تسود حالة من القلق الكثير بين الأسر مع اقتراب عيد الفطر المبارك؛ وذلك لمخاطر الألعاب النارية (الطراطيع) التي تُباع في الخفاء من قِبل بعض الشباب في منطقة البلد، مشددين على دور أولياء الأمور في عدم السماح للأطفال بشراء الألعاب النارية، ولافتين إلى أن براءتهم تجعلهم عرضة للإصابات الخطيرة الناتجة من شظاياها مسببة بذلك الحروق وتلفاً في شبكية العين، بالرغم من ملاحقة الجهات الأمنية بشرطة محافظة جدة للباعة. محرر "سبق" قام بمحاولة انتحال صفة "زبون" للكشف عن تلك المجموعات (المحترفة) في بيع الممنوعات بطرق حديثة عدة؛ حتى لا توقعهم بشباك الأجهزة المختصة، وعن كيفية الشراء والاستلام وحجم المبالغ.
محرر "سبق" عند ذهابي إلى منطقة البلد، وبالأخص برحة باب شريف، التي تعتبر وكراً لبيع الألعاب النارية الخطرة من قبل عمالة وافدة من جنسيات عربية، بدأت نظراتهم لي وتحركاتهم الغريبة خوفاً من أنني أتبع إحدى الجهات المختصة. وحاولت أن أكون أكثر هدوءاً، وأبدي ابتسامات؛ حتى لا أرسم القلق حولي؛ وأستطيع الوصول لهم.
وبعد عشر دقائق من الوقوف تقدَّم لي أحد الأطفال، ويدعى "أحمد" - بحسب قوله -، لا يتجاوز عمرة 12 عاماً، وهو يشير بيده بحركة خاصة تدل على بيع (الطراطيع)، وأخذ يتحدث معي: "من أين أنت؟ وبكم تريد الشراء، وما الكمية..؟". وأخبرته بأنني أريد مقابلة البائع ومشاهدة البضاعة، فرد بالرفض تماماً قائلاً: "الحكومة مشددة هذا الموسم".
الاختيار عبر الجوال وطلب مني اختيار البضاعة عبر مشاهدة الصور بالهاتف المحمول، وأخذ يعرض الصور، وبها قرابة مائة نوع من الألعاب النارية. وبعد الانتهاء طلبتُ منه أربعة أنواع، وطلب مني الدفع مقدماً، والانتظار حتى وصول البضاعة والتسليم.
مكان التسليم عند وصول وتجهيز البضاعة طلب مني الطفل "أحمد" الذهاب معه إلى أحد الأزقة البعيدة قليلاً عن برحة "باب شريف"، وتأكد أنه ليس هناك من يتبعنا، وبعد أقل من كيلومتر وصلنا إلى زقاق يعتبر نقطة تسليم، وحينها التقينا شاباً، ومعه أحد الأكياس لإحدى ماركات الملابس العالمية؛ لكي لا يلفت النظر بذلك.
موسمنا ويقول "أبو محمد"، أحد البائعين هناك: "موسم بيع الألعاب النارية يبدأ في رمضان، ثم يزداد البيع بشكل كبير في العشر الأواخر لقرب عيد الفطر المبارك".
وأضاف "أبو محمد": "الربح اليومي يختلف بحسب الأوضاع الراهنة. ويتأرجح الدخل اليومي من 1500 إلى 2500 ريال".
وأشار إلى أنه في المواسم السابقة كان الدخل أكبر من ذلك بحكم وصول البضاعة بشكل جيد.
الحارات والأزقة وذكر "سالم القحطاني" أن "باعة هذه الطراطيع يستغلون ولع الأطفال بأصواتها وألوانها لجعلهم زبائن دائمين لديهم دون أي اعتبار لما قد يصيبهم من ورائها من خطر". مؤكداً أن "باعة هذه الألعاب يوجدون بصفة خاصة في الحارات والأزقة للابتعاد عن الأعين. كما أن هناك بعض المحال الصغيرة أيضاً تبيعها في الخفاء، وكذلك هناك من يشترونها من باعة الجملة، ويبيعونها بأسعار خيالية".
