رسم بيان وزارة الداخلية، بشأن المتهمين المقبوض عليهم في حادثة قرية الدالوة في الأحساء، خريطة طريق تنفذها الدولة تجاه ما يقرب من خمسة آلاف مواطن، في الداخل والخارج، يعتنقون الفكر الضال، ويؤمنون بالعنف والإرهاب لتنفيذ أجندات خارجية، لا يعلمون أبعادها، بعد أن تعرضوا لبرامج "غسيل مخ" من قبل جهات متطرفة، جعلتهم لا يفكرون في تبعات ما يرتكبونه من أفعال في حق دينهم أولاً، وبلدهم ثانياً، وأنفسهم وذويهم ثالثاً. وتضم قائمة المنتسبين إلى الفكر الضال في المملكة نحو 1400 شخص موجودين حالياً في مناطق الصراع الساخنة في المنطقة، ونحو 600 شخص عادوا إلى المملكة، يضاف إلى ما يقرب من ثلاثة آلاف شخص في السجون السعودية، وهي أعداد غير مقلقة، بعدما نجح برنامج المناصحة التابع لوزارة الداخلية، في توعية الكثيرين ممن تم تجنيدهم لصالح الجماعات الإرهابية في الخارج.
وفيما شدد بيان "الداخلية" على أن برنامج المناصحة مستمر كأسلوب وسياسة متبعة لإعادة هؤلاء الإرهابيين إلى رشدهم، بالتزامن مع الجهود الأمنية لملاحقة من يرتكب جرائم يعاقب عليها القانون، أقر البيان في جانب آخر بأن عديدين ممن انخرطوا في "المناصحة" انتكسوا مرة أخرى، وانضموا من جديد إلى المنظمات الإرهابية، وهو ما يتوقع معه إجراء تعديلات مرتقبة في أداء برنامج المناصحة وأدواته الفكرية التي يعتمد عليها، بحيث تتواكب مع برامج القائمين على أمر برامج الجماعات المتطرفة والإرهابية في استقطاب عناصر جديدة إليهم.
وتضع وزارة الداخلية في أسلوب إدارتها لبرنامج المناصحة، أن الفكر الضال الذي تبثه الجماعات المتطرفة في عقول من يصدقها ويرتمي في أحضانها، هذا الفكر لا يُقاوم إلا بفكر مضاد له، يبين الحقائق ويكشف الزيف والتدليس الذي تمارسه هذه الجماعات لتنفيذ مآربهم، ويوضح متابعون لبرنامج المناصحة، أن فكرته كانت محل إعجاب الكثير من الدول في المنطقة، وبدأت تطبقه على أرض الواقع.
ولعل ما يلفت الانتباه في بيان الوزارة، هو اعتمادها على مبدأ الصراحة والشفافية في ذكر الحقائق والمعلومات المسموح أن تذكر، ويدعم تلك الشافية لغة الأرقام التي لا تكذب، وتجلت هذه الشفافية في إقرار الوزارة أن الفكر الداعشي نجح في التسرب إلى البلاد، وفي الإيقاع ب81 شخصاً متورطين في شبكة إجرامية يرتبط رأسها بتنظيم داعش الإرهابي، ولعل هذا الإقرار فيه إشارة تنبيه إلى كل المواطنين بأن هذا الفكر قد يكون قريباً منهم أو من أبنائهم، وأن عليهم أن يحتاطوا منه قدر الإمكان.
وبقدر الاطمئنان الذي يبعثه نجاح وزارة الداخلية في القبض على المزيد من أصحاب الفكر الضال في مناطق المملكة، بقدر الخوف من محاولات المنظمات والجماعات الإرهابية في البحث عن خطط بديلة، لتنفيذ مخططاتهم الإرهابية في المملكة، وهو ما يدركه القائمون على أمر الوزارة، ويسعون إلى اكتشاف كل المخططات الإرهابية قبل تنفيذها، مستثمرين في ذلك معلومات استخباراتية توفرها الجهات المعنية.