كشف أحد أبناء المتوفيَيْن - رحمهما الله - في بئر مزرعة أملج المنهارة تفاصيل آخر لحظاتهما قبل أن تقع حادثة سقوطهما في بئر المزرعة، وآخر كلمة نطق بها الطفل محمود قبل أن يرحل مع جده وعمه - رحمهم الله – جميعاً. وقد شهدت حادثة سقوطهم تفاعلاً كبيراً من أهالي محافظة أملج، وباشرتها فرق الدفاع المدني، واستمر عملها أكثر من عشر ساعات متواصلة. وفي التفاصيل، قال نايف محمد المرواني ل"سبق": نجتمع كل يوم بعد صلاة المغرب في منزل والدي، ويستمر اجتماعنا حتى صلاة العشاء، إلا أنه في يوم الحادثة حين اجتمعنا لم يحضر والدي - رحمه الله - في موعده الذي اعتدنا عليه؛ فشعرنا بأن أمراً ما حدث؛ ما دفعنا للاتصال عليه، ولكن هاتفه كان مغلقاً.
وتابع: اتصلت فوراً على عامل في مزرعة مجاورة، كنا قد أوكلنا له مهمة العناية بمزرعة والدي، وطلبت منه الذهاب للمزرعة للتأكد ما إذا كان والدي هناك أم لا، وكنت معه على الهاتف، وأخبرني بأن السيارة موجودة، ولكنه لا يرى أحداً.
وأضاف: توجهت فوراً للموقع برفقة أحد أشقائي، وعند حضورنا رأيت سيارة والدي وسيارة عمي - رحمهما الله - لكني لم أشاهدهما، ولم ننتبه للبئر إلا بعد بضع دقائق من وصولنا؛ إذ شاهدت البئر منهارة؛ فاتصلت فوراً بفرق الدفاع المدني.
وتابع: فوهة البئر مرتفعة عن سطح الأرض ما يقارب المتر ونصف المتر، ويبلغ عرضها أربعة في أربعة تقريباً، وما حول الفوهة على سطح الأرض صبة أسمنتية، وما تحتها تجويف، وعند وصولهم انهارت تحتهم وسقطوا داخلها.
وكشف المرواني عن آخر لحظات الطفل محمود - رحمه الله - وقال: روي لي أن الطفل محمود، وهو ابن ابن عمي، ويبلغ من العمر خمس سنوات، ويدرس في الروضة، لم يكن يرغب عمي في أن يأخذه معه لمزرعة والدي، ولكن شدة تعلقه بجده (عمي) جعلته يذهب. وفي محاولة من ذويه أن يجعلوه يجلس قدموا له مبلغاً من المال؛ لكي يذهب معهم للبقالة القريبة من المنزل، ويشتري ما يريد، إلا أنه رفض كل هذه العروض من شدة تعلقه بجده، وحين ركب قال لهم (مع السلامة أنا رايح للجنة)".
وأضاف: عمي ووالدي عاشا طوال عمريهما ولم يتفرقا؛ فهما يومياً يجتمعان مع بعضهما، ومن شدة علاقة كل واحد منهما بالآخر يعتمد على الآخر في معظم الأمور، إلى أن توفيا مع بعضهما، فالحمد الله على كل حال.
وقدم المرواني شكره وتقديره لمديرية الدفاع بمنطقة تبوك، ممثلة في الدفاع المدني بأملج، على جهودهم المتواصلة، ولبلدية أملج، وللمواطنين كافة في محافظة أملج، على وجودهم ووقوفهم حتى الصباح، وقدم شكراً خاصاً وثناء للمواطن وليد زيني غبان وعبدالناصر المرواني لجهودهما في إحضار معداتهما ووقفوهما طوال الحادثة؛ فلهما كل الشكر والتقدير.
وكانت فِرَق الدفاع المدني بأملج قد انتشلت صباح أمس الأول جثة مواطنَيْن وطفل عمره 5 سنوات، لقوا حتفهم إثر سقوطهم في بئر منهارة داخل مزرعة شمال محافظة أملج.
وأنهت فِرَق الدفاع المدني مهمتها بعد حفر لمدة تزيد على عشر ساعات متواصلة. وأوضح الناطق الإعلامي ل"مدني تبوك"، العقيد ممدوح العنزي، أنه بعد جهود مستمرة ومتواصلة من قِبَل الفِرَق الميدانية من وقت تلقي البلاغ الساعة التاسعة والنصف حتى الساعة السابعة والنصف من صباح الخميس "أمس الأول" تم العثور على المفقودين تحت الأنقاض وقد فارقوا الحياة. وقدم العقيد العنزي تعازي المديرية العامة للدفاع المدني لأسر المتوفين، سائلاً الله لهم الرحمة، ولذويهم الصبر والسلوان، كما شكر كل الجهات الحكومية والأهلية التي شاركت مع الدفاع المدني.
وقد أديت الصلاة على المتوفين أمس الأول بعد صلاة العصر في جامع عمر بن الخطاب بمحافظة أملج.
ومن جهتها، قدمت "سبق" واجب العزاء لأبناء المرواني بوفاة والدهم وعمهم والطفل محمود، وتسأل الله تعالى أن يتغمدهم بواسع رحمته.