استغرب نائب رئيس شركة أرامكو السعودية سابقًا، والكاتب المتخصص في شؤون الطاقة المهندس عثمان الخويطر ما يتم تداولة عن سهولة الاستغناء عن النفط ، قائلاً : إن من أغرب ما نسمع ونقرأ في وسائل الإعلام، الظن باحتمال استغناء المجتمع الدولي عن المصادر النفطية، مشيرًا إلى ضرورة المعرفة بأن أي بديل للمشتقات النفطية سوف يتطلب بناء بنية تحتية جديدة ومكلفة، مطمئنًا بأنه لا خوف من النفط الصخري على مستقبل إنتاجنا فهو غير منافس. وكشف الخويطر في محاضرته بعنوان "الوضع النفطي.. الحاضر والمستقبل" والتي ألقاها اليوم في مجلس حمد الجاسر الثقافي وأدارها الدكتور إحسان بوحليقة أن الاحتياطي النفطي لمعظم دول الأوبك تم رفعه عشوائيًا خلال الثمانينات بنسبة تتراوح بين 30 إلى 50 % لكل دولة دون وجود اكتشافات جديدة ولا مبررات فنية، مضيفًا: والغريب أن أغلب تلك الأرقام ظلت ثابتة حتى اليوم، موضحًا أن بداية الإنتاج يتدفق السائل النفطي من الآبار صافيًا لمدة قد تصل 15 عامًا وبعدها يبدأ تسرب الماء مع الإنتاج فترتفع نسبة الماء تدريجيًا خلال سنوات الإنتاج لتصل إلى 80 و90 % من كمية إنتاج البئر، وهذا يعني أن كمية الإنتاج في النصف الأخير من الكمية القابلة للإنتاج، ليس فقط مكلفًا بل إن كمية الإنتاج نفسها تتضاءل إلى حد كبير.
وشدد على ضرورة المبادرة في التخطيط للتوجيه نحو مصادر الطاقة المتجددة على نطاق واسع، وعلى وجه الخصوص الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى جانب المرافق النووية لمن لديهم الإمكانات التقنية والقوى البشرية المدربة، لافتًا إلى أنه من شبه المؤكد على المدى البعيد أن العالم سوف يعاني نقصًا شديدًا في مصادر الطاقة بوجه عام ونقصًا في الإمدادات النفطية بشكل خاص، على اعتبار أن الطلب على المشتقات النفطية سوف يظل مهيمنًا على الساحة الدولية، وذلك على الرغم من المحاولات التي تظهر اهتمامًا خاصًا بتحويل نسبة من وسائل النقل إلى الطاقة الكهربائية.
ولفت الخويطر إلى أن الحقول التي تمد العالم اليوم بمعظم المصادر النفطية سيدخل إنتاجها مرحلة الانخفاض حيث تكون قد فقدت الكثير من كميات إنتاجها وبلغت تكلفتها مستوى مرتفعًا، مما يضع معظمها في مصاف النفط غير التقليدي من حيث التكلفة وكميات الإنتاج.
وأرجع أسباب انخفاض النفط لوجود فائض لا يزيد على 2 % من كمية السوائل النفطية المعروضة والتي تتراوح بين 93 إلى 94 مليون برميل يوميًا حيث يتميز الوضع النفطي حاليًا بالهبوط غير الطبيعي للأسعار إلى مستوى متدنٍ لم يكن متوقعًا في مثل ظروفنا الحالية، وفقد ما يقارب 60 % من قيمتها خلال بضعة أشهر، وستبلغ خسائر المنتجين ما يزيد على التريليون دولار سيذهب معظمها إلى جيوب كبار المستهلكين.
وعن مصادر النفط غير التقليدي أكد المحاضر الخويطر أن إنتاج النفط الصخري اليوم محصور في أمريكا الشمالية فقط، أما خارج أمريكا فلن يكون إنتاجه اقتصاديًا ما دامت الأسعار عند مستوى أقل من 130 دولارًا للبرميل، وقد استطاعت أمريكا أن ترفع إنتاجها من الصخري إلى ثلاثة ملايين ونصف المليون برميل يوميًا، ولكن بثمن باهض، وذلك عن طريق حفر ما لا يقل عن أربعين ألف بئر، وسيصل ذروته في العام 2020 ويعتقد بعض المراقبين انخفاض تكلفته مع تقدم التكنولوجيا.
وحذّر خبير الطاقة من أن الوضع السائد قد لا يدوم طويلاً، فإما أن يحصل تغيير في سياسات الإنتاج نحو الخفض، أو أن ينمو الطلب العالمي إلى مستوى يفوق العرض، وكلاهما كفيل بإعادة الأسعار إلى الارتفاع في غضون سنوات قليلة، موضحًا أنه قد مضى ما يزيد على خمسة وأربعين عامًا دون أن يتم اكتشاف حقل واحد متوسط الحجم حول العالم من النوع التقليدي.