أكد وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي، أن موقف المملكة في سوق النفط العالمية يستند إلى التزامها بالاحتفاظ بطاقة إنتاج احتياطية من أجل المحافظة على استقرار الأسعار والأسواق، على حد سواء، ولديها سياسة واضحة ومتسقة على الدوام تتمثل في توخي الاعتدال في جميع القرارات التي تتعلق بسوق النفط العالمية. وأوضح في كلمته في اجتماع المائدة المستديرة الوزاري الآسيوي الرابع المنعقد حاليا بالكويت أن المملكة صاحبة أكبر احتياطي نفطي منخفض التكلفة في العالم وأكبر منتج ومُصدِّر للمواد البترولية السائلة مكنت حالة الاستقرار المالي والسياسي فيها من الوصول إلى طاقة إنتاجية تبلغ 12.5 مليون برميل من الزيت الخام في اليوم والمحافظة عليها ما يوفر غطاء احتياطياً يبلغ نحو 3.5 ملايين برميل في اليوم زيادةً على مستويات إنتاجها الحالية التي يتم تعديلها تبعاً لظروف السوق العالمية. وقال إن منطقة آسيا تحتل مكانةً مهمة ومرموقة بالنسبة للمملكة من حيث العلاقات في مجال الطاقة، حيث لا تزال علاقات المملكة بالأسواق النفطية في المنطقة تزدادُ قوةً ومتانةً على مر السنين وساعدت المملكة والدول الخليجية الأخرى المنتجة للنفط على دفع عجلة التنمية في منطقة آسيا عبر تزويدها بحصص كبيرة من الطاقة التي تحتاجها لدفع مسيرة التطور والازدهار في المنطقة، مشيراً إلى أنه مع تزايد معدلات النمو الاقتصادي في دول آسيا فقد زادت صادراتنا من البترول لهذه الدول حيث تحظى السوق الآسيوية حالياً بنحو ثلثي صادرات المملكة من الزيت الخام. وزاد أن المملكة هي أكبر مورد للنفط للأسواق الرئيسية في المنطقة مثل الصين واليابان وكوريا والهند وتايوان، ونظراً لحجم الاحتياطيات ومستويات الإنتاج في المملكة واستثمارها المستمر في التقنية والمواهب والبنية التحتية وسياساتها الواضحة والمتناغمة في مجال الطاقة والتزامها بتعزيز علاقاتها التعاونية مع المنتجين والمستهلكين على حدٍّ سواء فإن المملكة تسعى لأن تكون هي المورِّد المفضل لدول آسيا فيما يتعلق بتزويدها باحتياجاتها من البترول لعدة عقود قادمة. وبين المهندس النعيمي أنه في الوقت ذاته فإن قطاع البترول السعودي يتطلع إلى العديد من الدول في المنطقة للحصول منها على مجموعة واسعة من الخدمات المتخصصة والمعدات عالية التقنية والسلع عالية الجودة، مؤكدا أن علاقات المملكة مع دول منطقة آسيا هي بمثابة طريق ذي اتجاهين تستفيد منها جميع الأطراف من خلال التجارة والاستثمار والتعاون. ورأى وزير البترول والثروة المعدنية أن الاقتصاد العالمي في وضع أفضلَ مما كان عليه في اللقاء السابق الذي تم قبل عامين حيث بدأت التجارة العالمية تتعافى وشرعت المؤسسات المالية مرةً أخرى في توفير رؤوس الأموال المطلوبة وعاد المستثمرون من جديد إلى السوق وازدادت ثقة المستهلكين أيضاً، لافتاً إلى أن هذا التعافي لا يزال منقوصاً حيث لا تزال العديد من الدول تعاني مستويات غير مقبولة من البطالة فيما تعاني دول أخرى من عجز وطني كبير ومن مخاوف بشأن سلامة أنظمتها المالية. وقال: إن بعض المعلقين يدقون ناقوس الخطر بشأن تأثير الارتفاع الأخير الذي شهدته أسعار النفط رغم الإجراءات السريعة والحاسمة التي اتخذتها الدول الآسيوية المنتجة للنفط للمساعدة في كبح جماح الأسعار. وأضاف لقد اتفقنا في اجتماعاتنا السابقة على أن الموارد الهيدروكربونية ستبقى هي