أثار إعلان ساخر، تداولته بعض المواقع والرسائل الإلكترونية، عن حليب "يبيح الاختلاط" الجدل في مجالس السعوديين، ففي حين رأى البعض أن الإعلان ما هو إلا دعابة من بعض الشباب، رأى آخرون فيه مؤشراً على ما أحدثته بعض الفتاوى الخاصة بقضايا دينية معقدة. ويظهر الإعلان بحسب الرسائل الإلكترونية حليب "السعودية"، وقد كتب عليه "حليب أم مساعد"، حليب طازج 100%، وعلى جهة أخرى من العلبة كتب "المنتج متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية". وإمعاناً في السخرية، اختار مصمم الإعلان الكتابة على العبوة أنها تحتوي على 2,5 من أصل خمس "رضعات" مشبعات، وذلك من أجل الحصول على مجتمع خال من الاختلاط تماماً. ويأتي هذا الإعلان الساخر على خلفية جدل تشهده الساحة السعودية منذ أسابيع إثر إعلان الشيخ عبد المحسن بن ناصر العبيكان المستشار في الديوان الملكي، عن فتوى تبيح إرضاع الكبير، وعلى الرغم من التوضيحات التي أصدرها الشيخ بشأن الضوابط الشرعية للأخذ بالفتوى تسابق البعض في التعاطي معها مرة بتصرفات غريبة مثل السائق الذي طلب من مدرسة إرضاعه، ومرة أخرى بالسخرية على غرار إعلان حليب "أم مساعد". ولا تعد الفتاوى أو الأحداث العالمية هي ما يقف عنده الساخرون، ففي وقت سابق، حوَّل بعض الشباب السعودي كارثتي جدةوالرياض، وتبعاتهما إلى عشرات النكات التي تداولتها المواقع والمنتديات الإلكترونية. وهو ما دفع أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك سعود الدكتور سليمان العقيلي إلى دق ناقوس الخطر تجاه هذه الظاهرة التي تشير إلى تحول السخرية إلى سمة من سمات المجتمع السعودي. وقال العقيلي في حديثه ل "سبق": المجتمع السعودي جاد جداً، وذلك يرجع لسببين الأول: أن هناك احتكاماً للمرجعية الدينية عند إطلاق العبارات والألفاظ، أما السبب الثاني: للجدية المفقودة، في الفترة السابقة كان السعوديون هم أصحاب المشكلة وهم من يبحثون عن حل لها، ومع تغيير المجتمع السعودي أصبح يعتلي البعض الضعف". وأضاف: "أصبح البعض يقلب حياته إلى سخرية، وبذلك يحاول الهروب من مواجهة الواقع ويحول مشكلاته إلى نكت، وقد يعده البعض نوعاً من أنواع الاستمتاع بالحياة". وأكد العقيلي أن هذه الثقافة جديدة على المجتمع السعودي ولم تأت إلا مؤخراً بعد احتكاك السعوديين بغيرهم من الثقافات مثل الثقافة المصرية أو الغربية، مشيراً إلى أن هناك من يصنع مثل هذه النكات ويبثها في المجتمع وفي بعض الأحيان لا يكون الشباب سوى ناقلين لها دون السؤال عن مصدرها أو مدى ضررها بالمجتمع. وأضاف: "هناك من يعبث ويتحرى بث العبث في المجتمع وفي بعض الأحيان يكون الهدف السخرية من رموز المجتمع وثوابته"، قائلاً: "أصبح بعض الشباب السعودي للأسف من زيادة رفاهيته يبحث عن رفاهية أخرى". وحمل العقيلي المجتمع والأسرة الدور الأكبر في الحفاظ على الجيل الحالي ومن بعده جيل المستقبل والحفاظ على هوية المجتمع، وذلك من خلال إعانة الشباب على تحمل المسؤولية وبث المفاهيم الأساسية والأخلاقية فيما بينهم.