رفع الملحق الثقافي السعودي في الإمارات الدكتور صالح بن حمد السحيباني أصالةً عن نفسه ونيابة عن زملائه منسوبي الملحقية الثقافية السعودية في دبي يشاركهم الطلاب السعوديون والطالبات الدارسات في الإمارات الذين يصل عددهم قرابة ثلاثة آلاف طالب وطالبة يدرسون في الجامعات الإماراتية، بالإضافة إلى أكثر من مائتين من ذوي الاحتياجات الخاصة أحر التعازي وصادق المواساة إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، والأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، وإلى العائلة المالكة والشعب السعودي أحر التعازي بوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
وقال السحيباني : "حين يرحل العظماء ترتبك اللغة والمعاني، وينعقد لسان التعبير، لأنهم يرحلون ولا يرحلون، حيث إنهم برحيلهم يقف الوقت صامتاً، متأملاً، في لحظة الفقد العظيمة، التي تضع الكائن أمام سؤال الغياب، الذي لا يستجيب لأي تأويل، وحين يكون الراحل حاملاً لأحلام أمة، يضيء بصادق إخلاصه وتفانيه أحلامها، ويعالج آمالها وآلامها، واستشعاراً من كل ذلك يكون رحيله فاجعة للأمة، وفاجعة للإنسانية، ومصاباً جلل؛ لأنه ملك الإنسانية وملك المحبة، وملك الفطرة التي صبغت روحه بصبغة الدين الحنيف، ليكون له منهاجاً، وخيمةً يستظل بها كي يهتدي سبل اليقين.
وأضاف أنه برحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز طيب الله ثراه، شهق الجميع، لأنه كان يسكن في سويداء قلوبهم وأرواحهم، كانوا يقرؤون في كلماته ما يحلمون، وفي مواقفه الصادقة ما يوقنون، لذلك كان رحيله صدمة ترج البدن رجاً، لأنه ملك أوسع من الملك برؤياه، فيداه كحمامتي سلام في شرق الأرض وغربها، ليؤكد للعالم أن الإسلام دين المحبة والسلام، فهو القائد الصادق والشجاع، لأنه رسخ عبر مسيرته أسس الصدق، وأسس القيادة الحكيمة التي تقرأ الماضي لترتب الحاضر ولتستقرئ المستقبل، ليصبح الملك لديه حكمة ورؤية، وتصبح الحكمة، بصيرة، تنبه البصر، تكشف الممكن في تأثيث البيت الوطني، كما هو البيت الإنساني، فتصبح الذات عالماً، ويصبح العالم مرآة، فتلتقي الرؤى، وتلتقي الآراء، ليستجيب الكل إلى لحظة اللقاء والحوار.
وأوضح "السحيباني" أنه إذا كان لابد من الوداع، فبوداع العظماء، نستعيد لحظات عظمتهم ونستعيد حضورهم الذي شفى كل القلوب، وترك إشراقاته في كل النفوس، فغيابهم لا يؤوله الغياب بقدر ما يؤوله الحضور، وحين نستبصر ما كان في عهد الراحل العظيم الملك عبدالله، تأخذنا الكلمات إلى النشأة الأولى التي تربى في ظلها ذلك الملك العظيم، لأن للعظمة أصولها، ومنبتها، وأصالتها، فقد نشأ الملك عبد الله في مدرسة والده ومعلمه الأول الملك عبدالعزيز فنهل من تجاربه في مجالات الحكم والسياسة والإدارة والقيادة إلى جانب ملازمته لكبار العلماء والمفكرين الذين عملوا على تنمية قدراته بالتوجيه والتعليم أيام صغره لذلك فهو حريص دائماً على التقاء العلماء والمفكرين وأهل الحل والعقد سواء من داخل المملكة أو خارجها، مضيفاً أن هذا ما طبعه بالطبع الإنساني، وجعل شخصه رحمه الله مطبوعاً على حب الخير، وحب العطاء، فقد كان متفانيا في ترسيخ هذه القيم لتصبح قيماً عليا في الحكم، سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي، كل ذلك تأسس على رؤية إسلامية شاملة، تسعى إلى تعزيز التنمية في الداخل، وتعزيز التواصل مع الشعوب المختلفة وعلى كل مستويات الحوار، ما يعزز دور المملكة في بناء حضارة الإنسان، وترسيخ قيم الإنسانية في العالم.
