بدأ المزارعون في منطقة المدينةالمنورة عملية جني محصول التمور لهذا العام تزامناً مع قرب إطلالة شهر رمضان المبارك، لتلبية الطلب المتزايد على التمور التي تعد إحدى أهم المنتجات الغذائية الأساسية في رمضان، بعد أن أسهم الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة خلال الفترة الماضية في نضوج أنواع الرطب بمزارع نخيل المدينةالمنورة. وتدفقت خلال الأيام الماضية كميات كبيرة من الرطب إلى السوق المركزي بالمدينةالمنورة كباكورة إنتاج هذا العام، في حين ينتظر أن تشهد الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك تدفق كميات أكبر من التمور إلى السوق التي لا تخلو منها مائدة إفطار المسلمين اقتداءً بهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ويشهد سوق التمور بالمدينةالمنورة هذه الأيام تدفقاً كبيراً من المواطنين، والمقيمين، وزوار المدينةالمنورة لشراء مختلف أنواع التمور المعروضة، خاصة الرطب، وتمر عجوة الذي أوصى به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
وذكر المواطن محمد الحربي أن ارتفاع درجة الحرارة الذي شهدته المدينةالمنورة منذ بدء الصيف ساعد على نضج أنواع معينة من التمور من أبرزها لونة مساعد، والحليّة، والربيعة، والروثانة، مبيناً أن بقية أصناف تمور المدينةالمنورة تنضج تباعاً خلال الأيام اللاحقة من فصل الصيف، حتى شهر رمضان المبارك.
وراجت خلال الفترة الماضية أساليب حديثة لتسويق منتجات تمور الصيف خاصة "الرطب" حيث دأب تجار التمور من الجنسين على عرض منتجاتهم عبر وسائل عدة منها شبكات التواصل الاجتماعي الاسنتجرام، والتويتر، والفيسبوك، وغيرها، وأسّس العديد منهم قاعدة كبيرة من الزبائن من خلال استخدام هذه التقنيات الحديثة، إذ مكنتهم من توفير كثير من الوقت والجهد.
وتحرص العديد من العائلات على شراء كميات وفيرة من الرطب وتغليفها جيداً منذ وقت مبكر من الآن، ليتم تخزينها في ثلاجات مخصّصة لها في المنزل لتحتفظ بجودتها لفترة طويلة وتستخدم فيما بعد، بينما يستفيد من هذه الطريقة أصحاب المحال الغذائية الذين يبيعون التمور بعد انقضاء فترة جني محصولها خلال فصل الصيف.
وفيما لاتزال طريقة البيع التقليدية للتمور تفرض نفسها في سوق المدينة المركزي من خلال الاستعانة بأصوات مكبرات الصوت لجذب أعداد المتسوقين الجائلين في السوق، برزت طريقة بيع حديثة للتمور عن طريق " الإنترنت" والمعروفة بين المتسوقين بالشراء عن بعد، إذ يرى المتابعون للسوق أن هذه الطريقة أتاحت للبائعين أسلوباً جديداً لترويج منتجاتهم بطريقة أسرع، والخروج من دائرة التنافس المحمومة بينهم في مقر السوق.
ودفعت هذه الطريقة الحديثة العديد من النساء إلى اقتحام سوق التمور الذي ظل بيعه حكراً على الرجال على مر السنين، من خلال الترويج لمنتجاتهن المعتمدة على التمور عبر مواقع إلكترونية خاصة بهن، وجعلت منتجات التمور تزدهر بطرق تطويرية دخلت فيها المعجنات، والحلويات.
ويقول المواطن تركي العوفي أحد ممتهني أسلوب البيع الإلكتروني للتمور: إن الترويج للتمور إلكترونياً يمثل وسيلة جيدة لبيع أي منتج كالتمور، لاسيما وأن كثيراً من الزبائن خارج المدينةالمنورة يبحثون عن شراء تمور المدينة خاصة العجوة، وتمكنهم هذه الطريقة من الاطلاع على أصناف التمور التي يتم عرض صورها على الموقع الخاص بالبائع ليشاهدوا بسهولة المنتجات ويختاروا ما يريدون، ثم يتواصلون مع البائع بكل سهولة.
وأضاف أن عملية البيع تتم بناءً على الثقة المتبادلة بين الطرفين، بحيث يبادر المشتري بتحويل المبلغ إلى حساب البائع، ويتولى الأخير شحن الكمية المطلوبة إلى عنوان صاحب الطلب.
وتشكّل تمور العجوة التي يتأخر جني محصولها لمنتصف فصل الصيف أحد أكثر أصناف التمور طلباً وأغلاها ثمناً في المدينةالمنورة، إذ يصل سعر الكيلوجرام منها إلى 120 ريالاً، بينما تتفاوت أسعار هذا النوع من التمر المديني بحسب حداثة حصاده، وحجم حبة التمر، ويتدنى سعره إلى نحو 45 ريالاً للكيلو الأقل جودة.
وتحل ّالتمور في صدارة المنتجات التي يحرص زوّار المدينةالمنورة على اقتنائها خلال رحلتهم الإيمانية إلى مسجد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يمثل لهم قيمة روحانية كبيرة كونه يأتي من مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم، في حين تشكل مبيعات التمور النصيب الأكبر من حجم الشحنات الخارجية من المملكة خاصة خلال موسمي الحج والعمرة، إذ يحرص الآلاف من ضيوف الرحمن وزائري المسجد النبوي الشريف لاسيما من تركيا، وباكستان، ومصر، ودول عربية وأفريقية عدة على شراء كميات من التمور وإرسالها إلى بلدانهم.
وعلى الصعيد الرسمي؛ يسعى العديد من أبناء المدينةالمنورة إلى الاستفادة من مبادرة "صنع في المدينةالمنورة" التي دشنها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة مؤخرا ً، لدعم وتشجيع صناعات المدينةالمنورة ذات الجودة المعتمدة، وتطوير قيمتها المضافة عبر توعية المستهلك بميزتها وأًصالتها، وحمايته من المنتجات التي لا تعكس أصالة وبركة المدينةالمنورة، فضلا عن دعم تلك المنتجات والإسهام في ترويجها محلياً ودولياً.