سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحوثي": المبادرة الخليجية انتهت بلا رجعة.. و "القاعدة" تعلن الحرب على الحوثيين "نيويرك تايمز": السعودية اهتمت بجهات أخرى في المنطقة وأغفلت الحدود الجنوبية
شدد الحوثيون قبضتهم على العاصمة اليمنية صنعاء، بعد يومين من سيطرتهم على كل المقار الحكومية والأمنية في اليمن، وسيروا دوريات أمنية، وأقاموا نقاط تفتيش في كل مداخل العاصمة اليمنية، وسط صدمة وذهول سكانها. ونفذت ميليشيات الحوثي عمليات نهب وسلب غير مسبوقة من منازل المسؤولين والتجار المعارضين لهم، وطالبوا المحال التجارية والتجار بدفع أموال إضافية، بحجة دعم المجاهدين الحوثيين! وعمدت إلى اعتقال كل من يتخلف عن الدفع واقتياده إلى جهة مجهولة.
واقتحمت مجموعات مسلحة حوثية مقر الشركة الفرنسية للنفط في شارع حدة في صنعاء، وفتشوا المكاتب والمحال التابعة للشركة، وبدأوا بالتحكم في الدخول والخروج منها، فيما أعلنت وزارة الصحة ارتفاع عدد الجثث المنتشلة في صنعاء إلى 270.
وفي ظل تردي الأوضاع الأمنية في اليمن، كشفت مصادر يمنية عن مغادرة البعثة الكويتية بكامل أطقمها العاصمة صنعاء إلى الكويت، فيما اضطر العشرات من الصحفيين للخروج من صنعاء إلى جهات غير معلومة، وسط أنباء عن نية هذه الجماعة عمل قوائم تصفية لكل الإعلاميين الذين هاجموا توجهات هذه الميليشيا الشيعية المتطرفة.
وفي تطور خطير يعمق الأزمة، أصدر تنظيم القاعدة في اليمن بياناً جديداً نشرته مؤسسة الحسام التابعة للتنظيم، يتوعد فيه الحوثيين بالحرب والقتل، وأضاف البيان أنهم جاءوا الحوثيين بما لا طاقة لهم به، وتوعدوهم برؤية جثثهم تتطاير في السماء.
هذا التحرك من القاعدة من المؤكد أنه سيجد قبولاً واسعاً لدى أطياف اليمن لغياب البديل عن مواجهة همجية الحوثيين، وحالة الفزع التي أحدثتها هذه الميلشيات المدعومة من طهران.
وعلى صعيد التحركات السياسية تبادلت الأقطاب السياسية اليمنية التهم فيما بينها حول المسؤولية عن هذا الانهيار، واصفين ما حدث بأنه مؤامرة وخيانة كبيرة تشترك فيها كل القيادات الحاكمة لليمن، من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، واللواء علي محسن الأحمر، ووزارة الدفاع، وحتى وزير الداخلية.
من جهتها كشفت مصادر قبلية عن استيلاء جماعة الحوثي على أكثر من 90 دبابة من العاصمة صنعاء، وإخراجها إلى صعدة بخلاف مئات القطع العسكرية والرشاشات والقذائف وغيرها من أطقم السلاح.
وفي موازاة ذلك كشف قيادي في حزب الإصلاح اليمني الإخواني لصحيفة "اليمن اليوم"، أن الشيخ عبدالمجيد الزنداني لم يغادر اليمن.
وعن القيادات التي غادرت اليمن برفقة اللواء الأحمر، قال المصدر: حسب علمي هم خمسة: صالح الضنين، ومحمد علي حسن، وأمين العلكمي، وحسن أبكر، ومنصور الحق.
وكشف الإعلامي المقرب من اللواء الأحمر، الدكتور مروان الغفوري، عن تلقيه مكالمة خارجية منه، قال فيها: "انسحبنا لكي لا يُحرق ما بقي من الوطن".
وأضاف الغفوري قائلاً: "المكالمة كانت خارجية، وكان اللواء هادئاً متحدثاً عن اكتشافه لتفاصيل مؤامرة، أو كأنه أدرك ما حصل في اليمن بأنه مؤامرة".
وتابع الغفوري قائلاً: "تبادلنا بعض الأخبار والتعليقات ثم انتهت المكالمة".
من جهته، سخر القيادي اليمني المطلوب للحوثيين حميد الأحمر على صفحته في فيسبوك من تصريحات عبد ربه منصور هادي، بأن صنعاء لم تسقط، قائلاً: "أذكره ببيت الشاعر اليمني الكبير عبدالله البردوني -رحمه الله- الذي قال فيه: "فظيع جهل ما يجري.. وأفظع منه أن تدري".
وتعد قبيلة الأحمر الجماعة التي تتحمل أكبر المسؤولية عما آلت إليه الأحداث الأخيرة في صنعاء.
