تنظر المحكمة الشرعية بمحافظة خميس مشيط بعد غد الثلاثاء في دعوى ثلاث فتيات ضد والدهن يتهمْنه بعضلِهن عن الزواج حيث تبلغ صغراهن من العمر 35 عاماً، علما بأنهن لا يعملن ووالدتهن متوفية ومضافات مع والدهن في بطاقة الضمان الاجتماعي. وقد تقدمت الفتيات بعدة شكاوى لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في محافظة خميس مشيط ضد والدهن، وتتلخص شكواهن في إنهن حاولن بشتى الوسائل إقناعه بقبول زواجهن من أشخاص تقدمن لهن، ولكن جميع محاولاتهن باءت بالفشل، خصوصاً وأن الأب يتحجج بأنه لا يرى هؤلاء المتقدمين مناسبين لهن. وأكد الناطق الاعلامي بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ بندر آل مفرح أن الفتيات تقدمن فعلاً بشكواهن عدة مرات وتم استدعاء الأب ومناصحته، وحاولت الهيئة تقريب وجهات النظر ولكن دون جدوى في ظل رفض الأب المستمر دون إبداء سبب واضح. وأضاف: إن رئاسة هيئة خميس مشيط قامت عدة مرات بمشاورة الأب، وثبت أنه يعطي وعودا غير صادقة والأسباب مجهولة ، كما استعانت الهيئة ببعض الأعيان ولم تصل إلى نتيجة مقنعة، فاضطرت إلى تمرير القضية للجهات المختصة لبحث المشكلة. من جانبها استدعت إدارة الحقوق المدنية بمحافظة خميس مشيط والد الفتيات وعقدت معه عدة جلسات لمناصحته وتذكيره بالله سبحانه وتعالى وأن عضل بناته إثم كبير عليه، وربطت والدهن بالكفالة الحضورية وأحالت القضية للمحكمة الشرعية للنظر فيها شرعاً. ---- “كبار العلماء”: العضل والتحجير لا يجوزان شرعاً يذكر أن مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة كان قد قرر عام 2005 م أن التحجير وإجبار المرأة على الزواج بمن لا توافق عليه أو عضلها ومنعها من الزواج ممن رضيت هي وولي أمرها الزواج به ، ممن تتوافر فيه الشروط المعتبرة، أمر لا يجوز شرعا. ---- رئيس المحكمة الجزئية بالباحة: لا يمكن ترك الفتاة رهينة لرفض وليها الشيخ عبدالله فرحان القرني رئيس المحكمة الجزيئة بمنطقة الباحة تحدث ل “المدينة” عن الحكم الشرعي في مثل هذه الحالات قائلا: لا يمكن ترك الفتاة معلقة ورهينة لرفض وليها ، فبفضل الله تعالى كفل لها هذا الدين الحنيف، دين الرحمة والشفقة والخير، الحق في حال صدقها ونزاهتها وسلامتها فيما هي راغبة فيه، فالإسلام جعل لها مخرجا من هذا المأزق إذا تعرضت لذلك، حيث يستدعي القاضي الولي ويسمع منه أسباب المنع ، ويعرف منه من هو الراغب في الزواج من الفتاة، فإذا ذكر أسبابا شرعية تمنع إتمام الزواج يعمل القاضي على إقناع الفتاة بالانصياع والاستجابة لولي أمرها، وأنه محق في منعه، أما إذا رأى أن الأسباب ليست شرعية لتؤيد موقف الولي في عضله ومنعه ابنته من الزواج، فإن القاضي حينئذ يتحرى عن هذا الخاطب بالسؤال عنه في ديانته وأمانته وأخلاقه وتصرفاته وقدرته المالية ووضعه الأسري وكفاءة النسب وغيرها من الأمور المعتبرة في النكاح سواء كانت دينية أو اجتماعية أو أسرية ونحو ذلك، وبعد استكمال هذه التحريات التي تأخذ وقتا، إذا وجد القاضي قناعة أن الولي غير محق في منعه، يقرر فسخ الولاية من هذا الولي لتنتقل لمن هو بعده في المرتبة، لأن ولاية النكاح مراتب كما هو الحال للعصبات في الميراث، باعتباره وكأنه مفقود أو متوفى لا وجود له، هذا إذا كان هناك ولي من بعده ، فإن لم يكن هناك ولي فإن القاضي الشرعي ولي من لا ولي له، وحينئذ يكون له الحق في إجراء النكاح. ---- د. سهيلة تطالب بنظام يخوّل الفتاة تزويج نفسها بعد سن ال 35 طالبت الدكتورة سهيلة زين العابدين حماد ، عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بسنّ قانون يخوّل الفتاة التي بلغت سن ال 35 تزويج نفسها، وهو ما يجيزه مذهب الإمام أبو حنيفة، قائلة: الفتاة في هذا العمر قادرة على تحمل مسؤولية الزواج، وهو لا يتم إلا بموافقتها هي أولا وأخيرا، مشيرة إلى أن بعض أولياء الأمور يتعسفون وفق الصلاحيات الممنوحة لهم في التحكم بمصير الفتاة ومنعها من الزواج أو التعليم وغيره. وشددت د. حماد على ضرورة إطلاق حملة وطنية للقضاء للتوعية بأمور الزواج وكيفية الاختيار والقناعة بمن يتقدمون لخطبة بناتنا، إعتمادا على الحديث النبوي الذي يؤكد أن كفاءة المتقدم للزواج تقاس بالدين وليس بالنسب، وأردفت بأن قضايا التحجير على الفتيات لازالت منتشرة أيضا بكثرة، رغم كونها عادة جاهلية. وعن أسباب وجود ظاهرة العضل في المجتمع السعودي ، تقول زين العابدين : توجد أسباب عدة، ولكن العادات والتقاليد تعد السبب الرئيس في حرمان الفتاة من الزواج، إذ جرت العادة في بعض المجتمعات حرمان الفتاة من الزواج من خارج قبيلتها، بل إن العرف يجبرها على الزواج من ابن عمها تحديدا وفي بعض المجتمعات تخير الفتاة بين حرمانها من الميراث أو الزواج من خارج عائلتها أو قبيلتها ، والسبب في ذلك هو اعتقاد الكثير من الأسر أن تقدم الشاب للزواج من الفتاة سببه الطمع في مالها، أو رغبة منهم في عدم خروج المال لشخص غريب عن عائلتهم. وأكدت زين العابدين أن النظام السعودي حدد عقوبة العضل بالسجن لمدة عام، لولي الأمر الذي يثبت لدى القاضي حرمانه من هنّ تحت ولايته من الزواج، من دون سبب شرعي.