قال الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، نائب وزير البترول والثروة المعدنية إن المملكة أسست جهات مثل شركة المياه الوطنية وشركة "مرافق" لتحفيز سوق معالجة مياه الصرف الصحي. وأضاف أن هذه المياه تُستخدم في الري والتطبيقات الصناعية مثل التبريد، كما تقوم هاتان الشركتان باستخلاص الميثان؛ لاستخدامه في تطبيقات مستقبلية، مضيفاً: "على مستوى البلديات لدينا مشروعان تجريبيان لتحويل النفايات إلى طاقة، واستخلاص الميثان لاستخدامه في توليد الكهرباء".
وبيّن الأمير عبدالعزيز في افتتاح ورشة عمل ومعرض مبادرة "الميثان" العالمية في الخبر، أمس، أن المملكة كأكبر دولة مصدرة للبترول في العالم تقوم بدور ريادي في مجال إمدادات الطاقة، ترتبط به مسؤوليات تجاه البيئة والآثار السلبية للتغير المناخي، مؤكداً أنها تدرك ضرورة مواصلة مسيرة التنمية الاقتصادية في كل دول العالم وأخذ الاعتبارات ذات الصلة بالتغير المناخي في الحسبان، موضحاً أن إدارة الكربون كانت دائماً حجر أساس في استراتيجية المملكة في مجال الطاقة.
وأوضح أنه على الرغم من أن المملكة لم تنضم إلى عضوية مبادرة الميثان العالمية إلا مؤخراً، إلا أن سجلّها الناصع في مجال التعاون في المبادرات المماثلة مثل المنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون إنما هو دليل على جديتها والتزامها بإحداث الفارق وتحسين الأوضاع إلى الأفضل.
وأشار نائب وزير البترول والثروة المعدنية إلى أن المواد الهيدروكربونية على مدى أكثر من قرن هي الوقود الذي يسيِّر عجلة الاقتصاد في جميع دول العالم، ويرتقي بمستوى المعيشة والحياة الكريمة لشعوبها، لافتاً إلى أنها مؤشرات لا يمكن إنكارها بأن المواد الهيدروكربونية ستظل عنصراً أساسياً في مزيج الطاقة العالمي في المستقبل المنظور، موضحاً أن تجاهل هذه الحقيقة يعني بالضرورة إنكار الواقع الاقتصادي، خاصة في الدول النامية التي ستحتاج إلى هذه المواد من أجل تنفيذ خططها التنموية الطموحة في المجالين الاجتماعي والاقتصادي.
وأكد أن المملكة مهيأة بفضل إطارها المؤسسي القوي وبرامجها المتعددة للتكيف مع ظاهرة التغير المناخي، لافتاً إلى أن إجراءات الاستجابة التي ستتخذها ستسهم بدرجة كبيرة في جهود تخفيف الآثار، مؤكداً أن نجاح هذه البرامج يُعتبر أمراً حيوياً لرخاء المملكة في المستقبل.
وبيّن أن المملكة انضمت إلى مبادرة الميثان العالمية في يناير 2014، وستشارك في اللجنة الفرعية للبترول والغاز، حيث ستتبادل مع الآخرين خبراتها في مجال مشاريع استخلاص الميثان وإعادة استخدامه، إلى جانب خبراتها في مجال إدارة حرق الغازات في المداخن والتحكم في الانبعاثات الصادرة عن خطوط الأنابيب والمستودعات.
وفي إطار مبادرات إدارة الكربون بيّن الأمير عبدالعزيز بن سلمان أن المملكة ركزت بشكل خاص على الميثان، إدراكاً منها أن خفض انبعاثاته يمكن أن يساعد في إحداث خفض سريع في معدل التغير المناخي، حيث يُعتبر الميثان أحد غازات الاحتباس الحراري القوية ذات العمر القصير، وتبلغ قدرته المحتملة في الإسهام في رفع درجة حرارة الأرض نحو 32 ضعفاً، لافتاً إلى أنه يُعتبر ثاني أكبر غازات الاحتباس الحراري من حيث كمياته بعد ثاني أكسيد الكربون، حيث يمثل نحو 14% من الانبعاثات العالمية.
