كشف تقرير لمعهد "بروكينجز" الأمريكي أن الشرق الأوسط يمر الآن بنقطة تحول سكانية في الوقت الحالي، حيث يقترب عدد كبير من الدول من ذروة "التضخم الشبابي"، فتبلغ نسبة الشباب (من سن 15 إلى 29 سنة) إلى إجمالي عدد السكان حوالى 25% ، ورغم تحقيق مستوى عالٍ في الالتحاق بالتعليم في كثير من دول المنطقة، فإن معدلات البطالة المرتفعة، هي ما يمثل تحديات مستمرة للدول، حيث ستحتاج اقتصادات المنطقة إلى توفير ما يقرب من 51 مليون وظيفة بحلول عام 2020 لمواجهة الطلب من السكان غير العاملين وأولئك الداخلين إلى دائرة القوى العاملة، خلال العقد القادم. والتقرير الذي أعدته الباحثتان بمركز "ولفنسون للتنمية" سامنثا كونستانت وماري كرايتش، لصالح "معهد بروكنجز" وحصلت "سبق" نسخة منه، كشف أن نسبة الشباب السعودي "من سن 15 إلى سن 29" إلى عدد السكان 28 % ، وأن المعدل الصافى للالتحاق بالتعليم الثانوى يقدر ب 73 % ، بينما يبلغ معدل بطالة الشباب "من سن 15 إلى سن 29 سنة 16.3 % ، حيث تبلغ بين الذكور نسبة 12.2 % ، ويرتفع معدل البطالة بين الإناث 32.4 %، ويحدد التقرير إجمالي الناتج المحلي للفرد في المملكة 14.871 دولاراً أمريكياً. نسبة الشباب إلى السكان ويقول التقرير إن عدداً كبيراً من دول المنطقة قد وصل إلى ذروة التضخم الشبابي، حيث تتراوح نسبة الشباب "من سن 15 إلى 29 سنة" إلى إجمالي عدد السكان من 25% في الكويت والإمارات العربية المتحدة إلى 34% في إيران وقطر. ومن المتوقع أن تبدأ نسبة الشباب في معظم دول المنطقة في الانخفاض خلال السنوات العشر القادمة. وتُقدَّر نسبة الشباب من سن 15 إلى 29 سنة في سكان مصر ب 29% في الوقت الحالي، ولكن هذه النسبة سوف تنخفض إلى 25% بحلول عام 2020. وتبلغ نسبة الشباب في الأردن 30% من إجمالي السكان في الوقت الحالي، ولكن هذه النسبة سوف تنخفض إلى 27% في غضون 10 سنوات. ومن المتوقع أن تنخفض نسبة الشباب في المغرب من 29% (2010) إلى 24% (2020)، ورغم ذلك، هناك بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط التي سوف تحافظ على نسبة الشباب إلى نسبة إجمالي عدد السكان أو سوف تشهد نمواً فيها: فالعراق سوف يشهد ارتفاعاً من 28% في 2010 إلى 29% في 2020، وكذلك الضفة الغربية وقطاع غزة من 27% في 2010 إلى 29% في 2020. إضافةً إلى ذلك، نجد أنه سوف تستمر الزيادة في الفئة السكانية من عمر 15 إلى 29 سنة في دول المنطقة، وذلك من حيث الأعداد المطلقة. النتائج التعليمية حققت معظم دول المنطقة معدلات تقترب من المعدلات العالمية في الالتحاق بالتعليم الأساسي. وتختلف معدلات الالتحاق بالتعليم الثانوي وما بعد الثانوي بشكل واضح من دولة إلى أخرى، إلا أنها تشير إلى تحقيق مستوى عالٍ في الالتحاق بالتعليم في كثير من دول المنطقة. ويرجع هذا التوسع في معدلات الالتحاق بالتعليم إلى إستثمار الحكومات في توسيع إمكانية الالتحاق بالتعليم، وإدراك الطلاب وأولياء الأمور أن الالتحاق بالتعليم - خاصةً التعليم الثانوي وما بعد الثانوي- أصبح ضرورة لضمان الحصول على مناصب وظيفية مرغوبة بشدة في الخدمة المدنية في القطاع العام والحكومي. ورغم تحسُّن وارتفاع مستوى التحصيل التعليمي، ما زالت جودة التعليم في المدارس والكليات في المنطقة رديئة إلى حد كبير ، ويتخرج الطلاب من المدارس والكليات دون اكتساب المهارات والمعرفة