لم يدم الأمر إلا ساعاتٌ قليلة, قبل أن يتفاعل خادم الحرمين الشريفين، مع الحملة الشعبية التي اجتاحت "تويتر"؛ مندّدة بالتصرُّف غير اللائق الذي صدر من رئيس المراسم الملكية، تجاه أحد المصوّرين المشاركين في استقبال ملك المغرب في العاصمة الرياض، أمس، وأصدر على الفور أمراً ملكياً، يقضي بإعفاء رئيس المراسم الملكية محمد بن عبدالرحمن الطبيشي، من منصبه، وتعيين خالد بن صالح العباد، رئيساً للمراسم الملكية بمرتبة وزير. تجاوب أعلى سلطة هذا التجاوب الكبير من أعلى سلطة في البلاد يؤكّد قرب القيادة من هموم الشارع, ورصدها كل الملاحظات, وحزمها في التعامل مع كل السلبيات التي تصدر مهما كان حجم المسؤول الذي ارتكبها, وتحويل الأقوال إلى أفعال فورية, فبعد أن غرَّد الملك سلمان، أمس، في حسابه على "تويتر"، قال بصريح العبارة: "تمنياتي بالتوفيق لسمو ولي العهد، وسمو ولي ولي العهد، وللوزراء الجدد، وأن يؤدي المسؤولون كافة مهامهم خدمة لشعبنا، الذي لن أقبل التقصير في خدمته"، ونفّذ ما قاله فعلياً عندما تجاوب مع الحملة الشعبية المستاءة واتخذ قراراً حازماً نال رضا الجميع.
بثّ ليلي مبهج لم ينتظر خادم الحرمين الشريفين، حتى النهار، للكشف عن القرار المهم, فكان التعجيل ببثّه لمواطنيه عندما دقت الساعة الواحدة صباحاً؛ حيث تناقلته شاشات التلفزة المحلية والعربية بفرحة كبيرة, وتداولته حسابات المغرّدين, وكان واضحا أن السرعة في تصحيح الأخطاء مطلبٌ كبيرٌ, ومشاركة الشارع السعودي في القرارات وعدم فتح باب التأويل والاجتهاد والإشاعة لأيّ مغرض.
قوة في القرار ورغم أن العهد السلماني الجديد بلغ للتو ال 100 يوم, إلا أنه أعطى مؤشرات واضحة أن لا مجال للتراخي في أداء مهام المسؤولين, وأن التهاون في خدمة المواطنين يعني قراراً حازماً بالبحث عن كفاءة جديدة تخدم بإخلاص وتفانٍ, ولعل ما حدث إبّان قصة وزير الصحة الأسبق أحمد الخطيب، وتلفظه على المرابطين في الحد الجنوبي, ثم تعامله الفظ مع أحد المواطنين شمالي المملكة, فصدر حينها قرارٌ بإقالته واستبداله بوزير آخر قبل أن يتجاوز ال 70 يوماً في حقيبته الوزارية.
منع "العنصرية" ولم يمض وقتٌ طويلٌ قبل أن يواصل خادم الحرمين الشريفين تجاوبه مع مواطنيه ويتدخّل لنصرة أحد الإعلاميين الذي تعرَّض للفظ عنصري من الأمير ممدوح بن عبدالرحمن, وكان القرار بإيقاف المعتدي من المشاركة في أيّ نشاطٍ رياضي ومنعه من الخروج في أيّ وسيلةٍ إعلامية, وهو القرار الذي نال استحسان المجتمع السعودي وأشعرهم أن ولي الأمر في صف المتضرّر مهما كان حجم الطرف الآخر.
أشفى غليل الوطن ولم تمنع المهام الضخمة الملقاة على عاتق خادم الحرمين، من متابعة كل ما يؤرق صفو وطنه الكبير, ومنذ أن ظهرت لقطة الفيديو لرئيس المراسم الملكية وانتشرت بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي, تمّ التأكد من حقيقتها واتخاذ القرار الحازم الذي أشفى "غليل الوطن", ووجّه رسالةً عاجلةً لكل المسؤولين من أمراء ووزراء وكبار موظفين في الدولة, أن لا أحد فوق طائلة النظام والمساءلة, وأن الخطأ ممنوع, وكانت الرسالة الأكثر وضوحاً, أن ولي الأمر قريبٌ من نبض الشارع السعودي.