وأوضح أن تسربات الميثان من شبكات البترول والغاز تمثل نحو 20% من إجمالي انبعاثات الميثان في العالم، مؤكداً أنه يمثل فرصة لتحقيق الأهداف الاقتصادية والبيئة في آن واحد، مستعرضاً ثلاثة أمثلة محددة في هذا الصدد، ومنها مواصلة المملكة منذ ثمانينيات القرن الماضي إنفاق استثمارات كبيرة في تطوير شبكة الغاز، والحد من حرق الغاز في المداخن، ففي شهر مايو 2014 تم إغلاق الأعمال المشتركة في منطقة الخفجي، مما أدى إلى خفض إنتاج البترول بنحو 300 ألف برميل في اليوم؛ بهدف الالتزام بمعيار الانبعاثات الصادر عن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة.
وبيّن الأمير عبدالعزيز أن المملكة استمرت طوال العقود الماضية عضواً دائماً ونشطاً ومسؤولاً في المجتمع الدولي في جميع المبادرات ذات الصلة بالتغير المناخي؛ حيث سارعت المملكة إلى الانضمام إلى اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية حول التغير المناخي وبروتوكول كيوتو، وقامت بتنفيذ جميع التزاماتها بموجبهما، ولم تكتفِ بذلك، بل انضمت كدولة منتجة للبترول تتصف بالمسؤولية والموثوقية، إلى العديد من المبادرات الأخرى الخاصة بإدارة الكربون خارج نطاق تلك الاتفاقية، وذلك البروتوكول، ومنها هذه المبادرة المهمة "مبادرة الميثان العالمية"، والمنتدى الريادي لفصل الكربون وتخزينه.
وعلى صعيد برنامج عمل ديربان قال إن المملكة تعمل على تحقيق الالتزام بقرار المؤتمر التاسع عشر لأطراف الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول التغير المناخي، كما تقوم بالعمل على إعداد المساهمات المحددة على المستوى الوطني الخاصة بالمملكة، بحيث تكون جاهزة لتقديمها قبل مؤتمر الأطراف في باريس، وقد أوكلت هذه المهمة إلى اللجنة الوطنية لآلية التنمية النظيفة التي تأسست في عام 2009، واتخذت هذه اللجنة الخطوات الضرورية تجاه الوفاء بهذا الالتزام، حيث تعمل في الوقت الحالي على تنفيذ مبادرات مكثفة للتشاور وجمع المعلومات مع مختلف الجهات المعنية.
وزاد الأمير عبدالعزيز أن التكيف يعتبر العامل الرئيس في تحقيق التنمية المستدامة، وتحقيق فوائد كبيرة في مجال التخفيف من الآثار البيئية، مشيراً إلى أن المملكة تتفق مع شركائها في الدول المتقدمة على أن عامل تخفيف الآثار يلعب دورا في مواجهة التغير المناخي من أجل ضمان جاهزية الدول النامية لمواجهة الآثار السلبية في حال عجز المجتمع الدولي عن تحقيق أهدافه، مبيناً أن وزارة البترول والثروة المعدنية في المملكة قامت بدور ريادي في جهود المملكة في هذا الصدد منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي؛ وذلك من أجل التأكد من أن الاتفاقيات الدولية لا تضر بهدفي التنمية الاقتصادية المستدامة، والتنويع الاقتصادي اللذين تسعى الدول النامية إلى تحقيقهما.