المطلوبة للنجاح في سوق العمل. وتُعتبر رداءة جودة التعليم نتيجة لأنظمة التتبع التعليمي والاعتماد على الاختبارات عالية المخاطر للالتحاق بالجامعات. ويؤدي هذا إلى نظام تعليمي يدعم التعلُّم عن طريق الاستظهار والحفظ المجرد بدلاً من تنمية مهارات التفكير الإبداعي وحل المشكلات. التوظيف كشف التقرير أن المعدلات العالية للالتحاق بالتعليم لم تُترجم إلى إتجاهات إيجابية في سوق عمل الشباب. وبشكل عام، ارتفعت معدلات بطالة الشباب في المنطقة لتتراوح من 20 إلى 30 % في معظم الدول، وجاء أعلاها في كلٍ من الجزائر بنسبة 45.6% والعراق بنسبة 45.4%. إضافةً إلى ذلك، يعاني شباب الشرق الأوسط من طول فترات البطالة والبحث عن الوظائف لمدة تتراوح من سنتين إلى ثلاث سنوات في دول مثل مصر وإيران والمغرب. وتختلف أسباب ارتفاع معدلات بطالة الشباب من دولة إلى أخرى، وغالباً تكون البطالة نتيجة تفضيل الشباب المتعلم العمل في الوظائف الحكومية، وندرة الوظائف الجيدة في القطاع الخاص، وعدم توافق المهارات مع متطلبات سوق العمل. فكثير من الشباب يفضلون – بعد إتمامهم مراحل التعليم – انتظار فرص التوظيف في القطاع العام على قبول وظائف أقل جودة في القطاع الخاص غير الرسمي. وفي بعض دول المنطقة، بدأ الشباب يقومون بضبط توقعاتهم مع واقع سوق العمل. ويوضح بحث جديد أن معدلات بطالة الشباب في بعض الدول قد بدأت في الانخفاض لأن الشباب يقبلون العمل في وظائف أقل جودة. على سبيل المثال، يقترن الانخفاض الأخير في معدلات بطالة الشباب في مصر اقتراناً تناقضياً مع تدهور جودة الوظائف، وليس لحدوث أي تحسن ملحوظ في ظروف سوق العمل. النتائج المتعلقة بالإناث من الشباب تشير البيانات إلى انحسار واضح في الفجوة ما بين الذكور والإناث في معدلات الالتحاق بالتعليم في المراحل الأساسية والثانوية وما بعد الثانوية. وفي الواقع، فقد أصبحت معدلات التحاق الإناث بمرحلة التعليم ما بعد الثانوي أعلى من معدلات التحاق الذكور بالمرحلة نفسها في كثير من دول الشرق الأوسط، بما في ذلك البحرين والكويت ولبنان وقطر والمملكة العربية السعودية وتونس والإمارات العربية المتحدة والضفة الغربية وقطاع غزة. ولكن هذا الانحسار في الفجوة في التعليم لم يُترجم إلى انحسار مماثل للفجوة في سوق العمل. وتُبرز البيانات المتعلقة بالنوع في معدلات البطالة ومشاركة القوة العاملة التحديات الصعبة التي تواجه الإناث من الشباب في انتقالهم من التعليم إلى العمل. وبشكل عام، نجد أن معدلات بطالة الإناث من الشباب أعلى بكثير من معدلات بطالة الذكور من الشباب في منطقة الشرق الأوسط. وتختتم الدراسة بقولها : رغم ظاهرة التضخم الشبابي التي تمر بها المنطقة، فقد تميزت بمكاسب قوية في الالتحاق بالتعليم مقارنةً بالأجيال السابقة. ورغم ذلك، فما زال البحث عن وظيفة مربحة مطلب محفوف بالتحديات. أيضا ما زال هناك حجم هائل من المعلومات التي لا نعرفها عن الشباب في الشرق الأوسط في وقتنا الحالي، فمثلا من الصعب تحديد وقياس المؤشرات التي تفحص دقة وقيمة ما يتعلمه الشباب في الفصول الدراسية. وبالنظر إلى المستقبل، فقد بات من الضروري أن يستمر صانعو السياسات والباحثون في توجيه مثل هذه الأسئلة النقدية ودعم الجهود اللازمة لتحديد وقياس تلك المؤشرات المحيرة - والضرورية فى الوقت ذاته – والمتعلقة بأوضاع الشباب وسعادتهم.