فوجئت المسنة المواطنة (ب.ح.ز)، التي تعاني قصوراً كلوياً وضيقاً في الصمام وارتجاع شريان رئوي، يوم السبت الماضي بإخراجها من غرفتها الكائنة بالدور الثاني إلى غرفة بالدور الرابع في الصباح الباكر، ودخول عدد كبير من الأطباء على دفعات؛ ما أشعرها بالملل، خاصة بعد اكتشافها أنها كانت تخضع لاختبار لطلاب الجامعة بقسم الطب، دون أخذ موافقتها على ذلك، وإخبارها بأنه سيتم صرف مكافأة مالية لها. وفي التفاصيل التي يرويها ابنها عبدالهادي الحسني ل"سبق" يقول: فوجئت عندما حضرت لزيارة والدتي المنومة بمدينة الملك عبدالله الطبية بأنها ليست في غرفتها، وقد نُقلت لقسم القلب لإخضاعها لاختبار، دون أخذ موافقتها عليه.
وأضاف بأن والدته تضايقت من أعداد الأطباء الذين كانوا عندها في الغرفة، وعند سؤالها للممرضات أفدن بأن لديها (اختباراً للقلب)، وظنت أنها أشعة أو اختبار لكفاءة القلب، وعند الاستقرار بالغرفة المنقولة لها تساءلت عن نوع الإجراء الذي يتم معها، وتبين لها أنه اختبار لطلاب الطب بالجامعة، فأبلغت الطاقم أنها لا تريد هذا الإجراء، وأنها مرهقة جداً، وانفعلت، لكن دون جدوى تحت الضغوطات من الطاقم المشرف، التي تتمثل في (التهدئة والمماطلة).
وأردف بأن والدته مكثت على هذه الحال من الصباح، نحو الساعة السابعة صباحاً، إلى الظهر، بالرغم من أنهم أخبروها قبل صعودها بأنه اختبار للقلب، ولا يتعدي ساعتين، وفوجئت بالطاقم في محاولة لتمرير الاختبار عليها بإخبارها بأنهم سوف يعطونها (500 ريال مكافأة)، على حد تعبيرهم.
وقال "الحسني": ما حصل تجاوز لأخلاقيات المهنة، وعدم احترام لرغبة المريض الذي من المفترض أن يكون له مساحة كافية من اتخاذ القرارات، كما أنهم لم يتواصلوا معي ليخبروني بهذا الإجراء، وعند السؤال عن هذا الأمر فوجئت بأن الموضوع تم على علم من مدير المستشفى وبأمر منه.
وتابع: عند سؤال علاقات وحقوق المرضى عن هذا الإجراء الذي تم دون إبلاغ أو أخذ موافقة المريض وأهله، وعن صحته، أفادوا بأن تفويض الدخول الموقع عليه من أي مريض فيه بند بذلك، وأنه ليس من حق أي مريض الرفض، وعند رجوعي للبند ورد فيه "أوافق على أن يقوم متدربو الطب والتمريض والمهن الطبية الأخري بالمساعدة في تقديم الرعاية الصحية اللازمة لي، وتحت إشراف الطبيب المعالج"، وهذا البند لا يسمح بإجراء اختبار الطلبة على المريض في أي حال من الأحوال وبأي طريقة كانت. ولأن الاختبار الذي جرى دون إبلاغنا فلا يدخل تحت أي ظرف في الرعاية الصحية اللازمة للمريض؛ لأن الاختبار يصب في مصلحة الطلبة، وليس في مصلحة المريض المعبر عنها في البند السابق (بالمصلحة اللازمة لي).
وأردف ابن المريضة: بعد شعور المستشفى بالخطأ الذي ارتكبوه، بعدما أبلغت علاقات وحقوق المرضى، حاولوا إمضاء الوالدة على توقيع استلام مبلغهم البخس، وهذه المحاولة أتت بالرغم من أنني أبلغت طاقم التمريض بعدم جعلها توقع أو تبصم على أي إجراء دون الرجوع إليّ، والاتصال بي، وبالفعل أبدوا موافقتهم، وسجلوا رقم جوالي لديهم؛ لأنها تعاني عدم التركيز أحياناً، ولعدم استيعابها للمصطلحات الطبية والإجراءات الإدارية لكبر سنها، ولأنها أمية.
