لم تجد فلسطينية أتعبتها الشكوى غير "سبق" لتطلق صرخة؛ أملاً في حل مأساة طفلتها "هديل"، التي أتمت عامها الخامس، وليس لديها ما يُثبت هويتها سوى شهادة ميلاد مدوّن بها اسم صوري مركّب، رغم أن والدها – كما تقول السيدة – حي يُرزق . وقالت الأم "ه" إنها لجأت إلى "سبق" بعد أن أُوصدت في وجهها كلب الأبواب، وبعد أن دفعت من عمرها وسمعتها الكثير لمجرد أن والد الطفلة - وهو سعودي يبلغ من العمر "30 عاماً" - يرفض الاعتراف بزواجه منها، ويصرّ على إنكار الطفلة التي تقترب من سن الدراسة، وهي محرومة من نسبها الصحيح. ويظهر في شهادة ميلاد الطفلة، التي صدرت من مكتب مواليد حي العزيزية، كلمتا "مجهولة الجنسية"، وهو ما حاولت الأم تصحيحه بكل الوسائل، قبل أن يتهمها زوجها السابق بالزنا والرغبة في إلصاق الطفلة به لإخفاء جرم ارتكبته. أما تفاصيل القصة، كما ترويها الفلسطينية "ه" البالغة من العمر "25 عاماً"، فبدأت بحريق في بيت أهلها، تسبب في وفاة والدها الذي خلّف وراءه 6 أطفال، هي أكبرهم، ومن ثم ذهابهم جميعاً للحرم المكي الذي اتخذته الأسرة سكناً. وأضافت: "بعث الباري لنا سيدة حنونة تعرفنا عليها، وفّرت لي وظيفة في عيادة طبية بالعزيزية براتب شهري 1600 ريال، استطعت من خلاله استئجار غرفتين لأهلي، كما قمت بالاتفاق مع سائق سيارة ليحملني يومياً للعمل مقابل 500 ريال شهرياً". وتضيف: "في أحد الأيام فوجئت بالسائق يحاول تكوين علاقة عاطفية معي، لكنني رفضت، وبحثت عن سائق بديل، فإذا به يعود ليخبرني بأن غرضه شريف، ويتمنى لو وافقت على الزواج منه، لكنه أخبرني بأن الزواج سيتم من خلال عقد لدى مأذون الأنكحة وشاهدين يُحضرهما هو إلى منزل أهلي، مؤكداً أن هذا ووضع مؤقت حتى يحصل على الإذن الرسمي بالزواج من أجنبية". وتابعت: "أحضر الشيخ والشاهدين، وتم الزواج بحضور والدتي وأشقائي الصغار، وقبلنا ذلك لضعفنا، ولما كنت أسأله عن وعده بالإشهار كان يدعي أن لديه ظروفاً ويجب أن أنتظر حتى يحصل على التصريح الرسمي من الإمارة". وفي وقت لاحق تقول "ه" إنه أجّر لها شقة غرفتين ، قام بحبسها فيها طوال سنة وأربعة أشهر، لم تتمكن خلالها من زيارة أهلها، كما أمرها بالتكتم على أمر الزواج خوفا من العقاب. وتضيف: "عندما علم بأني حامل طلب مني إنزال الجنين فوراً، وحين رفضتُ هجرني؛ فعدت إلى منزل أهلي، وأنجبت هديل؛ لأفاجأ به يتصل بي ويطالبني بإلقائها أمام باب أحد المساجد أو دور رعاية الأيتام؛ وذلك بحجة أن وجود هذه الطفلة قبل حصوله على إذن الزواج سيسبب له مشكلة كبيرة". صبرت الزوجة وتحملت، متصورة أن قلبه سيرق للصغيرة مع الوقت، وبالفعل وجدته بعد عام يتصل بها طالباً أن تلقاه في الحرم مع البنت، ولشدة أملها سارعت اليه منتظرة الفرج أمامها وهو يعبر عن ندمه ورغبته في تصحيح ما فات، طالباً منها أن يدخل بابنته إلى صحن الكعبة؛ ليطوف بها تكفيراً عن ذنوبه. "صدقته!!".. قالتها الأم بشيء من لوم الذات؛ وذلك لأن ما حدث لها بسبب هذا التصديق لم يخطر على بالها أبداً؛ فالزوج أخذ الطفلة بمفرده مستغلاً ظرفاً خاصاً منعها من الذهاب معهما، لكنه تأخر في العودة "فقمتُ أبحث عنهما أو على الأقل عن ابنتي، واتصلت به فردّ عليّ بعنف قائلا: انسي البنت اللي بتذليني بها. لم أيأس، وبحثت في كل الأماكن حتى وجدت طفلتي لدى شرطة الحرم التي وجدتها في الدوارق". وتضيف: "طلبت استلامها فطلبت الشرطة إثبات هويتي والأوراق التي تثبت أنها ابنتي؛ فأبلغتهم بالقصة، وبالاتصال بجوال زوجي أنكر معرفتي ومعرفة الطفلة؛ فتمت إحالتنا إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، وتم طلب حضور والد طفلتي ، فلما حضر أنكر زواجنا، واتهمني في شرفي، ووصفني ب(الزانية)". لم تجد الزوجة أمامها غير مطالبة المحقق الذي كان يصغي في بداية للقضية بإجراء تحليل حمض dna؛ للتأكد من أبوته للطفلة، وبالفعل تم أخذ التحاليل، لكن فجأة قُلبت القضية ضدي، ونصحني البعض بالتنازل عن الدعوى، لكنني رفضتُ؛ فأحيلت معاملتي إلى المحكمة الجزائية التي حكمت عليّ بالسجن 11 شهرأً قضت منها 6، وتم الأفراج عني لشمولي بالعفو ولحفظي القرآن الكريم. وتتابع "ه": "لا تزال طفلتي بحضني، لكن بدون هوية، ومن خلال سبق أطلب من المسؤولين النظر في قضيتي من باب الإنسانية والإنصاف؛ لأني متأكدة مما أقول، وأطلب إعادة تحليل dna؛ لإثبات نسب الطفلة من خلال تشكيل لجنة عالية المستوى، كما أطلب محاسبة جميع من ظلمني وظلم طفلتي وزوّر في التحاليل والمستندات السابقة". وأبدت أم هديل استعدادها لقبول أي جزاء إذا لم يثبت تحليل dna أبوّة الطفلة لزوجها ، الذي أخفى عقد النكاح الذي عاشرها بمقتضاه. يُذكر أن "ه" سوف تقدّم الأسبوع القادم شكوى رسمية لإمارة منطقة مكةالمكرمة وكذلك فرع جمعية حقوق الإنسان وديوان المظالم.