"فيرجيني لوبليك" طبيبة نفسانية من الجنسية البلجيكية، تسبب حادث مروري مروع في إيقاف إلحادها وتوجيه اهتمامها بالأديان والاقتراب أكثر من الديانة الإسلامية، ومن ثم نطق الشهادتين بعد أشهر من البحث والتحري وحضور العديد من الدروس التعريفية بالإسلام في جامع بروكسل. "فيرجيني" ذات ال 30 عاماً قررت بعد إسلامها اختيار اسم "إلهام", ووقع اختيارها لهذا الاسم بسبب المعنى الذي يرمز إليه؛ وذلك لأنها أحست حقاً أن الله تعالى ألهمها وأضاء طريقها حينما تعرّفت على الإسلام.
تربية حرة: تتحدث الطبيبة النفسانية إلهام عن بداية حياتها وتقول: "كنت، قبل إسلامي، نصرانية كاثوليكية, فقد تلقّيت تربية حرة غير ملتزمة بالدين؛ لأن والديّ كانا ملحدين، ولم أذهب للكنيسة إلا بناء على رغبة أجدادي, فقد اعتنت جدّتي من جهة الأب بمنحي تربية روحية مستوحاة من الديانة النصرانية.
وتواصل: منذ أن عقلت لم يفارقني الإيمان بالله وإن استغرب ذلك والداي واتهماني بأنني أسبح في بحر من الخيال، إلا أنهما لم يعارضاني في ذلك. فقد كانا ذوي تعليم عال، وحرصا على توجيهي في المجال التعليمي مما مكّنني من اجتياز المرحلة الجامعية بأمان.
ولم تكن تلك التربية الحرة التي تلقتها الطبيبة النفسية تعني الانفلات من أي ضابط خلقي, تقول إلهام: "كان والداي يمنعانني من تعاطي الخمور والتدخين أو ارتكاب أي تصرف يخلّ بالآداب العامة، وكانت علاقتي مع والديّ مبنية على الثقة.
الحجاب الغريب: عندما قدمت الشابة إلهام إلى مدينة بروكسل للدراسة الجامعية تعرّفت على فتيات مسلمات محجّبات, وكانت مستغربة وتعتقد أن هؤلاء النسوة رضين بالخضوع لأزواجهن, وشعرت بأن عليها أن تدافع كامرأة عن حقوق النساء وحرياتهن، وخصوصاً أنها منذ الخامسة عشرة من عمرها ابتعدت كثيراً عن تعاليم الدين النصراني التي تلقّتها عن جدتها لما رأت من عدم احترام المرأة في هذا الدين.
الحادث المروع: واصلت الشابة البلجيكية المندفعة نحو حقوق المرأة بعدها عن الأديان، كانت لا تؤمن بوجود الرب، ولكن ذلك تغير بعد حادث سيارة مروّع تعرضت له وكادت أن تفقد حياتها, وساهم ذلك الاقتراب من الموت في إعادتها لرشدها والاهتمام أكثر بمسألة الأديان وتحولت للبحث عن الدين الذي كانت تتبع تعاليمه، ثم عرجت بحثاً عن اليهودية والبوذية وعن الإسلام في نهاية المطاف, تقول "إلهام": "كان تأثير الحادث عليَّ كبيرا ًودفعني للعودة للمسيحية ولكنني لم أشعر بالروحانية التي أبحث عنها, وانطلقت للبحث في عدة أديان.
وعندما قررت التعرف على الدين الإسلامي توجّهت ذات يوم نحو الجامع الكبير "المركز الإسلامي" لطرح أسئلتي الكثيرة، وخصوصاً تلك التي تعلّقت بحقوق النساء ولأدافع في الوقت نفسه عن حقوق النساء المسلمات فاستقبلني أحد الدعاة الذي استغرب سبب مجيئي, وبعد حديث معه نصحني باتّباع دروس مبادئ الإسلام التي كانت تعطى في الجامع الكبير.
غسل الدماغ: وتواصل: "رفضت أولاً لاعتقادي أنه سيتم غسل دماغي ثم قبلت أخيراً، ولعل حسن خلق ذلك الداعية هو الذي جعلني أقبل فكرة الانتظام في هذه الدروس بعد رفضي القاطع.
كانت الطبيبة النفسانية البلجيكية متفوّقة في الدروس الدينية التي انتظمت فيها لسنة ونصف السنة، وكانت تجد دائماً الجواب الشافي لدى معلميها الذين قابلوها دائماً بلطف وهدوء وحكمة رغم غلظتها وتشنّجها في طرح أسئلتها, وأثناء هذه الدراسة تعرّفت على الفتيات المسلمات اللاتي أحطن بها وعلمنها أكثر أسباب الحجاب والحكمة منه وماذا يستفدن منه.
ذات يوم قررت إلهام أن تفتح المصحف الشريف لأول مرة لتقف على ما يقوله ربهم عن النصارى؛ فإذا بعينيها تقعان على الآية 171 من سورة النساء المندّدة بالتثليث، وأيقنت حينها أن الله تعالى يخاطبها بهذه الآية، فعزمت بلا تردّد على الدخول في الإسلام.
وعن حياتها بعد نطق الشهادتين قالت: "كنت قبل إسلامي أحمل نظرة سيئة تجاه الإسلام أما اليوم فإنه يصبغ حياتي بطابعه الخاص في كل جزئية من جزيئاتها ويحتل مكان الصدارة في توجيه اختياراتي في أي مجال، مهنياً كان أم تربوياً أم غيره, الآن أمارس شعائر ديني باطمئنان وأمان وإن كان يعترض إيماني مد وجزر، لكنني بحمد الله محاطة بإخوة وأخوات يحبّونني ويذكّرونني بالله.
ردة فعل عنيفة: وعن ردة فعل أسرتها بعد إسلامها قالت: عاملتني عائلتي على الدوام بالكثير من الاحترام نظراً لكوني أكبر أولادها وللنصح الذي بذلته دائماً لها ولصديقاتي، لكنني عندما ارتديت الحجاب بدأت المعاناة بسبب نظرتهم إلى الحجاب على أنه أداة لتسلّط الرجال على النساء، وما زال هذا الموضوع محل نقاش محموم مع أسرتي.
وتضيف: هذا الجدل خفّ نوعاً ما في الآونة الأخيرة بعدما برهنت لهم أن الإسلام غيَّر حياتي، وأحاول بكل سبيل الحفاظ على علاقاتي الأسرية بسلوكي الحسن معها رغم العداء العنصري الذي تبديه أحياناً بكلمات نابية نحو كل ما يمت إلى العرب والمسلمين بصلة, واليوم، غدت أسرتي تتقبّلني أكثر وصورتها النمطية تجاه الإسلام قد تغيّرت نوعاً ما.
وعن تأثير عملها "طبيبة نفسية" على فهم الإسلام قالت: "في كل آية من القرآن الكريم محل عبرة وعظة للمعتبرين, وفي تعاليم القرآن الكريم والسنة المطهّرة منافع تعود بالخير على صحتنا البدنية، والنفسية والعقلية, ومع قرب شهر رمضان وبحكم اختصاصي "طبيبة نفسانية" لقد اكتشفت ما للصيام من نفع للصحة العقلية؛ حيث إنه يلعب دور المهدئ للأعصاب، لم يعرف الطب الحديث هذا الأمر إلا قبل 60 سنة بينما شرع الصيام قبل 1435 سنة لتحقيق منافع كثيرة.