أكد مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء، رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، أن الإسلام قد سبق غيره من الشرائع والأنظمة في الاهتمام بحقوق المعوقين وذوي الحاجات الخاصة والعناية بهم وبحقوقهم، ودعا إلى إكرامهم، والرحمة بهم، والشفقة عليهم، والإحسان إليهم، والوقوف بجانبهم، وقضاء حوائجهم، وعدم احتقارهم وازدرئاهم؛ موجهاً كلمته للمعاقين قائلاً: "ربكم أرحم بكم من أنفسكم وآبائكم وأمهاتكم". وأورد "آل الشيخ"، في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم، بجامع الإمام تركي بن عبدالله بمنطقة "قصر الحكم" وسط مدينة الرياض، ما ذكره المؤرخون من سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه من عنايته ورعايته لإحدى النساء الكفيفات وقضاء حاجتها؛ لافتاً إلى اهتمام السلف الصالح بهذه الفئة عبادة وطاعة لله؛ ومن ذلك وصية عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- لعماله أن يضعوا مع كل أعمى قائداً يقوده، وما فعله أحد خلفاء بني مروان (الوليد بن عبدالملك بن مروان)، عام 88 هجرية، من بناء مستشفى للمعاقين، وإعطاء المُقعَد خادماً والأعمى قائداً، والصرف على جميع المعاقين وذوي العاهات.
وعدّد المفتي بعض الآداب والحقوق للمعاقين قائلاً: "النظرة الإيجابية لهم كما الأسوياء، والتواضع لهم والتغاضي عن أخطائهم، وإبراز مواهبهم وتنميتها، وإتاحة الفرصة لهم في التعليم، وعدم احتقارهم وازدرائهم ومناداتهم بعيوبهم"؛ داعياً سماحته المعاقين للتنافس والاجتهاد في الخير والأعمال الصالحة، وقال: "أخي المعاق.. اشكر الله على نعمة هذا الدين، وإياك والضجر والانزعاج من قضاء الله وقدره؛ فهو خير لك إن رضيت وسلّمت"؛ مذكراً بقوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
ونبّه مفتي عام المملكة المعاقين والمبتلين بعاهات وذوي الحاجات الخاصة، من نظرات الحزن والاحتقار لأنفسهم والكآبة قائلاً: "ربكم أرحم بكم من أنفسكم وآبائكم وأمهاتكم"، وحضهم على استغلال قوّتهم وطاقتهم في طاعة الله وذكر الله وتلاوة القرآن والإقبال على حفظ القرآن ليعمروا به أوقاتهم.
وخاطب "آل الشيخ" الآباء الذين رُزِقوا بأبناء معوقين بالصبر والاحتساب والرضى بقضاء الله وقدره، وقال: "أيها الوالدان، قد يرزقكم الله أولاداً مبتلين بأي إعاقات أو أمراض، فإياكم الضجر والأسى والانزعاج، ولأبنائكم حق عليكم بتربيتهم والبر بهم، وهذا ابتلاء وامتحان ليعلم الله الصادق من الكاذب، وارعو أبناءكم المعوقين رعاية تامة؛ بحسن مخاطبتهم والأدب معهم، ولا بد من رحمتهم والإحسان إليهم، وأكرموهم واعتنوا بهم، واصبروا واحتسبوا، وإياكم وازدراءهم والتسخط عليهم".
ودعا المفتي "آل الشيخ"، في ختام خطبته، الله أن يُهِلّ العام الجديد بالصحة والعافية والأمن والأمان والتوفيق لما يحبه الله ويرضاه، وأن يجعل ماضينا خيراً من حاضرنا، وأن يجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم نلقى الله فيه.