المصدر الرئيس لإدارة عجلة الاقتصاد العالمي لعدة عقود وعلى رأسها النفط، كما أن الاستقرار والقدرة على التنبؤ بالأسعار والاستدامة في أسواق النفط أمر مهم لضمان استدامة منظومتنا العالمية في مجال الطاقة واستدامة الاقتصاد العالمي ككل. وشدد النعيمي على أن الأشهر الأخيرة أظهرت مرة أخرى أن حالات الشدة والرخاء الاقتصادي في أنحاء القارة الآسيوية شديدة التداخل والترابط وأن لدينا مصلحة مشتركة في تعزيز علاقات المنفعة المتبادلة التي توفر إطاراً لمزيدٍ من التقدم والازدهار في أرجاء المنطقة والذي يتجلى في قطاع الطاقة الذي يغذي التنمية والتقدم ويمثل شريان الحياة الحديثة، مؤكدا أن أمن العرض والطلب على الطاقة يعتمد بصورة كبيرة على كيفية إدارة الدول لعلاقاتها مع بعضها البعض. وعبر عن اعتقاده بأن المائدة المستديرة تتيح منبراً لحوار صريح وبناء من أجل تعزيز أطر التعاون الإقليمي والدولي وتحقيق وضع مستقر ومستدام لسوق الطاقة وكذلك لوضع الشروط الضرورية لاستمرار الازدهار الاقتصادي والاجتماعي في دولنا. وقدم وزير البترول والثروة المعدنية في كلمته عرضاً موجزاً حول التوقعات الآسيوية المتعلقة بالنفط حيث أن منطقة آسيا والمحيط الهادي ككل سيزداد الطلب فيها على البترول خلال الأعوام والعقود القادمة نتيجة الزيادة السكانية وارتفاع مستوى المعيشة في الدول النامية، وأوضح أن الأسواق الآسيوية الناشئة والدول المنتجة للنفط والغاز في المنطقة ستكون المحرك الرئيس لهذه الزيادة في استهلاك البترول بينما ستحافظ مستويات الطلب على النفط في الدول المتقدمة على معدلاتها تقريباً. ومضى إلى القول أن منطقة غرب آسيا تستحوذ على نحو ثلثي إجمالي الاحتياطيات العالمية الثابتة من الزيت التقليدي، ولذلك ستكون هذه المنطقة في وضع يسمح لها بتلبية هذه الزيادة الإقليمية في الطلب فيما تبقى الطاقة الإنتاجية والتصديرية لهذه الدول مضمونةً بسبب الاستثمارات الدائمة في مشاريع التنقيب والإنتاج والتكرير والمعالجة والتسويق بما في ذلك تلك المشاريع التي تساعد على الاحتفاظ بطاقة فائضة. وأفاد أنه بالنظر إلى جانبي العرض والطلب فسيتضح أن الجمع بين زيادة الطلب على الطاقة ووفرة العرض سيسهمان في تعزيز روابط الاعتماد المتبادل القائمة أصلاً بين الدول المنتجة والمستهلكة للنفط في آسيا، معربا عن اعتقاده بأن هذا التوجه الإيجابي يجعل المباحثات في هذا الاجتماع وكذلك في الاجتماعات المستقبلية المشابهة تكتسب أهمية كبيرة جدّاً. وجدد وزير البترول والثرة المعدنية التأكيد على أن المملكة العربية السعودية قادرة وملتزمة بتلبية احتياجات آسيا المستقبلية من النفط وأنها ستواصل بناء أواصر الشراكة والتعاون وتعزيزها مع جميع دول القارة على أساس المنفعة المتبادلة لجميع الأطراف فضلاً عن الاحترام المتبادل. وقدم المهندس علي النعيمي في كلمته شكره وتقديره لمعالي الشيخ أحمد العبد الله الأحمد الصباح وزير النفط ووزير الإعلام ولدولة الكويت على استضافتها لاجتماع المائدة المستديرة الوزاري الآسيوي الرابع. كما عبر معاليه عن شكره وتقديره لحكومة جمهورية كوريا على مشاركتها في استضافة الاجتماع الهام مقدما في الوقت ذاته التعازي والمواساة إلى اليابان التي تعرضت لدمار كبير بسبب الزلزال وموجات تسونامي التي ضربتها الشهر الماضي، مضيفاً أنه واثق من قدرة اليابان على الخروج من هذه الكارثة بعزم وثقة متجددة.