لا يزال تنفيذ القرارات الملكية بغرض التخفيف عن المواطنين يشغل الكتاب، فيؤكد أحدهم أن "البنديين" في وزارة الشؤون الاجتماعية في انتظار رد صالح العمير مدير عام الشؤون الإدارية والمالية بالوزارة، حول السبب في عدم تثبيتهم حتى الآن، وفي رسالة تتفجر حزناً تكتب سوسن ابنة الكاتب الصحفي الراحل محمد صادق دياب، رحمه الله، إلى أبيها متسائلة: "من الذي مات؟ أنت أم أنا؟". كاتب سعودي: "البنديون" في وزارة الشؤون الاجتماعية في انتظار رد العمير يتناول الكاتب الصحفي قينان الغامدي في صحيفة "الوطن" مشكلة عدم تثبيت موظفي وموظفات البنود في وزارة الشؤون الاجتماعية طبقاً للأمر الملكي، مشيراً إلى أنه والبنديين في انتظار رد صالح العمير مدير عام الشؤون الإدارية والمالية بالوزارة، لتفسير عدم تثبيتهم. يقول الكاتب: "في وزارة الشؤون الاجتماعية عدد لا بأس به من الموظفين والموظفات على البنود، البنود هي (105 – الأجور- المستخدمين – دعم الفروع الإيوائية – قوة المشروع – الصيانة والتشغيل)، الأمر الملكي الذي صدر بتثبيت جميع العاملين على البنود من الجنسين وفي جميع الجهات كان واضحاً وصريحاً ولا لبس فيه، فهو يشمل جميع البنود دون استثناء، ومنذ صدوره بادرت كافة الجهات كما أعتقد وكما أسمع وأقرأ إلى التعميم على موظفي وموظفات البنود لتعبئة الاستمارة الخاصة بذلك.. هذا ما تم كما هو المفترض في كل الوزارات والإدارات، ولكن في وزارة الشؤون الاجتماعية -كما يقول البنديون والبنديات فيها- كأن الأمر الملكي لم يحدث نهائياً"، ويمضي الكاتب راصداً ما حدث بالوزارة، حيث اكتشف البنديون "أن الأستاذ العمير بصفته المسؤول الأول عن الموضوع بدأ مشواراً جديداً غير مفهوم وغير منطقي، حيث بدأ يخاطب (رسمياً) وزارة الخدمة المدنية عن بعض البنود في وزارته، هل ينطبق عليها الأمر الملكي أم لا، وتناسى بقية البنود التي فهم أن الأمر يشملها يعني جمد الجميع، وطبعاً الخدمة المدنية لم ترد عليه حتى الآن وأرجوها ألا ترد لأن الأمر واضح وضوح الشمس: الأمر يشمل جميع البنود وجميع البنديين -وحتى لا تسألني عن الإناث- وجميع البنديات، وللمزيد من الإيضاح جميع الموظفين والموظفات على جميع البنود. أظن الأمر اتضح!". وفي محاولة الكاتب لمعرفة سبب عدم تثبيتهم اتصل الكاتب بالعمير، وقدم تفاصيل المكالمة فقال: "كنت سأسأل: لماذا لا تستكملون إجراءات البنديين والبنديات في وزارتكم ولماذا تسألون الخدمة المدنية والأمر الملكي واضح وضوح الشمس، وجاءت مكالمة الأستاذ العمير، الذي استمع إلى سؤالي أو أسئلتي مشكوراً، فنفى في البداية أن يكون ذلك صحيحاً، وقال الاستمارات أرسلت، ولكن ربما لم تصلهم بعد، قلت إذن البريد هو السبب وسأكتب ذلك، قال لا ليس البريد، وأردف إذا كنت تريد معلومات دقيقة فابعث لي خطاباً أو خاطب العلاقات العامة في الوزارة، قلت ولكني أسمعك الآن فلا داعي للخطابات، فقال معلوماتك غير صحيحة، فقلت وما الصحيح قال: اكتب لنا ونرد عليك، وشكرته على اتصاله". وينهي الكاتب بقوله: "وها أنا أؤمل من الأستاذ العمير أن يعتبر هذا المقال خطاباً شخصياً له، أرجو أن يقرأه ويرد عليه تحريرياً كما هي رغبته، سيما والبنديون والبنديات في الوزارة ينتظرون إجابته بشوق بالغ". سوسن محمد صادق دياب في رسالة إلى أبيها: "من الذي مات؟ أنت أم أنا؟" في خواطر مشحونة بتفاصيل علاقتها بأبيها، كتبت سوسن محمد صادق دياب في صحيفة " الشرق الأوسط" رسالة، ترسم العلاقة الحميمة بين الكاتبة وأبيها، ومدى الحزن الذي لفها لفقده، حتى تساءلت: "من الذي مات؟ أنت أم أنا؟"، ففي رسالتها تبدأ الكاتبة بعبارة تجسد قيمة الأب في الأسرة وتقول: "كنت أظن أنك مجداف حياتي.. فأدركت برحيلك أنك كنت القارب والموج والنهر.. كنت الحياة التي أسدلت عيناي الجفون عليها ونامت في أحضان رائحتك حتى استيقظت غريقة بين سواد عباءات النساء وبياض ثياب الرجال"، وهذه القيمة تزيد حجم الفقد لدى الكاتبة التي تقول: "تبعثرت أمام أيام تشهد على رحيلك وخيال ما زال يؤمن بالعودة.. لملمت شملي بلهفة أم تطمئن على صغارها وبحثت في قلبي عما تبقى منك.. فوجدت أن الحنان.. الحب.. الدفء يبكون فراق الأمان.. فركض خيالي يبحث عنك خلف المكتب.. فوق السرير.. حول صغاري.. ولكنني أدركت أن القدر تركك كالحلم الجميل.. أراك بين غفلة وأخرى، عائداً بشماغك الأحمر وساعتك الواسعة وصوت سلامك يُنبض البيت فرحاً". ثم ترصد الكاتبة تفاصيل يوم من حياتها مع والدها، وتقول: "ذلك اليوم الذي عزفت فيه أصابعك على مفاتيح الكومبيوتر لتسطر ذاك الرائع (أبحث عن ذلك المدعو أنا) أعاد إلينا نحن أيضاً ملامح نعشقها.. ملامح جعلتني أغرق في خزانة ثيابك.. رائحة عطرك.. وسادتك لأبحث عنها.. ملامح طرت من أجلها لأحضانك، على أمل أن تعيد لنا حياة الفرح والطمأنينة.. وهي نفس الملامح التي جعلتني يوم غد أجزم بجنوني.. فهل من عاقل يقطع كل هذه المسافات، تاركا أمان حياته خلفه؟ هل من عاقل يمكن أن يصدق أن لابنتك سوسن وطنا أنت لست فيه؟". ومع توالي الذكريات، تركض الكاتبة ملتاعة بين الحلم المشحون بلحظاتها مع والدها، وواقع الفقد المرير، وتقول: "تسابقت دموعي على صورتك..وخنق الاشتياق قلبي فصرخ الوجدان مستغيثا.. باااابااااا.. بابا الذي أصبح من حياة ندور حولها إلى صور وذكريات ورائحة ملابس وكثير من الأغراض الشخصية.. ومن بين كل هذا ما زلت أبحث عنك حلماً أو حقيقة.. بشراً أو خيالاً على أمل أنه ما زالت هناك بقية.. بين مفترق الطريق أغمضت عيني وتذوقت كلماتك وأقدمت من دون سحرك ضد الوقوع في الحفر.. فسقطت عشرات المرات ضياعاً.. ألماً.. جوعاً على نبلك.. وبكيت مئات المرات على أمل أن يعيدك الحنان.. لتمسح دموعي.. لكي تلتفت.. علك ترى الخوف الذي أعد أوراقه ومستنداته لكي يقيم عندي بصفة رسمية و(قانونية) أيضا بعد أن قرأ نبأ رحيلك في الصحف.. لعلك ترى الفرح الذي ودعني عند الباب قائلا: كيف تريدينني أن أبقى وأصبر وقد أخذ أبوك الصبر معه وذهبا ولن يعودا لأنهما لا يعرفان طريق العودة.. لعلك ولعلك ولعلك". وفي النهاية تصطدم الكاتبة بحقيقة موت الأب، فتتأمل هذه الحقيقة وتنتهي بتساؤل عن تبادل الأماكن والأدوار بين الأحياء والأموات وتقول: "الكل ميت يا أبي.. أدرك تماماً هذه الحقيقة..هناك من يموت ولا يبكي عليه أحد.. وهناك من يموت ولكن يموت من يبكي عليه.. أجبني لو سمحت: من الذي مات؟ أنت أم أنا؟".