تناقلت وسائل الإعلام مؤخراً قضية «طفلة عنيزة» البالغة من العمر تسع سنوات، التي زوجها والدها من رجل خمسيني لديه زوجتان، حيث رفعت والدة الطفلة قضية لفسخ العقد، وأخذت تراجع المحكمة بأمل البت فيها، ولكن القضية ظلت لدى قاضي محكمة عنيزة ولم يتم النظر فيها، ورفعت القضية لجمعية حقوق الإنسان ليعقد القاضي بعد ذلك الجلسة الأولى بعد ترقب، وأصدر حكماً بتأجيل القضية لثلاثة أشهر لاعطاء الزوج فرصة للعدول عن رأيه، وبعد انقضاء المدة أصدر القاضي حكمه النهائي والذي يقضي بجواز زواج الطفلة على أن تقيم الطفلة دعوى على زوجها إذا بلغت، وقد عرض على الزوج الصلح وطلاق الطفلة مقابل ارجاع المهر، إلا أنه رفض وخابت ظنون وآمال الكثيرين. وبناء على ذلك طالب المحامي عبدالله الجطيلي (محامي الطفلة) بوضع ضوابط صارمة في العديد من الأنظمة وخاصة فيما يتعلق بمأذوني الأنكحة، وضوابط يجب أن تفرضها وزارة الصحة بشأن فحص ما قبل الزواج. «الرياض» تمكنت من لقاء والدة الطفلة بعد صمت طويل للحديث عن هذه القضية، فوجدت قلب الأم محطماً، ولها العذر في ذلك، فمن منا يريد نشر تفاصيل حياته الشخصية على الملأ، ولكن حين تهوى إلى قاع اليأس ويتخبطك الظلم والأسى فلا بد لك أن تستصرخ الضمائر الحية وما أكثرها كي تستجيب لك وتلبي نداء العقل لا الهوى، وفيما يلي نص الحوار: ٭ بداية هل تم حذف اسم طفلتك من «دفتر العائلة»؟ - لقد تم عقد النكاح، وحذفت طفلتي من بطاقة العائلة، وأضيفت إلى بطاقة الزوج، وذلك في 15/6/1428ه، قبل خروجي من البيت رافضة لك ب 45 يوماً، وكل ذلك ولم يطلعني والدها على الأمر. ٭ ومتى علمت؟ ومن نقل لك الخبر؟ - علمت بزواج طفلتي بعد عشرة أشهر كاملة، فقد أبلغتني بذلك شقيقة زوجي (عمة طفلتي)، حينها وقع الخبر علي كالصاعقة، على الرغم من إحساسي بأن شيئاً كهذا قد يحدث، وكانت الشكوك تراودني في أنه سيفعلها، حيث ألمح لذلك بعد خلاف بيننا ولكن أقنعت نفسي بأنه لن يفعل. ٭ وهل تعلم الطفلة عن زواجها؟ - لا، فقد أخفينا عنها ذلك خوفاً على مشاعرها أمام الأطفال الآخرين أو من ردود سيئة كالخجل من الزميلات في المدرسة أو لدى الأقارب والأصدقاء وغير ذلك من الانفعالات، وهي لا تعلم عن ذلك الزواج شيئاً حتى يومنا هذا بأمل أن تنفرج الغمة. ٭ وكيف اجتازت الفحص الطبي؟ - أثناء إجراء فحوصات ما قبل الزواج بمستشفى بريدة، وعند أخذ عينة الدم سألت طفلتي والدها (بابا ليش يسحبون مني دم؟) أجابها بوضوح وببراءة الكبار لأن لديك (انفلونزا) والطبيب يريد ذلك. ٭ وماذا عنك تجاه الفحص؟ - من جهتي فقد استفسرت من زوجي عن السبب فأجابني بكلام مماثل، وقال من حقي أن اطمئن على ابنتي وقد دفعت مبلغاً لذلك وأن الطبيب سيعمل لها تحليلاً ليطمئن عليها ولم أصدق ذلك لأن طفلتي قد تشافت من الانفلونزا في الوقت الذي أخذها فيه للمستشفى. ٭ وأين تم عقد القران؟ - في بريدة!! ٭ والسبب؟ - ليس لدي إجابة قاطعة عن السبب، ولكن في عنيزة قد ينكشف الأمر، أما في بريدة فلا أقارب هناك وقد يكون لمآرب أخرى وعلم ذلك عند الله. ٭ من شهد على عقد القران إذاً؟ - شهود لا يمتون لنا ولا للزوج بأي صلة هم من شهدوا على العقد، فلا يعرفون من نحن ولا من نكون. ٭ معنى هذا أن الطفلة لم تكن موجودة وقت العقد؟ - لا. ٭ من قام بالتوقيع على العقد؟ - الله أعلم!! ٭ وماذا عن المأذون وكيف سمح بهذه التجاوزات؟ - أيضاً لا أعلم، ولكني استطيع أن أقول عن ذلك أنه تساهل في الأمانة، فالعقد في بريدة والطفلة عندي ولا أعلم من قام بالتوقيع على العقد بدلاً عنها. ٭ للقضية أحداث متسلسلة فما هي بالضبط؟ - قدمت شكوى إلى المحكمة وقمت بتوكيل المحامي (عبدالله الجطيلي) للترافع في القضية، حيث ظلت القضية حبيسة الأدراج لمدة شهرين ونصف، وسافر القاضي والقضية لا زالت محفوظة في مكانها، ونحن ننتظره فكنا خلالها نراجع القاضي، بجمعية حقوق الإنسان (الأهلية) ووعودنا خيراً، ثم أعطى القاضي موعداً للجلسة الأولى في 20 رمضان ثم أقر بعدها صحة الزواج وحدد 100 يوم لاقناع الزوج بطلاق الطفلة. ٭ وماذا بعد؟ - بعد أنتهاء المدة أصدر القاضي بمحكمة عنيزة الشيخ حبب الحبيب حكمه النهائي وأجاز الزواج وبعدها طلب إقناع الزوج بتطليقها أو إعادة المهر له وقدره 30 ألفاً ليتنازل ويطلقها. ٭ وما هي ردود فعلك بعد صدور الحكم؟ - بكيت وقلت للقاضي بعد تردد طويل لما كل هذه المدة؟ فالمدارس على الأبواب وابنتي لا تعلم عن خبر زوجها وقد أخفينا ذلك عنها وأخشى أن تتلقى الخبر بغتة في المدرسة، فطلب منا نقل الخبر للطفلة. ٭ وماذا بعد؟ - انتهت ال 100 يوم وانعقدت الجلسة الأخيرة وأصدر القاضي حكمه بجواز العقد وبأن الطفلة لها الحق في قبول الزواج أو رفضه عند بلوغها بدعوى (مستقلة»!! ٭ وما موقفك؟ - غضبت وحزنت والأسباب لا تخفى على الجميع، وقد حاولت التحدث مع القاضي ولكنه لم يسمع لي. ٭ أين استقرت القضية الآن؟ - لدى هيئة التمييز وأدعو الله أن يعجل بالفرج. ٭ ما صحة ما تردد حول زواج ابنتك بأنه جاء نتيجة مغادرتك لبيت الزوجية؟ - أبداً.. فالكلام عار عن الصحة فابنتي زوجها أبوها وأنا ما زلت أعيش معه وقبل مفارقته بحوالي شهرين ونصف الشهر ولم أعلم عن تزويجها. ٭ إذاً ما هي دوافعه أو مبرراته؟ - فعل ذلك بعد أن امتنعت عن شراء سيارة له بقيمة 120 ألف ريال ولم أعلم بأني سأدفع ثمن رفضي غالياً. ٭ كيف؟ - أخذ أولادي من مدارسهم ظهراً إلى حيث لا أعلم ثم أقفل جواله وغاب ومعه الأطفال لمدة ثلاثة أيام بلياليهن.. فتدهورت حالتي الصحية والنفسية وكدت أجن لولا لطف الله. ٭ وأين كان أطفالك عند غيابهم؟ - عندما أعادهم إلي أخبروني بأنهم كانوا يبيتون في أماكن مجهولة أحدها كا في مسجد مجاور لمحطة بنزين وتقول ابنتي أخذنا بعد ذلك إلى البر لننام عند رعاة للغنم. ٭ وما حال أبنائك في تلك الفترة؟ - لك أن تتخيلي كل معاني الرعب والألم على فراقهم لي فقد عادوا إلي بوجوه مصفرة تقول طفلتي: كنت أبكي ويشتد بكائي ليلاً ويصيبني التعب فأغفو قليلاً ثم أصحو مذعورة وأبكي مرة أخرى خوفاً وحزناً على بعدنا عنك وهكذا حتى الصباح، وقد فكرت بالهرب ليلاً مرات عديدة ولم أفلح. والأدهى من ذلك أن زوجي يتركهم في تلك الأماكن ويأتي إلى المنزل لتغيير ملابسه ثم يعود، دون أن يجيبني عن تساؤلاتي عن غياب الأطفال وكدت أجن. ٭ وماذا حدث بعد ذلك؟ - عاد للمنزل ومعه الأطفال.. وبدلاً من أن يقدم اعتذاراً أو يفسر لي سبب حرماني من أطفالي قال لي بأنه سيذهب إلى الوكالات لمعرفة أسعار السيارات كي اشتري له سيارة مع أن وضعي الصحي والنفسي سيئ للغاية، وبعد أن غادر المنزل أخذت أطفالي وانطلقت إلى أهلي، وبعد عودة زوجي إلى المنزل لم يجدنا، فاتهم أخي بأنه قفز إلى منزلنا وأخذني معه وتقدم بشكؤى بذلك وطعن بأسرتي وبسمعة أخي أمام القاضي. ٭ ما موقفك من زواج الطفلة؟ - لا أوافق ليس لأن ابنتي صغيرة فقط ولكن لأن فارق السن بينهما كبير فلو كان العمر متقارباً لكان الأمر أخف وأهون ولكن الزوج خمسيني فكيف إذا امتد به العمر سنوات أخرى قادمة وأصبحت طفلتي مهيأة للزواج؟ ٭ وهل سبق له الزواج؟ - نعم وعلى ذمته زوجتان الأولى تسكن في (منزل أبيه) والثانية من بريدة ولا أعرفها، فأي زوج هذا أسلمه طفلتي؟! ٭ وماذا عن وضع الطفلة الآن؟ - ابنتي في رعايتي ورعاية أهلي وأدعو الله أن أعيش أنا وأطفالي بسلام واطمئنان فلست ساعية لجاه أو مال بل إلى راحة وأمان. ٭ صوتك الأخير إلى أين تريدين أن يذهب؟ - لكافة المسؤولين للتدخل في حل القضية، فمن غير المعقول طفلة صغيرة لم تبلغ بعد يتزوجها رجل يتجاوز الخمسين سنة، هل هذا حق..؟، هل هذا يصح..؟، أجيبوني جميعاً..