وأضاف أنه تحقق في عهده ما يعجز الكلام عن سرده، لأنه لم يكن يبني الحاضر فحسب وإنما كان يبني المستقبل، ومن يبني المستقبل، يرسخ حضوره الدائم في كل خطوة يخطوها من يأتي من بعده، وهذا ما جعل المملكة العربية السعودية ذات سياسة واضحة ومنهج واضح، لأنها مبنية على أسس ومبادئ وقيم لا تتغير مع الزمن، فهي القيم التي تستند إلى روح الفضيلة، وروح التعاون بين أبناء هذه البسيطة. منوهاً بأنه كما اتجه إلى بناء الداخل على كل المستويات ومختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية ، والإدارية، والقضائية، والعمرانية، والنقل والمواصلات والصناعة والكهرباء والمياه والزراعة لتشكل في مجملها إنجازات جليلة تميزت بالشمولية والتكامل في بناء الوطن وتنميته مما يضعها في رقم جديد في خريطة دول العالم مرسخاً بذلك علاقة المحبة والمودة بين الحاكم والشعب، كذلك اتجه إلى بناء علاقات خارجية سواء أكان ذلك على المستوى العربي، أو الإسلامي أو العالمي مرسخاً بذلك أيضاً قيم التعاون والتحاور والتضامن من أجل عالم أفضل، بعيد عن أي شكل من أشكال الاستلاب للذات، وبالتالي رسخ الحوار بين الثقافات والأديان، لتلتقي شعوب العالم حول رؤيته، مستبصرين بها طريق الهداية، وطريق المحبة والإخلاص، وفي إطار هذه الرؤية الإنسانية كان موقفه من الإرهاب، وكانت رؤيته واضحة، ومقولاته صريحة، محاولاً أن يبني صرحاً إسلامياً متسامحاً، لأنه استبصر جوهر الإسلام الذي جاء هداية للعالمين واستبصر سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي جاء رحمة للعالمين، فكان بذلك الملك الذي استرشد بحكمته ملوك الأرض وزعماؤها، لأنهم أدركوا عمق الحكمة التي ينطلق منها في تأثيث البيت الإنساني.
وقال : "لأن الملك عبد الله يرحمه الله تعالى كان ينطلق من سياسة واضحة وراسخة في قيمها، لاشك أننا سنستبصر ذلك في قيادة الملك سلمان يحفظه الله ويمده بعونه وتأييده، الذي حمل لواء الوطن وشارك في بنائه منذ تسنم مناصب قيادية إبان بدايات حياته، ليستمر طريق البناء والعطاء، وتستمر المملكة في طريق الإشراق الذي يهتدي به العالم، ليكون المستقبل أكثر انتماءً للإنسانية والحضارة المشرقة، وأكثر انتماءً للحوار، وأكثر انتماءً لثقافة الفضيلة التي تحمل لواءها مملكتنا العزيزة بقيادتها الحكيمة لترسخها قيمة عليا في الوجود الإنساني، ولتكون المملكة أكثر عطاءً واتساعاً لأن قائدها يعرف به العطاء والنبل وفعل الخير للقاصي والداني" .
ورفع السحيباني أكف الضراعة لله عز وجل أن يرحم الراحل العظيم وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم الأمة الصبر والسلوان، وأن يمد ملكنا وقائد مسيرتنا الحضارية سلمان بالعزم والعرفان، لتستمر المسيرة في المكان والزمان، مسيرة راسخة الإيمان من أجل الإنسان.
معبراً عن هذا الفقد الجلل بقوله: فلروح مَن حمل السلامَ سلامُ وله الجنانُ مع الخلودِ مقامُ عهداً سيبقى العهد يحمل حلمنا ليبوح في كل الوجود حمامُ سيظل نهج الحب في أرواحنا دستوره في قلبنا الإسلامُ