وأكد "الحسني" أنه هو المتابع لحالتها من العائلة منذ قرابة ثلاثة أشهر حتى خرجت من المستشفى بعد تعطيل المستشفى قبولها في التخصصي بالرياض، وأنه سعى بنفسه في إجراءاته حتى حصل على قبول الحالة بالتخصصي، وحصل على أمر ملكي بالإخلاء الطبي الخاص.
وقال: "هم لم يحولوها بالرغم من إقرارهم بأنها تحتاج لمركز أكثر تقدماً، وأخبروني بأنه في حال إتياني بقبول من مستشفى آخر أكثر تقدماً فإنهم سيخلون الحالة، وحين جئت بالقبول رفضوا الإخلاء، بحجة أنهم لم يحولوها، فاستصدرت أمراً ملكياً بذلك، لكن الغريب أن بعض الأطباء كانوا متضايقين من وجودها بالمستشفى، وحرصوا على إخراجها بأي طريقة، بل كانوا يساومونا إما أن نخرج من المستشفى، أو يكتبوا في تقاريرهم أن المريضة لا تحتاج لا للنقل ولا للذهاب للتخصصي".
وأكمل: للأسف، أرسلوا تقريراً قديماً للحالة عند طلب الإخلاء، بدلاً من إرسال تقرير حديث، وهذا التقرير هو ما تسبب في إلغاء قبولها بعد قرار اللجنة القبول بالتخصصي، وتسبب في كسر الأمر الملكي بإخلاء الحالة. وعند سؤالي لهم واجتماعي معهم أقروا بالخطأ، وقالوا إنهم سيرسلون التقرير الحديث مرة أخري.
وقال إن المستشفى بعد أن تسبب في إلغاء القبول بالتخصصي ضغط علينا لإخراج المريضة تحت حجة أن خطأهم الذي ارتكبوه سيأخذ وقتاً لإصلاحه، وأن المريضة لا بد أن تخرج، وألا حاجة لجلوسها، ووعد المدير التنفيذي بأنهم سيعيدون إرسال تقرير حديث، بعد إرسالهم التقرير القديم الذي تسبب بإلغاء الحالة، وأنهم لا يضمنون القبول بالتخصصي للمريضة مرة أخرى، وكأنهم ليسوا المسؤولين عن هذا الإلغاء للقبول، وفي حالة القبول سيساعدونني بحسب الأنظمة المتبعة، وإن لم يقبل التخصصي فهناك إجراء آخر، بناء على كلام المدير التنفيذي.
وذكر: فوجئت باتصال المدينة الطبية، وإبلاغي بأن التخصصي رفض الحالة؛ لأنه لا يوجد ما يقدمه لها زيادة عما قدمته المدينة الطبية.
وهنا أوجّه الرسالة الأكبر لأمير منطقة مكةالمكرمة، وهي: "أريد إجابة واضحة منهم على السؤال الآتي (إن لم يوجد شيء جديد يقدمه التخصصي حسب جوابه الأخير فلماذا تم القبول قبل هذا الرفض الجديد بشهر تقريباً؟! ولماذا تم الأمر بإخلاء الحالة؟! هل يعقل أن يتم القبول الأول وأمر سيدي ولي العهد بإخلاء المريضة التي قُبلت وكانت تنتظر السرير على أساس أنه لا يوجد شيء يقدمه التخصصي؟!) ولدي ما يثبت قبول المريضة في المرة الأولى، ورقم معاملة المريضة بالإخلاء، والأمر الملكي بالإخلاء.. وكلها مثبتة".
وناشد ابن المريضة أمير منطقة مكة التدخل السريع للنظر في وضع المدينة التي تحمل اسم والده ووالدنا، على حد تعبيره، وقال: "أناشد سموك الكريم محاسبة كل مقصر، ومساءلته عن خطئه الذي تسبب في إلغاء قبول والدتي بالتخصصي، الذي اعترف به المستشفى، ولم يحل الخطأ بجدية، ومحاسبة من انتهك حق والدتي بالعلاج في التخصصي، ومن تسبب في كسر الأمر الملكي الذي خاطبتكم به مشكورين حين أرسلتم لمقام ولي العهد بالنقل، وتمت الموافقة، ومن انتهك خصوصية والدتي وجعلها وسيلة تعليمية لإجراء اختبار الطلبة المتدربين، وإلزام المتسبب بإجراء جميع ما من شأنه أن يعيد قبول المريضة بالتخصصي، وتأمين إخلائها".