وفي تحد سافر للجهود الخليجية ومجلس الأمن، اعتبر المتحدث باسم جماعة عبدالملك الحوثي أن المبادرة الخليجية انتهت إلى غير رجعة، مشيراً إلى أن اتفاق السلم والشراكة الذي وُقع في دار الرئاسة الأحد الماضي عقد سياسي بشراكة جديدة ترتكز على مخرجات مؤتمر الحوار تلبية للمطالب الشعبية!
وفي السياق ذاته علقت صحيفة "نيويورك تايمز" على الأحداث بالقول: "إن اليمنيين ابتهجوا بإسقاط الرئيس السابق في أحداث الربيع العربي عام 2011، لكن نجاح الثورة اليمينة لم تعقبه مصالحة وطنية.
ورأت الصحيفة أن الكثير من اليمنيين يعتقدون أن الحوثيين وكلاء لإيران الداعمة لهم، مضيفة أنه: "لإضفاء الشرعية على تمردهم كان الحوثيون يتقدمون بمقترحات تحظى بقبول شعبي لمواجهة ارتفاع أسعار الوقود، وكان ضعف أداء الحكومة اليمينة فرصة سانحة لهم للنجاح في هذا المسعى. الحكومة اليمينة بقيادة باسندوه فشلت فشلاً ذريعاً في تقديم الخدمات الأساسية وحفز التنمية الاقتصادية، والأهم خلق فرص عمل، حيث البطالة كانت الدافع الرئيسي لاندلاع الثورة ضد صالح".
وحول المواقف الدولية فيما يحدث في اليمن، قالت الصحيفة: "كان ينبغي للمجتمع الدولي أن يدعم اليمن لضمان نجاح الانتقال السياسي في البلاد، بدلا من ذلك أدار المجتمع الدولي ظهره لليمن لأنه غرق في الفقر والفوضى، حيث كان تركيز الولاياتالمتحدة منصباً على مكافحة الإرهاب، عن طريق تنفيذ الهجمات الجوية بالطائرات من دون طيار على متشددي القاعدة، والمملكة العربية السعودية ركزت بكل اهتمامها على مناطق أخرى في المنطقة، وتجاهلت الفوضى على حدودها الجنوبية".
وبينت الصحيفة أنه "من غير المرجح أن الولاياتالمتحدة تتخذ إجراءات، فالحوثيون أعداء للقاعدة، وبحكم الأمر الواقع، الحوثيون سيوفرون ضماناً ضد هذا التنظيم، وهو الذي تبحث عنه أمريكا".
وأضافت الصحيفة: "التمرد الحوثي لم يقوض الثورة اليمنية فقط، ولكنه أيضاً خلق انقسامات عميقة في المجتمع اليمني".
وختمت الصحيفة بالقول: "التمرد الحوثي أعطى إيران اليد العليا ضد السعودية في المنطقة، والآن يجب على الغرب أن يستعد للتفاوض في الجولة المقبلة مع إيران أقوى".
وبحسب هذه المعطيات المتسارعة في اليمن فإنه بات لزاماً على دول الخليج، والسعودية تحديداً والمجتمع الدولي، أن يتحركوا فوراً لتدارك الوضع في اليمن؛ نظراً للوصفة الجاهزة لكي يتحول اليمن إلى أسوأ مرتع للإرهاب في العالم، فاليأس والفقر والقهر وسقوط الدولة والخلافات القبلية والطائفية، ووجود السلاح بملايين القطع، ستنشئ جيوشاً للقاعدة وداعش في فترة وجيزة جداً".
وتابعت: "وستجد السعودية على حدودها جيشاً من النازحين والمتطرفين والخارجين على القانون، في سيناريو يعد من طهران لزعزعة استقرار السعودية". بخلاف المخاوف الأمنية الأخرى التي تتمثل في حصول جماعة الحوثي على صواريخ وأسلحة متطورة تصل إلى عمق المناطق الجنوبية السعودية".
وواصلت الصحيفة: "فسقوط دولة مدججة في السلاح، وتعاني من التطرف، سواء الشيعي أو السني، وعلى حدود السعودية، هذا بحد ذاته حالة طارئة للسعودية، فالوضع في صنعاء يمكن تداركه حالياً بتشكيل مؤتمر دولي تستضيفه دولة خليجية لتشكيل تحالف وطني من جميع القوى الوطنية والقبلية اليمنية، وهم مستعدون لذلك، يكون الهم الأول: إعادة هيبة الدولة والجيش، وتشكيل مجالس عسكرية قبلية لحفظ الأمن ومساندة الجيش والأمن، وطرد المسلحين الحوثيين الذين لا يجدون قبولاً في صنعاء والمناطق الخاضعة لهم".