وفي إطار الالتزام بالإسهامات المحددة على المستوى الوطني الخاصة بالمملكة بيّن أن المملكة ستتخذ إجراءين رئيسن من خلال التنويع الاقتصادي لزيادة القدرة على التحمل ومواجهة التبعات الاجتماعية والاقتصادية التي يمكن أن تنجم عن الإجراءات المتخذة للتقليل من استخدام المواد الهيدروكربونية، وفي إطار ضمان التنمية بعيدة المدى للمملكة في ظل التصورات المتعلقة بتفاقم آثار ظاهرة الاحتباس الحراري في العالم، مشيراً إلى أنه سيتم العمل على تحقيق الفوائد المصاحبة في مجال تخفيف الآثار في هذا البرنامج من خلال مساندة الجهود في رفع كفاءة استهلاك الطاقة واستغلال مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وكذلك تطوير تقنيات وطرق استخلاص الكربون واستخدامه وتخزينه، إلى جانب تقنية استخدام ثاني أكسيد الكربون في تحسين استخلاص البترول، إضافة إلى الانتقال من استهلاك الوقود السائل إلى الغاز والابتكار وتنفيذ أنشطة البحث والتطوير في مجال الطاقة النظيفة.
وسرد الأمير عبدالعزيز لإجراءات التكيف التي تحقق فوائد مصاحبة في مجال تخفيف الآثار في مجالات ترشيد استهلاك المياه، مما يقلل الانبعاثات الصادرة عن عمليات التحلية ويقلل الحاجة للمياه المنتجة من محطات التحلية المطلوبة لتلبية الطلب على المياه، والتخطيط العمراني، الذي سيقلل الانبعاثات ذات الصلة بوسائل النقل، وكذلك حماية البيئة البحرية، وتقليل الانبعاثات من خلال الاستعانة بالنباتات الساحلية، أو ما يُعرف بالكربون الأزرق، وخفض معدلات التصحر، مما سيؤدي إلى زيادة دور الغابات والنباتات في حجز الكربون، مشيراً إلى أنه سيتم صياغة كل إجراء في هذه المجالات بصورة متناسقة تضمن المساهمة في التنويع الاقتصادي وتحقيق التكيف، كما سيتم تحديد الفوائد المصاحبة في مجال تخفيف الآثار بصورة واضحة.
وسلط الأمير عبدالعزيز بن سلمان الضوء على المجالات الخمسة التي تغطيها إسهامات المملكة على صعيد التنويع الاقتصادي التي ستسهم في تحقيق طموحات المملكة في مجال إدارة الكربون على المدى البعيد ومنها الجهود في مجال إدارة الطلب على الطاقة، حيث تم تأسيس المركز السعودي لكفاءة الطاقة في عام 2010 وأنيط به مهمة رفع كفاءة استهلاك الطاقة على الصعيد المحلي وتنسيق جميع الأنشطة ذات الصلة فيما بين الجهات الحكومية وغير الحكومية، وهنالك اليوم نحو 150 مهنياً من 30 جهة معنية بالطاقة يسهمون بصورة نشطة في تصميم البرامج الفرعية الواحدة والسبعين التي يتضمنها البرنامج السعودي لكفاءة استهلاك الطاقة في مجال كفاءة استهلاك الطاقة وتنفيذها، التي ستؤدي لتحقيق وفر يبلغ نحو 1.5 مليون برميل من البترول المكافئ في اليوم بحلول عام 2030.
وبيّن أن من هذه البرامج الفرعية الموكولة للمركز وضع معايير الحد الأدنى للأداء في مجال المحافظة على الطاقة لأجهزة التكييف ومنتجات العزل الحراري والسلع الكهربائية المعمرة والمحركات الكهربائية، في ضوء أفضل الممارسات العالمية المتبعة، وكذلك وضع المعيار السعودي للاقتصاد في استهلاك الوقود للمركبات الخفيفة، وهو أول معيار من نوعه في دول مجلس التعاون الخليجي.
وقال: "علاوة على ذلك التزمت الشركة السعودية للكهرباء بتنفيذ عدة برامج طموحة في شبكات الكهرباء العائدة لها مثل رفع الكفاءة الحرارية لعمليات توليد الكهرباء من مستواها الحالي البالغ 31% إلى 36% في المستقبل المنظور.
وعلى صعيد الإمدادات قال الأمير "عبدالعزيز: "تعمل المملكة على تعزيز مزيج الطاقة المستخدم حالياً فيها والمعتمد على المواد الهيدروكربونية، ولهذا الغرض أنشئت مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة في عام 2010، ورُسمت لها مهمة تحفيز التنمية السريعة لمصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح".