تناثرت دموعها وهي تبكي على حالها وحال أبنائها الستة، لعلها تغسل أحزانها وألمها ويداوي جروحها الغائرة في جسدها الذي تحول للوحة مفجعة امتزجت في ألوان العنف بعد أن كان ناعماً وبريئاً وتنتظر يداً تنتشلها من وحل الخوف والفزع واليأس، بعد أن أسقط زوجها جدران الأسرة وهدم قواعد العاطفة والإحساس.. تلك هي حالة المرأة المكلومة في واقعها المرير نتيجة زواج خاطئ بدأ بإجبارها وهي "طفلة قاصر" ذات تسع سنوات عندما تمت خطبتها من رجل في العقد الرابع من عمره يعد صديقاً لوالدها والذي سلمه إياها مقابل "صفقة مُخدرات" اعتبرت مهراً لها كونهما شريكين، وظلت طوال السنوات الأربع لا تعلم شيئاً عن تلك الصفقة، فبدلاً من أن تفرح بدمية تلعب بها وقعت دمية في يد ذلك الرجل الذي لعب بها وقلب كيانها وحوله لدماء وعنف وإدمان حتى أدخلها أجواءه بالضرب. تزوجت منه "مكرهة" وهي في الثالثة عشرة من عمرها بعد فشل جدها وعمها، اللذين لم يحضرا، في منع تلك الزيجة، عندما قوبلا بالسلاح من والدها، ما دفعهما للتخلي عنها حتى اللحظة. انتقلت المرأة بزواجها من إحدى قرى جنوبالطائف ورافقت زوجها للعيش معه بالرياض، فيما كانت تعرفه بأنه "متعاطي مخدرات" من خلال صداقته لوالدها حيث كانا يتسامران بمنزلهما لحين شاهدت ذلك بعينها وتأكدت حيث تناول شرب المسكر وبدأ ينفث دخان الحشيش حتى أجبرها على الدخول في أجوائه بخلاف خلطه للمسكر مع عصير البرتقال وشربه دون أن تعلم. تقول من وصفت نفسها ب "المعذبة": تأثرت كثيراً وكنت أعاني فقدان الحشيش، حيث أشعر بالألم في رأسي بخلاف بعض التصرفات التي تصدر مني وأهمها ارتطامي بالجدران وعرفت بعدها أني أدمنت، وهذا كان هدف زوجي بعد أقل من أسبوع من زواجي منه، وبدلاً من أشعر بشوق تجاهه كوني زوجته أصبح شوقي له من أجل المخدر . وروت أول تفاصيل العذاب الذي عاشته بقولها: بعد نصف شهر من زواجنا أحضر "خادمة" من المجهولات للمنزل، وعندما سألته قال: من أجل والدتي لتتولى شؤونها، ووعدها بعد ذلك بالسفر للخارج لقضاء شهر العسل، عندها فرحت كثيراً ولكنها فوجئت في ذات ليلة بوجود والدها مع زوجها في المنزل يتابعان "أفلاماً إباحية" وكانت تجلس معهما دون أن يمنعاها مطلقاً، حينها طلب زوجها منها بأن تنادي الخادمة من أجل رفع بعض الأشياء وتنظيف الغرفة وهو يقصد أن تتواجد حتى ترى الأفلام، وعند حضور الخادمة طلب منها أن تبقى ولكن منعتها زوجته والتي كانت وقتها في حالة غير طبيعية كونها اشتركت معهما في تعاطي الحشيش حيث خرج عن طوره وغضب منها كونها منعت الخادمة من البقاء معهما، ودخل معها في حوار مفصحاً لها بأنه كان يرغب في بقائها. إثر ذلك سمعت الخادمة ما تحاورا به وحاولت الخروج من المنزل وتابعها بمسدس كان يحمله بيده مانعاً إياها من الخروج، حيث هددها بالقتل إن لم تمكنه من نفسها لاغتصابها ولكنها رفضت، حينها أطلق 3 رصاصات إحداها في سقف الغرفة والثانية خرجت مع نافذة الغرفة والثالثة أصابت كتفها لتدخل في حالة إغماء، حيث تخوف من الوضع ولكن نجت كون الرصاصة سطحية وغير نافذة، عند ذلك تولت هي ووالدها نقلها بسيارة ليموزين لمكان طلبت هي أن تصله". وبعد مرور أسبوعين قبض على أخ زوجها غير الشقيق والذي أحضر الجهات الأمنية لمنزله بالرياض بعد أن كانت قد أبلغت الخادمة عما تعرضت له، حيث تمت معاينة آثار الطلقات والقبض عليه واستيقافه رهن التحقيق لحين استدعوا زوجته والتي كانت قد تلقت اتصالاً من زوجها يؤكد عليها بعدم الإفصاح عن تفاصيل ما حصل، وطلب منها أن تقول بأنه كان ينظف سلاحه وصدرت منه الطلقات دون قصد، إلا أن زوجته ذكرت الحقيقة بعد أن طلبت الحماية من ضابط التحقيق والذي أخبرها بأنه في حال كشفه سيخبره بأن زوجته وبعد الضغط عليها اعترفت، حينها حُكم عليه شرعاً بالسجن 9 أشهر حيث ظلت تنتظره حتى خروجه مبيتاً انتقامه منها كونها اعترفت بالحقيقة عندها انتهج معها وسيلة الضرب المستمر مستخدماً رافعة السيارة والعقال والأحذية واللطم بالكفوف , فيما تغير حاله من بعدها بزيادة تعاطيه للمخدرات، فبعد أن كان يتعاطى حبوب الكبتاجون