وأشار القحطاني إلى أن دويّ المفرقعات النارية يعكر صفو سكان الأحياء بأصواتها المزعجة التي تقض مضاجعهم، خاصة في الليل، وتستمر حتى الفجر.
من جانبها، حذرت المديرية العامة للدفاع المدني من مخاطر الألعاب النارية والمفرقعات التي يلهو بها الشباب والأطفال، وما قد ينجم عنها من حوادث قد تتسبب في عواقب وخيمة.
فيما قال "عوض المحمادي" عن أنواع الصواريخ والطراطيع التي تباع في السوق: "هناك أنواع عديدة، وأسعارها مختلفة حسب النوعية، ويحصل الباعة على هذه الألعاب عن طريق التجار، وهم تجار كبار، وذلك بالرغم من مراقبة رجال الأمن والدفاع المدني؛ لأن تلك الرقابة ليست رقابة صارمة".
شديدة الانفجار ويضيف "المحمادي" بأن "الباعة في الغالب من النساء، ويتجمعن بالقرب من مناطق التجمعات التجارية في أوقات متغايرة باستمرار، وزبائنهن بالعادة من الأطفال والمراهقين. والعجيب أن هناك رجالاً يشترون لأطفالهم بأنفسهم، وكأنهم لا يعلمون أخطار هذه الألعاب على أبنائهم، خاصة أن بعض هذه الألعاب شديدة الانفجار، ولا تُستخدم إلا خارج المدينة في النزهات البرية".
ويقول "أحمد مجرشي": "بحكم معرفتي بالسوق، وكثرة ترددي عليه، أرى أن الطراطيع والصواريخ بشتى أنواعها منتشرة منذ سنوات، ومع بداية شهر رمضان تحدث حملة وضجة داخل السوق، ويراد بها التسويق ورفع السعر نظراً للإقبال على الألعاب النارية؛ لأن رمضان هو الموسم الحقيقي لمثل هذه الألعاب.. وأسعارها في ارتفاع".
وعن أخطارها قال: "إن سوء الاستخدام يماثل إعطاءك طفلاً مراهقاً سيارة.. أكيد سوف يسبب كوارث، كذلك الألعاب النارية".
ويضيف "مجرشي" بأن "معظم الباعة يستغلون أيام العيد للبيع. وبلا شك لها أضرار وإزعاج، وربما يحدث منها حرائق كبيرة".
تحذيرات الدفاع المدني وكثفت المديرية العامة للدفاع المدني، بالتنسيق مع الدوريات الأمنية وأمانات المدن والبلديات، من جولاتها لضبط المفرقعات والمتفجرات التي تباع في محال لعب الأطفال والبقالات، وعبر الباعة المتجولين، مؤكدة تطبيق الإجراءات النظامية بحق من يثبت تورطه في بيع أو تخزين هذه النوعية من المفرقعات والألعاب النارية.
وأوضحت أن "استخدام الأطفال لهذه الألعاب النارية المتفجرة، التي تعرف (بالطراطيع)، له مخاطر كبيرة؛ فقد تتسبب في بتر أصابع الأطفال، أو تهتك في أنسجة العين حال وصول شظايا هذه الألعاب إليها، فضلاً عن إمكانية تسببها في اشتعال الحريق". مؤكدة ضرورة مراقبة أولياء الأمور للأطفال، وعدم السماح لهم بشراء (طراطيع العيد) أو العبث بها، ولاسيما أن أصنافاً كثيرة منها ذات قوة تفجيرية شديدة، وتفتقر لأبسط مقومات الأمان والسلامة في استخدامها لتدني مواصفات تصنيعها؛ ما يجعلها عرضة للانفجار تلقائياً في حال تعرضها لدرجات الحرارة العالية أو الاحتكاك بالأسطح الخشنة.