أصرّ مدير المرصد الإسلامي على تبني استحالة رؤية هلال شهر ذي الحجة مغرب اليوم الأربعاء 29/ 11/ 1435 في سماء الدول العربية والإسلامية، على الرغم من إجماع الفلكيين على ولادة الهلال صباح اليوم ومكوثه وقتاً بعد غروب الشمس في أغلب الدول العربية والإسلامية الواقعة في الجزيرة العربية وأفريقيا، وإقرار "عودة" بذلك. وأكد متخصصون في الفلك إمكانية رؤية هلال ذي الحجة بدلالة العقل وشهادة الواقع، كما أثبت أهل الخبرة من الشهود العدول الثقات المجربين بطلان ما تبناه "عودة" من استحالة رؤية الهلال، لاسيما مع تناقض عدد من الفلكيين بشأن مدة مكوث الهلال بعد غروب الشمس في سماء بعض المدن وتضارب أقوالهم حيال إمكانية رؤيته مغرب اليوم الأربعاء؛ ما يؤكد أن الحسابات الفلكية لا تفيد اليقين والجزم وإنما تبنى على التقدير والظن.
وحرصت "سبق" على متابعة الجدل الدائر حول رؤية هلال ذي الحجة اليوم الأربعاء، وتوصلت إلى مجموعة من الحقائق على النحو التالي:
أولاً: علماء الفلك وأهل الحساب مع إجماعهم على مكوث هلال ذي الحجة اليوم وقتاً متفاوتاً بعد غروب الشمس في سماء أغلب الدول العربية والإسلامية في الجزيرة وفي أفريقيا إلا أنهم مختلفون بشأن إمكانية رؤية الهلال ما يدل على أن العمل بالحساب لا يفيد اليقين وإنما غلبة الظن.
وحول هذه النقطة أكد رئيس المشروع الإسلامي لرصد الأهلة المهندس محمد شوكت عودة، على أن يوم الخميس 25 سبتمبر هو المكمل لشهر ذي القعدة، ويوم الجمعة 26 سبتمبر أول أيام شهر ذي الحجة، وأن الأحد 5 أكتوبر أول أيام عيد الأضحى المبارك.
وقال: "معظم الدول الإسلامية ستتحرى هلال شهر ذي الحجة، يوم الأربعاء 24 سبتمبر؛ وفي ذلك اليوم سيغيب القمر مع الشمس أو بعدها بدقائق يسيرة لا تسمح برؤية الهلال في معظم الدول الإسلامية، مما يجعل رؤية هلال ذي الحجة في ذلك اليوم غير ممكنة من هذه المناطق، بالنسبة للدول التي تشترط رؤية الهلال لبداية الشهر".
وأضاف "عودة": "رؤية الهلال يوم الأربعاء 24 سبتمبر مستحيلة من معظم شمال آسيا وأوروبا، وهي غير ممكنة فيما تبقى من قارة آسيا وهذا يشمل جميع الدول العربية؛ في حين أن رؤية الهلال ممكنة يوم الأربعاء باستخدام التلسكوب فقط وبصعوبة من أجزاء من قارة أمريكا الجنوبية".
وعلى الجانب المقابل؛ قال الدكتور حاتم عودة رئيس المعهد القومي المصري للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية إن غرة شهر ذي الحجة هذا العام ستوافق يوم الخميس 25 من سبتمبر الحالي حسابياً، وعليه فإن وقفة عرفات ستكون يوم الجمعة 3 من أكتوبر المقبل.
وقال "حاتم" في تصريح لوكالة "أنباء الشرق الأوسط" أول أمس الاثنين: "هلال شهر ذي الحجة سيولد في الساعة الثامنة و14 دقيقة بالتوقيت المحلي لمدينة القاهرة يوم تحري الهلال الأربعاء 29 من ذي القعدة الموافق 24 سبتمبر الحالي، وسيبقى في السماء لمدة أربع دقائق بما يسمح برؤيته، وبذلك تكون عدة شهر ذي القعدة 29 يوماً".
