يندرج شريط الفيديو المرعب الذي يظهر عنصرا من تنظيم "داعش" لقطع رأس الصحفي الأمريكي جيمس فولي في إطار حرب إعلامية دعائية، يقوم بها التنظيم المتطرف على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف فرض سطوته لنشر الرعب والترهيب. وينشط عناصر ومؤيدو "الدولة الإسلامية" على موقعي "تويتر" و"يوتيوب" خصوصاً، ويوزعون الصور وأشرطة الفيديو والتعليقات والرسائل. ويقول خبراء إن هذا النشاط يلعب دوراً أساسياً منذ سنوات في جذب المجندين المحتملين للانضمام إلى التنظيم.
وغالباً ما تعمل إدارات مواقع التواصل على الإنترنت على إقفال حساباتهم، لكنهم يفتحون غيرها تحت أسماء جديدة، وكلها مستعارة في الغالب. وتم بث شريط فيديو على "يوتيوب" ليلة الثلاثاء/ الأربعاء، يظهر فيه شخص ملثم يرتدي زياً أسود، ويحمل بندقية، وهو يذبح الصحفي الأمريكي الذي كان مسلحون قد خطفوه في سوريا في نوفمبر 2012.
وبدا "فولي" وهو يرتدي رداء طويلاً برتقالياً شبيهاً بذاك الذي كان يرتديه المعتقلون الإسلاميون في سجن جوانتانامو الأمريكي.
وعلى الرغم من أن إدارة "يوتيوب" سحبت سريعاً الشريط، إلا أن عدداً ضخماً من متصفحي الإنترنت تمكنوا من مشاهدته. ونقلت صور من الشريط على مواقع إلكترونية عدة، ولاسيما الإسلامية منها، كما انتشرت على نطاق واسع صور التُقطت من الفيديو.
وبرر مؤيدو "الدولة الإسلامية" العمل بنشر صور لعمليات إذلال وتعذيب ارتكبها جنود أمريكيون في سجن أبو غريب العراقي.
وكان "فولي" (40 عاماً) مراسلاً حراً، شارك في تغطية الحرب في ليبيا قبل أن يتوجه إلى سوريا حيث كان يغطي النزاع لحساب صحيفة "غلوبال بوست" الأمريكية ووسائل إعلام أخرى. كما زود وكالة فرانس برس بتقارير صحفية أثناء وجوده هناك على الإنترنت، واتهمه متطرفون بأنه "جاسوس"، فيما اعتبره آخرون يستحق الموت؛ لأنه أمريكي كافر.
وكتب أبو بكر الجنابي الذي يقدم نفسه بأنه "أصولي" باللغة الإنجليزية "إعدام الصحفي الأمريكي على أيدي الدولة الإسلامية استراتيجية مقصودة، عبر إظهار القوة التي هي قادرة عليها. تريد ترهيب أعدائها". مضيفاً: "هذا يهدف إلى إثارة الرعب والحقد والكراهية".
وحمل الفيديو عنوان "رسالة إلى أمريكا". وتحت هاشتاج "رسالة إلى أمريكا" بالإنجليزية انتشرت تعليقات كثيرة على "تويتر" أيدت عمل "الدولة الإسلامية"، بينها "قسماً قسماً لتخضعنَ لكم رأس الكفر أمريكا ما دمتم تقاتلون في سبيل الله وتحكمون شرع الله".
بينما كتب على حساب آخر "لم نجد مذاقاً ألذ من دمكم"، أو تعليقاً على الشريط "أروع إصدار.. قنبلة من العيار الثقيل". وكانت مئات الحسابات قد بدأت بتهديد الأمريكيين بعد بدء الولاياتالمتحدة بقصف مواقع "الدولة الإسلامية" في العراق في الثامن من أغسطس.
ونشرت على هذه الحسابات صور جنود أمريكيين يبكون، وصور من اعتداءات 11 سبتمبر في الولاياتالمتحدة، وصور مرعبة لجثث مقطعة الأوصال.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة نورث إيسترن الأمريكية ماكس أبرامز "الإرهاب هو تحديداً استراتيجية تواصل". مضيفاً: "استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ليس أمراً مفاجئاً؛ لأننا في العام 2014، والجميع يستخدم تويتر".
إلا أنه يرى أن براعة "الدولة الإسلامية" في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي تجاوزت تنظيم القاعدة.
ويشير إلى أن عدداً كبيراً من المجندين في صفوف "الدولة الإسلامية" من الشباب الذين درسوا في الغرب، وعدد كبير منهم من دول غربية "هؤلاء منفتحون على مواقع التواصل، وإتقانهم للغة الإنجليزية يساعدهم أكثر على إيصال الرسالة".
ويضيف بأن نشر صور مرعبة على الإنترنت بات "وسيلة لاستعراض القوة" بالنسبة إلى "الدولة الإسلامية". وإذا كان الأمر "يثير اشمئزاز غالبية الناس إلا أن من شأنه جذب العناصر المتطرفة في المجتمع".
وأعلن رئيس مجلس إدارة "تويتر" ديك كوستولو بعد نشر شريط الفيديو أن شركته ستعلق كل الحسابات التي تنشر صوراً عنيفة مأخوذة من الشريط.
وسحبت إدارة "يوتيوب" الشريط؛ لأنه يخل بشروط الاستخدام، لكن مواقع أخرى أقدمت على نشره.
كما حاول البعض على "تويتر" الترويج لتعتيم إعلامي على كل حسابات الجهاديين وأخبار "الدولة الإسلامية". وكتب أحدهم "لن أنشر أي صورة أو فيديو تنشره الدولة الإسلامية بهدف الدعاية". ودعا إلى "تعطيل مأربهم وصب الماء على نارهم". وبعد ظهر الأربعاء كانت حسابات جديدة قد وُلدت بأسماء جديدة مؤيدة لقتل فولي ولتنظيم "الدولة الإسلامية".