة للمريض النفسي. خدمة الطب المنزلي ** ما أحدث البرامج التي يتم تنفيذها داخل المستشفى مع المرضى؟ مستشفى الصحة النفسية بجدة نالت السبق عن كافة المستشفيات النفسية بالمملكة بتقديم خدمة الطب المنزلي للمريض وأهله، فقد تم البدء في هذا البرنامج منذ عام 1429 ه بشكل رسمي, حيث تمت خدمة عدد 86 مريضاً حتى حينه بواقع عدد من الزيارات المنزلية تجاوزت 1600 زيارة، ما أسهم بشكل كبير في تخفيف العبء على المستشفى وذوي المرضى في الحاجة إلى تنويم المريض داخل المستشفى وبالتالي أسهم أيضاً في إبقاء المريض داخل جو الأسرة بشكل أفضل، ومن البرامج المقدمة برنامج (التثقيف الصحي) من خلال قسم العلاقات العامة والإعلام بالمستشفى. عقد النظافة **هناك من يتحدث عن سوء النظافة داخل مستشفى الصحة النفسية بجدة، ما ردكم؟ تم مؤخراً رفع قيمة عقد صيانة مستشفى الصحة النفسية إلى الضعف تقريباً، وعليه نتطلع إلى تحسن مستوى النظافة بشكل لافت وملحوظ بإذن الله تعالى. لا مسلسلات ولا أفلام ** نسمع بين الحين والآخر عن مسلسل إهمال لا ينتهي داخل المستشفى، ما تعليقك؟ لا يوجد لدينا مسلسلات ولا أفلام، مستشفى الصحة النفسية يعمل وفق الإمكانيات المتاحة، ويقوم العاملون فيه بتقديم خدمات عديدة تتراوح كفاءتها بين الجيد والممتاز، ومن الجحود إنكار ذلك من قبل الإعلام الذي لا يركز إلا على النصف الفارغ من الكأس، نحن بشر نخطئ ونصيب وليس من الإنصاف وصف أخطائنا النادرة بمسلسل إهمال. المستشفى الجديد ** ما الذي ينقص مستشفى الصحة النفسية بجدة حتى تصبح على المستوى المطلوب؟ إنشاء المستشفى الجديد الذي تم اعتماده من قبل الوزارة والذي ستصل السعة السريرية فيه إلى 500 سرير مع توفير الكوادر المؤهلة لسد حاجة مقتضى الخدمة المقدمة. كوادر مؤهلة ** هل لديكم كوادر مؤهلة بشكل يتناسب مع المريض النفسي واحتياجاته؟ نعم لدينا ذلك ونتطلع إلى المزيد، وهذا يشمل الأطباء والصيادلة والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين والتمريض المدرب والمؤهل للتعامل مع المريض النفسي. دار الإخاء ** سمعنا عن "دار الإخاء" ماذا تم فيها وما دورها بالتحديد؟ وهل نقص الكوادر المؤهلة هو السبب وراء عدم ظهورها حتى الآن؟ "دار الإخاء" لناقهي الأمراض النفسية أنشئت بقرار من مجلس الوزراء الموقر وتهدف إلى تقديم الخدمة لفئة المرضى النفسيين الذين يعانون من الإزمان في مرضهم مثل مرضى الفصام العقلي والذين لا يستطيعون رعاية شؤونهم الخاصة والعامة ويفتقدون للدعم الأسري ويشغلون الأسرة داخل المستشفيات أو يفترشون الأرصفة في الشوارع، وسوف يتم افتتاح الدار في أقرب فرصة ممكنة بعد تجهيزه وتوفير الكوادر الفنية المناسبة له بإذن الله تعالى. الدعم النفسي ** سمعنا أن هناك نسبة لا يستهان بها من الأسر ترفض استلام ذويهم، كيف يتم التعامل معهم؟ يتم التعامل معهم بكل الطرق العلمية الحديثة الممكنة منها إخضاع ذوي المرضى للتثقيف الصحي المناسب والذي يتضمن شرح حالة المريض ومفهوم المرض بشكل عام وطرق علاجه اللازمة، ودورنا كمستشفى وكجهة حكومية في تقديم العلاج والدعم النفسي والاجتماعي المناسب بحيث يتم ضمان إعادة المريض وقبوله داخل أسرته، بالإضافة إلى إخضاع المريض لبرنامج الطب المنزلي الذي يكفل لأسرته وصول الفريق الطبي إلى مريضهم ومتابعته ورفع التقارير عنه وإيصال الدواء إليه مع التأكد من مواصلته تلقي العلاج وبالتالي ضمان عدم انتكاسته. الرجل والمرأة **هل تختلف طبيعة المرض النفسي بين الرجل والمرأة، وأيهما أكثر عرضة للمرض النفسي بشكل أكبر؟ نعم تختلف، فمثلاً المرأة تعد أكثر عرضة لاضطرابات العاطفة والوجدان من الرجل، بينما يصاب الرجل بشكل أكبر باضطرابات الذهان واضطرابات السلوك وتعاطي المخدرات أكثر من المرأة. تركة ثقيلة ** استلمتم تركة ثقيلة، فما هي خطتكم للنهوض بمستشفى الصحة النفسية بجدة؟ أتطلع وزملائي داخل مستشفى الصحة النفسية أن تكون خدماتنا مميزة في نطاق الخدمة التي نقدمها، ونسعى حاليا لافتتاح الأقسام الداخلية التي تمت صيانتها وترميمها منها قسم العلاج الآمن (السجن) وأقسام النساء وأقسام العلاج بالعمل. نظرة خاطئة ** دائماً كان يصور لنا الإعلام المريض النفسي في المسلسلات والأفلام على أنه شخص منبوذ لا يتقبله المجتمع، فهل تغيرت هذه النظرة؟ مع الأسف لم تتغير هذه النظرة إلا بشكل طفيف، فقد لاحظنا وجود شرائح قليلة ومختلفة من المجتمع لديها نظرة واقعية غير سيئة عن المريض النفسي ويشاركوننا وإياكم الهم في رفع الوصمة عن المريض النفسي. فرق علاجية ** كيف يتم تأهيل المريض النفسي عند الشفاء للتعامل مع المجتمع، وهل يمكن بسهولة أن يعود المريض النفسي مرة ثانية للتفاعل مع الحياة المجتمعية؟ بشكل عام يستطيع الغالبية العظمى من المرضى النفسيين العودة إلى سابق حياتهم الإيجابية شريطة تبصرهم بالاضطراب النفسي الذي يعانون منه وما يتطلبه ذلك من تلقي العلاج العقاقيري والنفسي اللازمين من قبل الفرق العلاجية بشكل احترافي مميز مع ضرورة إشراك ذويهم في الخطط العلاجية التي يخضعون لها. جوانب إيجابية ** أخيراً، ما الرسالة التي تريد توصيلها من خلال "سبق"؟ أوجه رسالتي إلى وسائل الإعلام بأن تسلط الأضواء أيضاً على الجوانب الإيجابية المقدمة من المستشفيات التابعة لوزارة الصحة بما فيها مستشفيات الصحة النفسية، كما أوجه رسالتي إلى ذوي المرضى وأقول لهم: "تعاونوا معنا فأنتم جزء لا يتجزأ من الخطة العلاجية لمرضاكم".