من جهته، قال الباحث الفلكي عضو الاتحاد العربي لعلوم الفلك والفضاء الدكتور شرف السفياني: "في حالة الأخذ بهذه الحسابات الفلكية فسيكون الخميس هو أول أيام شهر ذي الحجة لهذا العام 1435ه، كما هو الحال في تقويم أم القرى، ويكون بمشيئة الله الجمعة 9 من ذي الحجة الموافق 3 أكتوبر 2014م يوم الوقفة بعرفة، ويوم السبت الموافق 4 أكتوبر هو أول أيام عيد الأضحى المبارك، ويكتمل القمر بدراً يوم الأربعاء الموافق 8 أكتوبر 2014م عند الساعة 1:50 مساءً بعد الظهر بتوقيت السعودية".
أما الدكتور محمد غريب رئيس قسم الشمس بمعهد البحوث الفلكية والجيوفيزيقية فقد قال في تصريحات خاصة لصحيفة "اليوم السابع": "حسابات معهد البحوث الفلكية المصري بشأن رؤية الهلال، تضمنت التأكيد على أن غرة ذي الحجة الخميس المقبل و4 أكتوبر أول أيام العيد حسابات فلكية دقيقة وصحيحة".
وأضاف: "حسابات المشروع الإسلامي لرصد الأهلة مجرد حسابات فلكية "صحيحة فلكيا"، والقرار النهائي سيكون بيد دار الإفتاء السعودية والتي ستحدد غرة شهر ذي الحجة وبناء عليه سيتحدد وقفة عرفات وأول أيام العيد".
بدوره، قال الدكتور أشرف تادرس رئيس قسم الفلك: "طبقاً للحسابات الفلكية المصرية فإن الهلال موجود بالفعل في سماء القاهرة يوم الأربعاء وبناء عليه فسيكون شهر ذي القعدة الحالي 29 يوماً فقط، وسيكون الأربعاء المقبل هو المتمم لذى القعدة والخميس المقبل هو أول أيام ذي الحجة فلكياً وحسابياً إلا أن هلال شهر ذي الحجة لن يرى بالفعل في سماء القاهرة يوم الأربعاء لأنه في فترة المكث حيث إنه سيولد في الساعة الثامنة و14 دقيقة بالتوقيت المحلي لمدينة القاهرة".
ثانياً: علماء الفلك واهل الحساب مختلفون في مدة مكث هلال ذي الحجة في الأفق بعد غروب الشمس في عدد من المدن مما يؤكد أن الحساب مبناه على التقدير لا على اليقين والجزم.
وحول هذه النقطة يقول محمد شوكت عودة: "القمر يوم الأربعاء سيغيب قبل الشمس بدقيقة واحدة في بغداد، ومع الشمس في الكويت ودمشق، وبعد الشمس بدقيقة واحدة في كل من الدوحة والمنامة وأبوظبي ومسقط وعمّان والقدس وتونس، وبعد الشمس بدقيقتين في كل من الرياضوالقاهرةوطرابلس والجزائر، وبعد الشمس بثلاث دقائق في مكة المكرمة، وبعد الشمس بأربع دقائق في صنعاء والرباط، وبعد الشمس بست دقائق في الخرطوم، ورؤية الهلال في جميع هذه المناطق السابقة غير ممكنة حتى باستخدام التلسكوب الفلكي".
ولكن المعهد الوطني للرصد الجوي بتونس قال في موقعه الإلكتروني: "مدة مكوث هلال ذي الحجة في الأفق ستكون كالتالي: في بغداد سيغيب مع الشمس وفي الكويت وعمان بعد دقيقة وفي تونسوالقاهرة والجزائر بعد دقيقتين وفي طرابلس بعد 3 دقائق وفي مكة بعد 4 دقائق وفي صنعاء بعد 5 دقائق وفي الخرطوم بعد 6 دقائق".
