تستفز الشروط الجزائية لمدربي المنتخب السعودي الأول لكرة القدم الشارع السعودي؛ إذ يرون في هذه الشروط إهداراً للمال العام في تعاقدات فاشلة، لمنتخب ضائع؛ لم يحقق أي انجازات منذ أكثر من 11 سنة. وكان آخر هذه المستويات الهزيلة التي قدمها الأخضر خسارة نهائي "خليجي 22" في الرياض، حتى أصبحت جملة "الصقور الخضر" ملتصقة بأجيال الذهب والتضحيات خلال عقودٍ مضت.
ورغم أن الشرط الجزائي لمدرب الأخضر الحالي لوبيز كارو (15 مليون ريال) ليس الأعلى بين الشروط الجزائية الأخرى لمدربي الأخضر، إلا أن تأثيره كان كبيراً على عدد من المواطنين الذين رأوا أن هذا المدرب لا يستحق نصف أو ربع هذا الشرط، مشيرين إلى أن المتعاقدين مع مدربي الأخضر يتساهلون في بنود التعاقد، ولا يضعون شروطاً جزائية للمدرب الذي يفشل في تحقيق بطولات بسيطة، اعتاد المنتخب على أن يحققها بسهولة.
23 مليون ريال وخلال السنوات التسع الماضية أُقيل من تدريب المنتخب السعودي خمسة مدربين، أولهم كان جابرييل كالديرون، الذي أقيل في ديسمبر 2005. وأُقيل المدرب ماركوس باكيتا في مارس 2007. وأُقيل هيليو أنجوس أواخر يونيو عام 2008، ثم جوزيه بيسيرو في يناير للعام 2011، قبل أن يقال الهولندي فرانك ريكارد منتصف يناير 2013.
وبلغت الشروط الجزائية لهؤلاء المدربين بجانب لوبيز ما يقارب 37 مليون ريال، بخلاف المرتبات والمكافآت.
وفيما حصل ريكارد على 18 مليون ريال حصل كالديرون على 1.8 مليون ريال، ونال بيسيرو 750 ألف ريال، وضعفها للمدرب باكيتا، وأخيراً حصل أنجوس على 993 ألف ريال.
إعداد المنتخب ونفى الأمير نواف بن فيصل، الرئيس العام السابق لرعاية الشباب، قيام المقام السامي بتحمل تكاليف الشرط الجزائي في إنهاء عقد المدرب ريكارد بداية العام 2013، وأكد أن ما تناقلته وسائل الإعلام منسوباً له ولبعض المسؤولين في الرئاسة العامة لرعاية الشباب والاتحاد السعودي لكرة القدم حول موافقة الجهات العليا على التعاقد مع المدرب ريكارد والطاقم الفني المساعد له للإشراف على إعداد منتخب السعودي عارٍ من الصحة، وأكد أن انسحاب الشركة الراعية للمنتخب السعودي من رعايتها بسبب عدم تأهل المنتخب لنهائيات كأس العالم الماضية 2010 جعل الرئاسة تطلب من وزارة المالية تعزيز التعاقد مع المدرب ريكاد، شأنها في ذلك شأن أي جهة حكومية تواجهها مستجدات تدفعها إلى التزامات لم تكن مدرجة في الموازنة العامة.
طي الكتمان واعتاد اتحاد كرة القدم السعودي على عدم الإعلان صراحة عن الأمور المالية لتعاقداته مع مدربي المنتخب الأول لكرة القدم، لأسباب يحتفظ بها لنفسه، بيد أن تسريبات صحفية تنجح في الوصول إلى أرقام التعاقدات والرواتب وآلية تحديد المكافآت، ويبقى الشرط الجزائي طي الكتمان حتى موعد فسخ التعاقد مع المدرب.
تطوير كرة القدم ويضحك عبدالله الخالدي ساخراً من قيمة الشرط الجزائي ل"لوبيز"، وقال: "أعمل مهندساً في شركة أرامكو منذ 15 عاماً، ورغم ذلك لم أستطع أن أجمع مليون ريال من راتبي الكبير نسبياً؛ كي أشتري منزلاً خاصاً، فيما استطاع لوبيز أن يحصل على 15 مليوناً شرطاً جزائياً بعد تعاقده مع الاتحاد السعودي قبل نحو عام فقط".
وتساءل: أليس هذا إسرافاً لا فائدة منه من مسؤولي الاتحاد، خاصة إذا عرفنا أن المدرب لم يفعل شيئاً يذكر للمنتخب، ولم يحقق كأس الخليج، التي اعتاد المنتخب السعودي أن يحققها بأقل مجهود؟
وتابع: لست متخلفاً أو رجعياً أو غير ملمّ بأساسيات كرة القدم واحتياجاتها؛ فأنا أعلم أن اللعبة لا غنى لها عن الاحتراف الذي بات شيئاً مهماً وضرورياً للاحتكاك واكتساب الخبرة اللازمة، وأعلم أيضاً أن المدرب الأجنبي واللاعب الأجنبي شيء أساسي لتطوير كرة القدم، وهذا يتحقق مع أندية الدرجة الممتازة وبعض أندية الدرجة الأولى. وعلى مدار السنوات الخمس الماضية لم نجد من بين المدربين الأجانب ما يحقق القدر اليسير من التفوق للمنتخب السعودي، وبات الأخضر يتفوق بصعوبة على منتخبات آسيوية ضعيفة، كنا في السابق نتخم شباكها بجملة من الأهداف، مثل الهند أو بنجلاديش وإندونيسيا، وحتى كوريا.
فشل لوبيز وبيسيرو ويحلم ثامر القحطاني بأن يدرب المنتخب السعودي لمدة أسبوعين فقط، ويقول: "تخرجت في كلية الشريعة الإسلامية قبل ثلاث سنوات، عملت خلالها لمدة خمسة أشهر في القطاع الخاص، وباقي المدة أقضيها عاطلاً في البيت".
ويضيف: تخيلت للحظة واحدة أن الاختيار وقع علي لتدريب المنتخب السعودي. ولأنني لا أفقه شيئاً في التدريب حتماً سيتم إنهاء تعاقدي بعد أيام. وفي هذه الأثناء يكفيني أن أحصل على شرط جزائي، أؤمن به مستقبلي ومستقبل أسرتي وأبنائي من بعدي!
وزاد قائلاً: "فشلي مع المنتخب السعودي لن يتجاوز فشل لوبيز أو بيسيرو، أو حتى ريكارد صاحب الشرط الجزائي الأضخم بين المدربين المتعاقبين على تدريب المنتحب السعودي".
ويرى القحطاني أن التدريب، بوصفه مهنة، ليس بالأمر الصعب أو المستحيل كي يتعلمها المواطن السعودي، ويقول: "لماذا لا نسعود كرة القدم؟ ولماذا لا تعمل وزارة العمل على توطين الوظائف في الأندية؟ فنحن لسنا إسبانيا أو إنجلترا أو إيطاليا كي نستقدم أعلى المدربين وأشهر اللاعبين؛ فالرياضة في هذه الدول باتت مصدر دخل كبير، أما في ملاعبنا فهي مصدر للإنفاق وإهدار المال العام، وليس أدل على ذلك من المبالغ التي نفقدها من وراء مدربي الأخضر الفاشلين".