نجحت إدارة التحريات والبحث الجنائي بشرطة منطقة الرياض في القبض على أحد أعتى المحتالين الذين احترفوا عمليات النصب باستخدام بطاقات الصرف الآلي، برع خلالها في تنفيذ نحو 50 عملية احتيال في أنحاء متفرقة من المملكة. وتعود تفاصيل القضية إلى توالي البلاغات من بعض مستخدمي أجهزة الصرف الآلي حول تعرضهم لعمليات تحايل نفذها أحد الجناة بانتحاله صفة موظفي البنك وإيهام مستخدمي جهاز الصرف الآلي بأنه موظف رسمي يحمل معه أوراقه والنقود التي يستلمها من العملاء، ويمثل هذا الدور بكل احترافية حتى يكسب ثقة العميل ثم يعرض مساعدته على الضحية ويأخذ بطاقته ويستبدلها بأخرى تشبهها تماماً، وقد نفذ عمليات في مواقع عدة. إدارة التحريات والبحث الجنائي ربطت بين هذه الحوادث، وتبين لديها أن هناك تشابهاً في الأسلوب الذي اتبعه الجاني في تلك القضايا، وبذلت جهوداً حثيثة حتى تم التوصل إلى كشف هوية الجاني، الذي اتضح أنه كان متخفياً ويمارس تلك العمليات في أكثر من منطقة من مناطق المملكة. وتبادلت الأجهزة الأمنية المعلومات المتوفرة عن المحتال حتى تم القبض عليه بمحافظة جدة، وأعيد إلى منطقة الرياض، واتضح ارتكابه 50 حادثة بالأسلوب نفسه في منطقة الرياض ومحافظاتها والمنطقة الشرقية ومنطقة القصيم ومحافظة جدة، وقد تم عرضه على أكثر من 20 شخصاً ممن كانوا من ضمن ضحاياه واستطاع أغلبهم التعرف عليه. شرطة منطقة الرياض جددت تحذيراتها على لسان الناطق الإعلامي لها العقيد ناصر بن سعيد القحطاني من تسليم بطاقات الصرف الآلي لأي شخص خارج مبنى البنك مهما تكن صفته، أو الإفشاء له بالرقم السري أو الاستعانة بالغرباء في تنفيذ أي عمليات بنكية، مشيراً إلى أن معظم عمليات النصب والاحتيال تقع نتيجة الثقة المفرطة التي ليست في محلها.
(خ.ح) أحد الذين وقعوا ضحية لهذا النصاب حكى قصته، وأشار فيها إلى أن الجاني كان متقناً لدوره بحرفية فائقة، لدرجة أنه خدعه وهو إنسان متعلم ومربي أجيال، حيث كان الجاني يحمل معه أوراقاً مصرفية ومبالغ كبيرة تحت إبطه توهم من يراه أنه موظف بنك، وأنه يتحدث بكل جرأة حتى مع موظفي البنك. ويضيف (خ.ح) أنه سلمه بطاقته ليجرب نيابة عنه تنفيذ إحدى عمليات الإيداع، وبخفة يد بدل بطاقته وأعطاه شبيهة لها، وأوهمه الجاني أنه سيجري عملية من حسابه لتعويضه عنها، فنفذ العملية بواسطة بطاقة المجني عليه وأخذ منه مقابلها نقداً، ثم استخدم البطاقة في وقت لاحق وحول جميع أرصدة الحساب إلى حسابات أخرى، وبذلك تضاعف الضرر الواقع على المجني عليه. سليمان بن محمد بن ريس، 65 سنة، مدير مدرسة متقاعد يشرح معاناته بقوله: في شهر رمضان الماضي أثناء وجودي أمام الصراف الآلي بحي النزهة مستخدماً بطاقة الصراف الخاصة بي، أحسست بدخول شخص إلى الغرفة، وشعرت بقربه مني، فحاولت إنهاء العملية بأسرع ما يمكن، حينها استخدم بخاخاً لا أعلم ما نوعه ثم بادر هو بإلغاء العملية وسلمني بطاقتي وانصرفت في حال سبيلي علي عجل مقرراً تأجيل العملية لوقت آخر. في صبيحة اليوم التالي اكتشفت أن البطاقة التي معي ليست بطاقتي وبعد مراجعة فرع البنك اكتشفت أن ذلك الشخص سحب 70 ألف ريال، منها 10 آلاف نقداً ونحو 20 ألفاً مشتريات عبارة عن ساعات وأجهزة جوال والباقي حوالات بنكية. ويضيف بن ريس: "لقد استطعت بواسطة إدارة البحث الجنائي وإدارة التفتيش البنكي بمؤسسة النقد تحديد هوية المستفيدين فضلاً عن الكشف عن صورة المشتبه به من واقع أجهزة التسجيل الموضوعة على أجهزة الصراف الآلي، حيت تأكد لي أنه هو ذلك الشخص الذي غافلني، كما تعرف عليه بقية الأشخاص الذين تعامل معهم هذا المحتال وقد ارتكب جرمه بدون وازع من دين أو تأنيب من ضمير، منتهكاً حرمة شهر رمضان الكريم في العشر الأواخر، والمال المسروق يخص ورثة أيتام أنا مؤتمن عليه كنت بصدد سحبه لتيسير أمورهم، إلا أنه سرقه لصرفه علي ملذاته". أما ظفر بن محمد آل ظفر "55 سنة" موظف متقاعد، فيفيد أنه أثناء دخوله لغرفة الصراف الآلي في شارع الأمير سلمان بحي الصناعية قبل