وقال الدكتور أشرف السفياني: "يحدث الاقتران الفلكي يوم الأربعاء 24 سبتمبر 2014، الموافق 29 ذي القعدة 1435ه، عند الساعة 9:13 صباحاً بتوقيت السعودية، وبحسب موقع مكة المكرمة، فإن الشمس تغرب في ذلك اليوم عند الساعة 6:15 مساءً، ويغرب الهلال بعد غروب الشمس عند الساعة 6:20 مساء، أي أن فترة مكوث الهلال في أفق مكة نحو خمس دقائق، وارتفاعه عن الأفق درجة واحدة، وتكون إضاءة سطح الهلال 0.13 %، وزاوية الاستطالة بين الشمس والقمر أربع درجات".
بدوره، قال الدكتور أشرف تادرس رئيس قسم الفلك: "هلال ذي الحجة سيولد في الساعة الثامنة و14 دقيقة بالتوقيت المحلى لمدينة القاهرة وسيغرب بعد الشمس بمدد تتراوح من 3 إلى 5 دقائق، وفى سماء مكة المكرمة سيبقى بعد غروب شمس يوم الرؤية لمدة 5 دقائق، أما في باقي العواصم والمدن العربية والإسلامية فيبقى الهلال الجديد بعد غروب الشمس بمدد تتراوح ما بين دقيقة و13 دقيقة".
من ناحيته قال الدكتور "حاتم": "سيبقى هلال ذي الحجة في سماء القاهرة لمدة 4 دقائق بما يسمح برؤيته".
ثالثاً: المختصون في علم الفلك من الأكاديميين ذوي الشهادات العلمية يؤكدون إمكانية رؤية الهلال متى ثبتت ولادته ومكثه مدة في الأفق بعد غروب الشمس لدلالة العقل والواقع والشرع.
وفي هذا الصدد، يقول رئيس قسم الفلك والأرصاد الجوية بجامعة القاهرة سابقاً وأستاذ الفلك بجامعة المجمعة حالياً الدكتور مجدي يوسف أمين: "لا يمكن أن نقول أن رؤية الهلال مستحيلة بالعين المجردة أو بالتلسكوب اذا ثبتت ولادته، وتأكدنا بأنه سيمكث في الأفق بعد غروب الشمس، ومن قال باستحالة رؤيته مع ثبوت بقائه في الأفق فقد خالف الشرع والعقل والواقع".
وأضاف: "أما مخالفة هذا الكلام للشرع؛ فالأحاديث الصحيحة الصريحة نصت على ترائي الهلال يوم 29 ليلة 30 دون رجوع للحساب أو غيره؛ بل صرّحت بعدم النظر إلى الحساب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا"، وعقد الإبهام في الثالثة، ثم قال "الشهر هكذا وهكذا وهكذا" يعني تمام 30؛ يعني مرة 29 ومرة 30".
وأردف "أمين": "حكى شيخ الإسلام الإجماع على عدم اعتماد الحساب في دخول الأشهر في إثبات بداية الصيام ونهايته في شهر رمضان، وإثبات مناسك الحج في شهر ذي الحجة وغيرهما من العبادات، وليس هذا موضع بسط الكلام في دلالة الشرع على الاعتماد على الرؤية من دون الحساب؛ فالمسألة واضحة ومفَصّلة في كتب الفقه".
وتابع: "أما من حيث مخالفته لدلالة العقل؛ فما المانع من رؤية الهلال إذا كان قد ولد قبل غروب الشمس بساعات، وسيبقى في الأفق بعد غروب الشمس؟، وأما من حيث مخالفته للواقع؛ فقد ثبت بشهادة العدول الثقات في سنوات عدة، رؤية الهلال؛ برغم مكثه بعد غروب الشمس بدقائق معدودة ".
وقال: "على سبيل المثال في العام الماضي تم رؤية الهلال في "توشكا" بواسطة خبراء مرصد "حلوان"، وكانت مدة مكوثه عشر دقائق بعد غروب الشمس، وحيث إن الهلال سيمكث في مكة 5 دقائق وفي دكار 12 دقيقة فما المانع من رؤيته شرعا وعقلا؟".
