حذَّر الشيخ العلامة عبدالرحمن البراك، الأستاذ السابق في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية شعب وحكومة اليمن الشقيق من التمادي في الاقتتال والنزاع الذي وصفه ب"الطريق المدمِّر" الذي لا تصلح به دنيا ولا دين، وقال البراك: "إن ضرر ذلك يعود على كل الأطراف"، مُشيراً إلى أن سفك الدماء في ذلك النزاع حرام، يبوء بإثمه كل مَن باشره أو أعان عليه أو دعا إليه، وقال البراك في رسالة عنونها ب"تذكير وتحذير للأخوة في اليمن" عبر صفحته في الفيس بوك: "إلى الإخوة في اليمن أكتب هذا التذكير، والله أسأل أن ينفع به، لقد كان لليمن تاريخ مشرق في صدر الإسلام، فقد كان أهله أسبق إلى الإسلام من سائر الأقطار باستثناء الحرمين مكة والمدينة، لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوباً، الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إني أجد نَفَسَ الرحمنِ من قِبَلِ اليمن"؛ أي تنفيسه، وقد كانت تأتي منه أمداد الجهاد، ولم يزل اليمن محضناً لعلماء وصُلحاء، وإن جرى فيه وعليه من الفتن ما جرى على كثير من بلاد الإسلام". وأضاف البراك في رسالته: "إنه اليوم من خير البلاد الإسلامية من حيث ظهور شعائر الإسلام، ومن حيث السلامة من مظاهر التغريب التي مُنِيت بها أكثر البلاد الإسلامية، ومن حيث نشاط الدعوة الإسلامية إلي التوحيد والمحافظة على الفرائض ومجانبة المخالفات الشرعية، لذا ندعو أهل اليمن كافة بمناسبة ما يجري هذه الأيام من الاختلاف إلى ما أمر الله به سبحانه في قوله: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً} "النساء: 59"، وقوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرَّقوا} "آل عمران: 103"، وقوله تعالى: {وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين} "الأنفال: 46"، وفي الحديث: "إنها ستكون فتنة"، قلت: فما المخرج منها؟ قال: "كتاب الله"، وفي الحديث الصحيح: "إنها ستكون فتنٌ القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن يُشْرِف لها تَستشرفه، ومن وجد ملجأً أو مَعاذاً فليعذ به". وشدَّد البراك على أنه ومن أخطر الفتن على الأمة في دينها ودنياها ما تسفك فيه الدماء اتباعاً للأهواء، وتعصُّباً للآراء، وتحقيقاً للأغراض الشخصية، فيجب على أهل اليمن حكومة وشعباً الحذر من التمادي في هذا الطريق المدمِّر الذي لا تصلح به دنيا ولا دين، بل يعود ضرره على كل الأطراف، فسفك الدماء في ذلك النزاع حرام يبوء بإثمه كل مَن باشره أو أعان عليه أو دعا إليه. وقال: "لا ريب أن القتال في ذلك النزاع الجاري هو من الفتن التي يجب اعتزالها، لأن غرض أكثر الداخلين فيه ليس إعلاء كلمة الله، بل مطالب دنيوية، لا يجوز أن تُراق الدماء في سبيلها، ولو كانت حقوقاً مشروعة، بل حتى مَن له نية حسنة، فنيته لا تسوِّغ له القتال في الفتنة؛ لتحذيره صلى الله عليه وسلم من الاقتتال بين المسلمين في قوله: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار". كما أكَّد البراك في نهاية رسالته على أن الواجب على الجميع تحكيم كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً} "النساء: 65"، ومن حُكم الله العملُ على الإصلاح بين المتنازعين، كما قال تعالى: {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون} "الحجرات: 10"، وأولي الناس بذلك هم أعيان الأمة من العلماء وذوي الرأي. قال تعالى: {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً} "النساء: 114"، نسأل الله أن يصلح أحوال أهل اليمن، وأن يرفع عنهم البلاء والفتن، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.