عدة أشهر وبحوزته بطاقة الصرف الخاصة به اشتبه في شخص يتواجد من قبله في الغرفة، حيث بادر ذلك الشخص بالتحدث إليه وتوجيهه لجهاز صراف آخر، ولا يعلم كيف استطاع استبدال بطاقته ومعرفة رقمه السري، حيث انصرف من الموقع وعند محاولته استخدام البطاقة التي بحوزته سحبها جهاز الصرف الآلي. ويضيف ظفر أنه بعد أن راجع فرع البنك تبين له أن البطاقة التي سحبت جراء العملية التي قام بها لا تخصه، وأنه سحب مبلغ خمسة آلاف ريال بواسطة بطاقته المسروقة، حيث أبدى عتبه الشديد على إدارة الفرع التي لم تسارع لوقف نشاط الجاني، على حد تعبيره. المواطن "خ . ح، 51 سنة"، جامعي متقاعد ذكر أنه فوجئ بتواجد أحد الأشخاص داخل غرفة الصراف الآلي مدعياً أنه أحد موظفي الفرع وأن هناك خللاً في النظام وأنه ينظم مستخدمي الجهاز ويوجههم نحو جهاز محدد، حيث ساعده في إتمام العملية المصرفية، وأنه تمكن من الاطلاع خفية على الرقم السري وفي غفلة منه بدل بطاقة الصرف الآلي، ولم يكتشف الخدعة التي تعرض لها إلا صبيحة اليوم التالي، وأن البطاقة التي كانت بحوزته لا تخصه. ويضيف: "عقب مراجعة الفرع اتضح له أن الجاني قام على أثرها بسحب مبلغ 20 ألف ريال أعقبها سحب 20 ألف ريال بعد منتصف الليل، كما قام بعمليات تحويل بين عدة حسابات بلغت جملتها 230 ألف ريال". ويشير (خ.ح) إلى أنه استطاع التعرف على الجاني، كما تعرف على جميع الأشخاص الذين استعان بهم في إتمام عملية النصب التي امتهنها، مشيراً إلى أن المبلغ المسحوب كان عبارة عن تصفية مستحقاته بعد طلبه الإحالة للتقاعد المبكر، ما أثر على خططه وبرامجه ويحتسب عند الله عز و جل هذا المال. من جانبه ثمن الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية الأستاذ طلعت زكي حافظ، جهود رجال إدارة التحريات والبحث الجنائي بشرطة منطقة الرياض، وأثنى على الإنجاز الكبير الذي حققوه، وشكرهم بالأصالة عن نفسه ونيابة عن البنوك السعودية ولجنة الإعلام والتوعية المصرفية، لأنها ساهمت مساهمة كبيرة وفاعلة من خلال القبض على عدد من الأفراد الذين كانوا يتجولون ويمارسون النصب والاحتيال سواءً إلكترونياً أو خلاف ذلك، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هذه الجهود المشكورة تعمل حثيثاً وتتلاقى مع الجهود الكبيرة التي تبذلها البنوك والمصارف السعودية مجتمعة في توعية المواطن والمقيم في البلد على حد سواء بمخاطر عمليات الاحتيال المالي والمصرفي في هذا السياق. ويضيف طلعت أن البنوك السعودية أطلقت حملة توعوية واسعة النطاق على مستوى المملكة، وهي في مرحلتها الثانية تحت عنوان (مرتاح البال)، حيث أطلقت المرحلة الأولى في العام الماضي وتضمنت الكثير من الرسائل التوعوية للعملاء وغيرهم حذرتهم فيها من أساليب الاحتيال والنصب المختلفة سواء من خلال لجوء المحتالين إلكترونياً أو عمليات النصب والاحتيال بالبطاقات المصرفية. أما الأستاذ سعد ناصر حسن المحارب الذي يعمل مديراً لأحد فروع مصرف الراجحي، فقد أرجع ما حدث إلى ما يتميز به كبار السن من طيبة وإحسان ظن بالآخرين، داعياً إياهم إلى اتخاذ كافة الاحتياطات التي تمنع وقوعهم صيداً سهلاً لضعاف النفوس.
وأشار المحارب إلى بعض الإجراءات والتدابير الواجب على كل مستخدم لنظام الصرف الإلكتروني اتباعها، ومن بينها عدم التصريح بأي بيانات عن الحساب أو الأرقام السرية لأي شخص كان حتى وإن ادعى أنه من موظفي البنك، وأنه في حالة الاحتياج إلى مساعدة، عليه اللجوء للثقاة من الأقارب والمعارف، كذلك عدم اختيار أي أرقام سرية يمكن تخمينها كتاريخ الميلاد أو رقم الحفيظة، وكذا حذر من كتابته على البطاقة أو في ورقة بنفس المحفظة أو إعطائها لأي متصل عبر الهاتف مهما تكن صفته، مؤكداً أن أكثر عمليات السرقة من الحسابات تتم بهذه الطريقة. وقد أثنى المحارب في ختام تصريحه على الجهود الموفقة التي حققتها شرطة منطقة الرياض ممثلة بإدارة التحريات والبحث الجنائي، وأنها إضافة حقيقية تسطر في سجل إنجازاتهم المتوالية والمتتالية.