والحشيش ويشرب المسكرات الخارجية والعرق الأبيض تطور وبدأ يتعاطى الأفيون. وضاقت من العيش معه ورجعت لأسرتها ومعها طفلان "ولد وبنت" وهي حامل في شهرين هرباً من ضربه لها، خصوصاً أمام والدته بعد أن كانت قد لجأت للجيران وطلبت منهم أن يوصلوها وأطفالها لأسرتها بالطائف، فاختارت زوجة جارهم لها البقاء مؤقتاً لدى شقيقها وزوجته باعتبار أن زوجها يعرف "زوج المرأة الهاربة". وبالفعل ظلت لديهم لحين حضور والدتها بعد أن كان قد رفض والدها الحضور كونه لا يرغب في خروجها من بيت زوجها، وانتقلت بها إلى منزل ابنتها بالدمام لحين عادت هي وطفلاها لمنزل عمها "شقيق والدها" بالطائف والذي كان يدافع عنها من أجل منع زواجها وظلت لديهم مدة أسبوعين في ظل تزايد التهديد على عمها من والدها ومطالبته بإخراجها من بيته على أن تعود لزوجها حتى يحصل على "مخدرات أو مبلغ مالي" كونه وعده بذلك في حال إحضارها. وتقول إنها اتصلت على والدها وهددته إن لم يبتعد عنها وأولادها بأنها ستفتح ملف قضية الخادمة من جديد كونه لم يُذكر بالقضية على الرغم من مشاركته فيها، ما دفعه لتركها، حينها عادت إلى قريتها بجنوبالطائف "مسقط رأسها" حيث وضعت مولودها وبعد أن أصبح عمره يتجاوز 8 أشهر حضر زوجها وبدأ يحاول إعادتها له حتى حقق ذلك بالإجبار من والدها , إلا أن الوضع لم يتغير إطلاقاً حتى حملت بابنها الرابع وكان يضربها ويطالبها بإجهاض الجنين . وأشارت إلى أن والدة زوجها شاهدت ابنها وهو يضربها ويمارس العنف معها وما كان عليها إلا أن أبلغت الشرطة بالرياض بعد أن كانت قد حصلت على أمر من الحماية الاجتماعية هناك موجهاً للشرطة بأن يدخلوا منزلها ويخرجوها هي وأولادها بعد أن كان قد حبسها زوجها ومنعها وأولادها من الخروج، وبالفعل حضرت الشرطة وتمكنت من إخراجها هي وأولادها وتم تسكينهم مؤقتاً بجمعية الوفاء لحين استلمتها والدتها وعادت بها لمقر قريتهم جنوبالطائف، وظلت تتابع وصول أوراقها للحماية الاجتماعية بالطائف . وحضر زوجها وهدد بالسلاح من أجل إخراج زوجته وأولادها، فيما حضر رجال مخفر الشرطة، وبعد مرور وقت ليس بالقصير عاد الزوج وتدخل بعض الوسطاء من أجل إعادة زوجته له مرةً ثانية ونجح في إقناعهم حتى تحايل عليها وعلى أولادها بدعوى أنه يرغب في التنزه معهم بالقرية ولكنه توجه بهم إلى الرياض لتبدأ معاناة جديدة وقاسية . وتشير إلى انها هذه المرأة حملت همها وهم أبنائها وعانت الأمرين من أجلهم، حيث لم يتوجه للمنزل بل ظل يتردد على خيام، وأحياناً ينامون في سيارة تحت كوبري، ومرات بمحطة مهجورة، وأشارت إلى أنه في إحدى المرات يذهب بهم إلى إحدى الاستراحات الموجود بها أصدقاؤه ويوقف سيارته المظللة، حيث تنام هي وأبناؤها وهو يمضي سهرة تعاطي المخدرات مع أصدقائه دون أن يعلم أحد منهم أن أحداً بالسيارة حتى عاد ليمارس الضرب وبشكل أقوى مما سبق بعد أن رفضت تسليمه وثائق وإثباتات رغبةً منه في الاستفادة منها في مساهمات وخلافه. وأوضحت أنها خرجت من المنزل واتجهت للحماية حيث سكنت لمدة أسبوعين إلى أن أنهت إجراءات نقلها للحماية بالطائف , وظلت 8 أشهر حتى صدور أمر من معالي محافظ الطائف، فهد بن عبد العزيز بن معمر، بأن يكون لها سكن خاص ومستقل خارجي بشرط أن تكون الحماية مسؤولة عنها, فيما تم تحويل كل أوراقها للضمان الاجتماعي ورفعوا لها بمساعدة مقطوعة قدرها 15 ألف ريال كتأثيث للمنزل الذي تسكنه بأمر المحافظ، وتم صرف المبلغ لها. وعندما علمت أسرتها "والدها وشقيقها" طلبوا منها أن تحضر لديهم وأطفالها وتسكن معهم بعد أن كانوا قد رفضوها بسبب المبلغ المالي وبعد ضغوط ذهبت معهم , حيث سكنت لديهم وأنشأت غرفة بمسكن أسرتها وباشرت تأثيثها دون أن تسلم لا هي ولا ابنتها الكبيرة من ضرب شقيقها وتعنيفه لها. نبرات صوتها تتقطع وبكاؤها يزيد وهي تناشد مساعدتها بمنزل مستقل لها ولأولادها، وأن تعيش هانئة في جو آمن لعلها تنسى ما مضى وتسعى لمسحه عبر أيامها المقبلة. يذكر أن صاحبة المعاناة عمرها 28 عاماً ولديها 6 من الأبناء"4 ذكور وبنتان" أكبرهم بنت عمرها 11 عاماً .