وأضاف "أمين": "وجهة نظري أنه لا يمكن لأحد أن يجزم بإمكانية رؤية الهلال أو عدمها إلا في حالة واحدة، وهي أن يكون موقع الهلال وقت الغروب قريباً جداً من الشمس والأفق بشكل يجعل قربه من الشمس وفترة مكثه القليلة تمنعان الرؤية".
وفي هذا السياق، قال الدكتور حاتم عودة رئيس المعهد القومي المصري للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية: "سيبقى هلال ذي الحجة في سماء القاهرة لمدة 4 دقائق بما يسمح برؤيته"
رابعاً: الواقع القريب والبعيد يكذب الشبهة التي تشبث بها من يطالب برد شهادة العدول الثقاة بدعوى "استحالة رؤية الهلال إذا كان مكوثه في الأفق أقل من 29 دقيقة بعد غروب الشمس".
وفي هذا الصدد، يقول أحد المترائين المشهورين، فضل عدم ذكر اسمه: "منذ أكثر من 30 عاماً والشهود الثقات العدول يرون الهلال في أوقات ينفي أهل الحساب رؤية الهلال فيها؛ لزعمهم أنه سيغرب قبل الشمس؛ فكيف يكون ذلك وهم اليوم يؤكدون ولادته قبل الغروب بساعات، ويؤكدون أنه سيمكث في بعض الدول الإسلامية 12 دقيقة بعد غروب الشمس كما في دكار، و5 دقائق بعد غروب الشمس في مكة؟".
وأضاف: "لقد رأيت الهلال بنفسي في أحد الأعوام، ولم يمكث في الأفق بعد غروب الشمس إلا ثلاث دقائق فقط.. فكيف يدّعي "عودة" أن أقل رؤية سجلت بالعين المجردة كانت 29 دقيقة بعد غروب الشمس؟".
وأردف المترائي: "في عام 2004 م، وبالتحديد في يوم الثلاثاء 13 سبتمبر، شوهد الهلال في منطقة "القفرة" بالمدينة المنورة، عن طريق ثلاثة أشخاص، كان أحدهم مترائياً وشاهده بالعين المجردة، إضافة إلى اثنين من الأكاديميين المتخصصين في علم الفلك شاهداه بالتلسكوب؛ من بينهما أستاذ علم الفلك المشارك الدكتور زكي عبدالرحمن المصطفى، برغم أن الهلال لم يمكث بعد غروب الشمس إلا درجة و18 جزءاً من الدرجة؛ أي مكث في الأفق بعد غروب الشمس ست دقائق و25 ثانية فقط".
وتابع: "قبل شهرين نفى "عودة " كعادته إمكانية رؤية هلال شوال الماضي فكذبه الواقع بشهادة عدد من الشهود العدول أهل الخبر في المملكة وخارجها، ففي المملكة تمكن 11 رجلاً من الثقات رؤية الهلال، في مدينة سدير 6 و3 في محافظة شقراء واثنان في مدينة تمير، أما في خارج المملكة فقد شاهد هلال شوال عدد من الثقات في مصر في عدد من المدن المتباعدة".
واختتم بقوله: "كانت هناك سبع فرق رصد وشريعة موزعة على سبع مناطق تغطي مصر، وقد شاهدت هلال شوال لجنتان من تلك اللجان بالمنظار، إحداهما في توشكا وكانت مكونة من عشرة أفراد اثنان منهما فلكيان واثنان من هيئة المساحة وستة من الأوقاف، وقد مكث الهلال في الافق 12 دقيقة، أما اللجنة الأخرى ففي منطقة الوادي الجديد حيث مكث الهلال فيها 11 دقيقة، والمنطقتان تبعدان عن بعضهما حوالي 400 كلم، أما المناطق الأخرى فلم يشاهد فيها الهلال لكونها ملبدة بالغيوم، بينما كان الجو في منطقة فرقة البحر الأحمر صافياً ولم يشاهد فيها الهلال".