تنتفض سعوديات على تحكم أوليائهن في قرار زواجهن فيما يعرف ب"العضل"، وهن يسعين للحصول على قرارات قضائية تمكنهن من الزواج. وقالت سهيلة زين العابدين من الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان " للأسف لدينا تناقض غريب في المجتمع. فهناك زواج القاصرات حيث تزوج فتيات أعمارهن 10 سنوات، فيما هناك عضل الراشدات وهو منع البالغات من الزواج بحجج واهية". وتتساءل سهيلة زين العابدين: "لماذا لا تعطى المرأة حق الولاية على نفسها. فالمذهب الحنفي يسمح للبنت تزويج نفسها في حال منعها ولي أمرها دون سبب، لماذا لا نأخذ بالأيسر في كل المذاهب؟". وذكرت أن بعض القضاة "يتعاطفون مع الأب، ما يفوِّت على الفتاة سن الزواج ويحرمها الأمومة". وتشير إلى صورة من صور التناقض لدى الآباء، فهناك - على حد قولها - رجال يتزوجون من غير قبيلتهم ويحرمون بناتهم من الزواج من خارج القبيلة. وظاهرة منع المرأة من الزواج بمن تريده "كالجمر تحت الرماد" بحسب ناشطات، وقد بدأت أصوات نسائية ترتفع للمطالبة بإنهاء المشكلة. وقالت أمل صالح، وهي أستاذة جامعية ومؤسسة حملة "كفى عضلاً" على موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي: " نريد اجتثاث هذه الظاهرة الجاهلية القديمة التي تشبه ممارسة وأد البنات، فبدل قتل البنت طفلة قتلوها قهراً برصاصة العضل". وسجلت السعودية 86 شكوى عضل للفتيات طيلة السنوات الست الماضية، إلا أن هذه القضايا لا تمثل بحسب الناشطات إلا جزءاً بسيطاً من الحجم الحقيقي للمشكلة. وعلى الرغم من تشجيع التعاليم الإسلامية لزواج الشابة عندما يتقدم شخص مناسب، إلا أن التقاليد الاجتماعية في السعودية لا تزال تتحكم في الكثير من مناحي الحياة. والعضل هو منع المرأة من الزواج إذا طلبت ذلك أو من العودة إلى زوجها بعد طلاق رجعي. ويضاف إلى العضل ظاهرة التحجير أي "حجر" او حجز الفتاة لابن عمها أو أحد أقاربها. ويقوم عدد من أولياء الأمور بمنع الفتيات من الزواج لعدة أسباب من أهمها: التقاليد القبلية التي تمنع تزويج الفتاة من خارج قبيلتها أو "حجزها" لقريبها منذ صغرها، إلى جانب عدم تزويج الأخت الصغرى في حال تقدم شخص لها قبل أختها الكبرى. كما يحاول بعض أولياء الأمور منع بناتهم الموظفات من الزواج بسبب الحاجة إلى رواتبهن. وتضيف أمل صالح "أن هناك أسباباً اجتماعية للعضل وهي السائدة مثل التعصب القبلي والمناطقي أو العنصرية في التفريق ما بين القبلي وغير القبلي والجانب المادي". وتقول "ما نريده فقط هو تطبيق الفتوى الشرعية التي حرَّمت عضل الفتيات كما ورد في فتوى الشيخ العلامة ابن جبرين". من جهتها، قالت الأستاذة الجامعية عزيزة التي طلبت الاكتفاء بذكر اسمها الأول "كان والدي يرفض تزويجي بحجة أنه ليس هناك أي شخص يستحقني". وأضافت "كنت احترم رغبته لكن بعدما تجاوزت سن الثلاثين صرت أحاول إيصال رغبتي له من خلال الأقارب، فكان يردد عليهم إنني من أرفض كل من تقدم، وإنني أضع شروطاً تعجيزية". وأشارت عزيزة إلى أنها "كسرت حاجز الصمت" في النهاية لكنها "اليوم في التاسعة والثلاثين دون زواج". من جهتها، قالت نورة محمد وهي عازبة في الثانية والأربعين من العمر "تقدم لي الكثيرون عندما كنت في العشرينات لكن والدي الذي توفي كان يرفضهم دون سبب". وأضافت "لم أكن أعلم أنه ينتظر صرف راتب الضمان الاجتماعي ليستفيد منه لكبر سنه، وانتهى بي الأمر من دون زواج ولا يتقدم لي حالياً سوى من يكبرونني بضعف عمري". وتحذر عزيزة من أن استمرار المشكلة ستكون له آثار اجتماعية على المجتمع، إذ إن البعض قد يلجأن إلى الهروب من عائلاتهن مع ما قد يترتب عن ذلك من مخاطر على الهاربات. وتقترح الناشطات إصدار قرار يحدد سناً للمرأة لا يعود للولي بعدها قدرة على "العضل" ويقترحن سن الخامسة والثلاثين عاما. وفي هذا السياق، قال مفلح القحطاني رئيس جمعية حقوق الإنسان السعودية إن مسألة تحديد السن لعدم عضل الفتيات "أمر غير وارد"، لكنه أكد أن هناك فتوى لأحد علماء هيئة الإفتاء السعودية تحرم عضل المرأة وتجيز لها اللجوء إلى القضاء للحصول على إذن القاضي لتزويجها. وأضاف: " الأمور تحكمها الأعراف والعادات". وأوضح أنه "عندما نتسلم شكوى من إحدى الفتيات نقوم بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية لإيجاد حل لها سواء بالصلح وإقناع ولي الأمر بتزويج الفتاة أو باللجوء إلى القضاء لإجباره على نزع الولاية منه ونقلها للقاضي الذي بدوره يستطيع تزويج الفتاة". ولا يجيز القضاء السعودي تزويج الشابة إلا بإذن وليها سواء كان الأب، أو الأخ أو العم أو الخال في حال وفاة الأب. وكانت محكمة سعودية في المدينةالمنورة رفضت في منتصف يوليو الماضي دعوى تقدمت بها طبيبة سعودية (42 عاما) لنزع ولاية والدها وأشقائها الذين يمنعونها من الزواج بزميلها الجراح لأنه لا ينتمي للقبيلة نفسها، واعتبرت المحكمة الطبيبة عاصية لعائلتها.