وقال: "أمي مريضة، ولا يعمل قلبها أكثر من 30 %، وليس لديها إلا ربع كلية، ومرت بغيبوبة لمدة شهر، ولديها جلطة دماغية سابقة؛ وأناشد سموك الكريم لأنني لم أجد من ينصفها قبل أن تتدهور حالتها وتنتكس، ولن أنسى كلمة سيدنا خادم الحرمين الشريفين حين أوصاك بأهل مكة، وكلي ثقة بسموكم الكريم برفع التجاوزات التي حصلت عليّ وعلى والدتي؛ لأننا بدأنا نشعر بأن الأطباء والمستشفى هم المتفضلون علينا بالعلاج وليس الفضل لله أولاً ثم للأب الحنون سيدي خادم الحرمين".
ومن جانبها، أوضحت مدينة الملك عبدالله الطبية أن رسالة المدينة كمنارة للعلم، وتتشرف بأنها تحتضن أكثر من (11) برنامجاً للدراسات العليا التابعة للهيئة السعودية للتخصصات الصحية، ومن ضمنها برنامج التخصص للأمراض الباطنية. وقد شاركت المدينة الطبية العام الماضي وهذا العام في تنظيم الامتحان النهائي للبورد السعودي لأبنائنا الأطباء، الذين أكملوا تدريبهم في هذا التخصص.
وشارك الكثير من المرضى في هذا الامتحان بعد أخذ موافقتهم على المشاركة، ومن ضمنهم المريضة المذكورة (ب. ح. ز)، وقد كان الفحص المطلوب للامتحان محصوراً في منطقة القدمين.
وأضاف المشرف على برنامج البورد السعودي للباطنة، الدكتور عبدالحكيم المروني، بأن كل المرضى المشاركين في الامتحان السريري تم شرح طريقة الامتحان لهم، وأخذ موافقتهم قبل الامتحان.
وأوضح الدكتور أسامة الخطيب مدير مركز القلب أن مدينة الملك عبد الله الطبية قامت بواجبها تجاه المريضة من الناحية الطبية على أكمل وجه، وقد تم عقد اجتماعات عدة متتالية وموثقة في إدارة علاقات وحقوق المرضى بين الاستشاريين في الفريق الطبي المعالج وابن المريضة لإطلاعه على آخر المستجدات في حالة والدته، والخطة العلاجية، والإجابة عن جميع استفساراته. وإضافة إلى ذلك، تم إعطاء المريضة غرفة خاصة لتمكين ابنها من البقاء معها مرافقاً، كما تمت مقابلة ابن المريضة من قِبل المدير الطبي بحضور مدير إدارة حقوق وعلاقات المرضى، ومناقشة حالة والدته.
وأوضح: أبدى ابن المريضة رغبته في نقلها لمستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض، وقد أكد المدير الطبي لابن المريضة أنه في حال قبول حالة والدته في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض فإن الإدارة الطبية ستبذل ما في وسعها لمساعدته على نقل المريضة لمستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض حسب الأنظمة المتبعة.
وبين: تم إرسال صورة من التقرير الطبي الحديث إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بناء على رغبة أهل المريضة بتاريخ 27/ 11/ 2014، وجاء رد مستشفى الملك فيصل التخصصي بتاريخ 1/ 12/ 2014 بأن المريضة قد تلقت العلاج اللازم بمدينة الملك عبد الله الطبية بمكة، وليس هناك أي خدمة علاجية إضافية يمكن تقديمها للمريضة بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض.
وختم بقوله: على الرغم من ذلك فقد قامت الإدارة الطبية بمدينة الملك عبد الله الطبية بتكوين لجنة أولية للتحقق من كل ما ذكر في شكوى ابن المريضة، والرفع بتقرير مفصل عن الحالة.