فُجعت جدة مساء أمس الأول بمصرع الطفل عبدالله هاني (خمس سنوات) غرقاً بعد وقوعه في حفرة صرف صحي تابعة لإحدى العمائر الفندقية، تقع بشارع أم القرى بحي الصفا، ولقي منيته داخلها، في واقعة تعد الخامسة التي تشهدها جدة في غضون الأشهر القليلة الماضية. وبنبرة الحزن والأسى ودموع عابرة روى ل"سبق" والد الطفل تفاصيل الحادثة كاملة وآخر المستجدات.
قال والد الطفل إنه تم الصلاة على الغريق بعد العشاء بمسجد فلسطين، ودفنه بمقبرة بني مالك مساء أمس بعد استلام الجثة من الطب الشرعي عقب التأكد من عدم وجود أي اعتداء أو عنف.
وأشار إلى أن والدته كانت حريصة أن يصلَّى عليه بالمسجد الحرام، ثم يدفن، ولكن لضيق الوقت لم يتم ذلك.
تنازلي لوجه الله وأكد والد الطفل أنه تنازل عن أي طرف تسبب في وفاة طفله لوجه الله فقط، مشيراً إلى أن أموال الدنيا لا تعوضه عن طفله عبدالله الوحيد بعد خمس سنوات زواج، وتمنى من الله أن يرزقه بطفل آخر، يُدخل إلى قلبه الفرح.
وذكر والد الطفل تفاصيل الواقعة بقوله: كنت أمس الأول في لقاء صديقي الذي يعمل في أحد صوالين الحلاقة برفقة طفلي عبدالله، وكنا نتبادل الأحاديث المختلفة، وعند وصول الساعة إلى ال12 منتصف الليل أردت الذهاب إلى منزلي، وخرجت من باب المركز وعبدالله بجانبي، وكان هناك صهريج لشفط مياه الصرف الصحي، وكان الحفرة قريبة من المركبة، وعند صعودي لسيارتي لم أشاهد عبدالله؛ فقمت بالبحث عنه، وتوقعت أنه عاد إلى المركز مرة أخرى.
حذاء طفلي وتابع بقوله: عند مشاهدة حذاء ابني عند طرف حفرة الصرف تأكدت أنه سقط بها.
حينها جن جنوني، ولم أصدق أنه وقع؛ وقمت بإدخال كامل جسمي داخل البالوعة؛ لعلي أمسك به، أو أشعر بوجوده، وأردت النزول، ولم يدعني المارة لفعل ذلك، وحينها توقعت وفاته.
وقال والد الطفل: قبل ليلة وفاته ذهبت لتسجيله في إحدى المدارس شمال جدة مبكراً؛ لكي أضمن مقعداً دراسياً للترم الدراسي القادم، وكان فرحاً جداً بذلك، ويردد "بابا أنا أحب المدرسة". كنت أزرع فيه حب الدراسة والعلم والمعرفة منذ الصغر.
عاشق للسيارات وقال والد الطفل إن عبدالله كان عاشقاً للمركبات والمحركات بأنواعها كافة، وما كان يرضى بهدية إلا سيارة.
ويحفظ عبدالله أسماء الشركات، وخصوصاً الرياضية، وأراد أن يكون سائقاً محترفاً في المستقبل برياضة السيارات.
كما تابع بقوله إن عبدالله كان يرافقه بكل مكان بحكم عمله مندوباً في إحدى الشركات التجارية "ولا يتركني لحالي أبداً، وجميع زملائي يستمتعون بوجوده، وكان يلازمني بجميع الصلوات في المسجد، وفي الصباح الباكر من كل يوم يقوم بتشغيل السيارة، ويمسح الزجاج لمحبته للسيارات".
وحيد العائلة وبيّن والد الطفل أن عبدالله رُزق به في أول عام لزواجه قبل خمس سنوات "وهو وحيدي، وليس لدي أطفال آخرون".
وأكد أن والدة الطفل تمر بحالة نفسية صعبة، ولم تذق طعم النوم منذ وفاته، وتردد اسمه طيلة اليوم حسرة عليه.
تكفُّل الشركة بالعزاء وقال والد الطفل إنه تلقى اتصالاً من إدارة الشركة، تعلن تكفلها بإقامة العزاء داخل مقر الشركة، وتحمُّل المصاريف كافة.
وأشار الوالد إلى أن هذه اللفتة ليست مستغربة من أهل الوفاء أبناء السعودية الكرام.
وقال ل"سبق" أحد أقارب سائق الصهريج إن السائق يبلغ من العمر 50 عاماً، وهو موقوف الآن بالسجن، وهو حزين جداً على ما حدث، قائلاً إن ذلك قدر الله، وأكد أنه لم يكن يعلم بوجود الطفل بالقرب من الحفرة؛ إذ إنه كان موجوداً عند موتور الشفط وقت سقوطه.
لا شبهة جنائية ومن جانبها، نفت الجهات الأمنية بجدة وجود أي شبهة جنائية في قضية الطفل المصري الذي لقي حتفه غرقاً بخزان للصرف الصحي بحي الصفا شمال جدة.
وأوضح الناطق الإعلامي بشرطة منطقة مكةالمكرمة، المقدم دكتور عاطي بن عطية القرشي، أن مركز الشمالية بشرطة محافظة جدة باشر التحقيق مع الجهات الأمنية الأخرى بشأن حادثة سقوط الطفل في خزان الصرف الصحي.
وقال: من خلال سماع الأقوال وشهادة الشهود، وكذلك تقرير الطبيب الشرعي، لم يتضح وجود شبهة جنائية في الوفاة. مشيراً إلى أنه جرى تسليم جثمان الطفل لوالده لإكمال إجراءات دفنه.