اعتبر محللون سياسيون أن سقوط مدينة عين العرب (كوباني) السورية، في يد تنظيم "داعش" الإرهابي، سيكون نكسة رمزية لاستراتيجية الرئيس الأمريكي باراك أوباما في سوريا وحملة القصف الجوي، التي مضى عليها ثلاثة أسابيع، والتي تتجاوز بمراحل أهميتها في ميدان المعارك. وإذا استطاع تنظيم "داعش" تحقيق السيطرة الكاملة على المدينة، وهو ما اعترف مسؤولون أمريكيون أنه قد يحدث في الأيام القادمة؛ فإنه سيكون بمقدوره التفاخر بأنه تصدى للقوة الجوية الأمريكية.
ونفّذ تحالف تقوده الولاياتالمتحدة، 50 غارة جوية على مواقع المقاتلين المتشددين حول المدينة معظمها في الأيام الأربعة الماضية.
وقال محللون: إن "داعش" ستستطيع أيضاً إطلاق آلاف من المقاتلين لمتابعة مكاسبها الإقليمية، بالاستيلاء على أراضٍ جديدة في مكان آخر في سورياوالعراق".
وستثور حتماً تساؤلات بشأن تعهّد أوباما بإبعاد القوات البرية الأمريكية عن القتال، وبشأن قوة تحالفه الدولي.
وترفض تركيا -التي تتاخم حدودها مدينة كوباني- المشاركة في العمل العسكري ضد "داعش".
وقال شاشناك جوشي من المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن: ليس من الإنصاف الحكم على التحالف بوجه عام من بلدة واحدة في شمال سوريا.
واستدرك بقوله: لكنني أعتقد أنه سيُضعف عموماً الثقة في التحالف، وسيثير قلقاً كثيراً من الناس، فيما إذا كانت الولاياتالمتحدة قادرة حقاً على إيقاف هذه الحركة.
وإذا حققت "داعش" نصراً في "كوباني"؛ فإن ذلك سيتيح للتنظيم أيضاً مادة ثمينة للدعاية، وقد أظهر التنظيم براعته في تقديم مقاطع فيديو مصوّرة لمقاتليه خلال العمليات، وفي المقابل لا تستطع الولاياتالمتحدة سوى إخراج صور غائمة لقنابل تُسقطها طائرات أو صاروخ ينفجر في الغالب في أشياء لا يمكن تحديد هويتها على الأرض.
وقال جيف وايت من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: إن "داعش" "ستدّعي أنها استطاعت أن تفعل هذا على الرغم من حملة القصف الجوي التي قادتها الولاياتالمتحدة، وأضاف "وايت" قوله: إن أنصار التنظيم "سيرون هذا رفعاً لمعنوياتهم"، أما خصوم التنظيم فسيعتبرونه مخيباً للآمال.
ومع أن أوباما قال إن هدفه هو إضعاف "داعش" وهزيمتها في نهاية المطاف؛ فإن الأولوية في نظره -على ما يبدو- هي الحد من تقدّم التنظيم في العراق، والغارات الجوية في سوريا مصممة -في جانب منها- لحرمان التنظيم من ملاذ آمن هناك.
ويقول مسؤولون أمريكيون: "إن التركيز الشديد على مدينة واحدة ينطوي على تشويه للحملة الجوية التي تقودها الولاياتالمتحدة التي ستستغرق بعض الوقت، ويتوقف الكثير أيضاً على مقاتلي المعارضة السورية المعتدلين الذين تقوم واشنطن بتدريبهم وتسليحهم، وكذلك قوات الأمن العراقية التي تساندها الولاياتالمتحدة".
وقال مسؤول أمريكي، طلب ألا يُنشر اسمه: "تعليق كوباني حول رقبة الجيش الأمريكي يعبر عن سوء فهم لعناصر الاستراتيجية التي نتبعها، ويَحُدّ من القوة العسكرية في متابعة تلك الاستراتيجية".
وأشار مسؤولون أمريكيون إلى أن حصار "داعش" لكوباني أجبر التنظيم على إخراج عتاده الحربي في العراء؛ حيث هاجمتها الطائرات الحربية يومياً.
وقال مسؤول أمريكي ثانٍ: "إن داعش فيما يبدو يريدون حقاً كوباني للدعاية، وأن ترتفع أعلامهم فوقها، إنهم يدفعون ثمناً غالياً جداً".