شيعت جموع المصلين بالحرم المكي خلال موسم الحج الماضي للعام 1435ه 824 حاجاً ووارت جثامينهم الثرى وكفنت أكثر من 100 حاج منهم بإحرامه، اتباعاً لهدي المصطفى - عليه الصلاة والسلام - مع من يموت وهو بإحرامه إذ يغسل ويكفن فيهما ولا يغطى رأسه. وفي التفاصيل، شهدت مغسلة الأموات الخيرية بجامع المهاجرين بمكةالمكرمة عملاً مستمراً ومتواصلاً على مدى الأربع والعشرين ساعة ومن دون توقف، إذ لم تقف المغسلة يوماً ولا فرضاً واحداً عن استقبال الجنائز والقيام بتغسيلها وتكفينها ومن ثم إرسالها إلى المسجد الحرام للصلاة عليها، ومن ثم نقلها إلى المقبرة والمشاركة في مراسم الدفن والعزاء.
وتجولت "سبق" داخل أروقة المغسلة وتقمصت دور جنازة قدمت لتوها إلى المغسلة واطلعت على آلية استقبال الأموات من ساعة دخولهم وكان في استقبالها مدير عام المغسلة الشيخ ممدوح عمر الفرحان والذي أوضح طريقة استقبال الجنائز وكان الإجراء الأول التأكد من شهادة الوفاة وصحة وسلامة الإجراءات الرسمية ومن ثم إدخال بيانات الجنازة في الحاسب الآلي وتسجيل كامل المعلومات المتعلقة بالجنازة وإدخالها إلى غرفة الغسيل حسب جنس الجنازة، والتي يتولى العمل فيها 55 عاملاً وعلى مدار 24 ساعة، مع وجود لوحات تحذر وتمنع استخدام الجوال والتصوير داخل المنطقة المحرمة، تقديراً لحرمة الميت وعدم نشر صوره.
وبعدها تبدأ عملية غسل الجنازة والتي قد تصل إلى الساعة تزيد وتنقص حسب حالة الجنازة ونوع الوفاة التي تعرضت لها، ولم يغفل دور أهل وأقارب الميت إذ تم توفير صالة مكيفة ومزودة بمشروبات ساخنة وباردة ومياه ومأكولات محفوظة داخل ثلاجات لحين الانتهاء من غسل الجنازة، ونقلها إلى غرفة أخرى ملاصقة لغرفة الغسيل وتفصل بين قسمي الرجال والنساء لتدخل الجنازة إليها ليقوم أهل الميت بالسلام ووداعه الأخير وينتقل بعدها إلى ثلاجة الأموات وقد دونت عليها المعلومات الخاصة بها ليتعرف عليها أهلها عند الحضور للتوجه بها إلى الحرم المكي وذلك عن طريق أسطول متنقل يضم (41) سيارة مجهزة بأحدث التجهيزات اللازمة لنقل الوفيات.
ومن جانب آخر، أوضح مدير عام المغسلة ل"سبق" أن هذه المركبات المخصصة لنقل الجنائز كلها من تبرعات فاعلي خير يرجون الدعاء لهم وتخدم هذه المركبات منطقة مكةالمكرمة وتشمل العاصمة المقدسة وجدة والطائف والليث والقرى التابعة لها، إذ إن السيارة الواحدة تقوم بنقل جنازة واحدة مع المرافقين والمشيعين لها، كما تستقبل جنائز من خارج منطقة مكة حسب رغبة ذويها.
وحول الحالات الوبائية التي تأتي إلى المغسلة وكيفية التعامل معها، أوضح الشيخ "الفرحان" أن الحالات تعد قليلة جداً بفضل الله تعالى والتعامل معها يتم بأخذ الاحتياطات اللازمة من قِبل المباشرين على تجهيز الجنازة، والتي تقوم بعملها الأساس من تجهيز الوفيات والعمل دائب على مدار الساعة وهذه أكبر خدمة تقدمها المغسلة للمجتمع، إذ بلغ أعلى عدد من الجنائز تم تجهيزها في أحد الأيام نحو 70 جنازة ولم يحدث أن مر يوم لم تقم المغسلة بتجهيز جنائز فيها.
وأضاف أن المغسلة تولت غسل وتكفين عددٍ من الشخصيات البارزة في المجتمع وهم كثر ويحضرني الآن فضيلة الشيخ : محمد بن عبد الله السبيل رحمه الله والشيخ : عبد الملك بن دهيش، وكانت آخر شخصية قامت المغسلة على تجهيزها ونقلها هو سادن الكعبة المشرفة عبد القادر الشيبي تغمده الله بواسع رحمته وجميع أموات المسلمين.
وتابع أن العمل قائم في المغسلة بفضل الله ثم بفضل أهل البر والإحسان وجهود الخيرين، وما نطمح له أن يكون هنالك دخل ثابت وأوقاف يعود ريعها على المغسلة في تغطية نفقات ميزانيتها التشغيلية، واتساع نطاق تغطيتها.
وبيّن أنه وخلال عام 1435 هجرية تم تغسيل 6872 جنازة ليصبح إجمالي الجنائز التي غسلت بمغسلة الأموات بجامع المهاجرين منذ تأسيس المغسلة عام 1424هجرية إلي نهاية عام 1435 هجرية 62586 جنازة.
واختتم حديثه بالشكر الجزيل لكل من وقف ويقف مع المغسلة وعلى رأس ذلك المشرف على المغسلة المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد ممثلاً بفضيلة الشيخ : صالح بن يوسف الزهراني وسائر أعضاء مجلس إدارة المكتب على جهودهم في دعم المغسلة ولإدارة التجهيز التابعة لأمانة العاصمة المقدسة ممثلة في مديرها المهندس: عبدالله عقيل على جهوده وتعاونه مع المغسلة.