أيد أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور صالح السدلان فتوى إرضاع الكبير ضمن ضوابط شرعية، مشددا على أنه لادليل على كلام من قال إن هذه الفتوى خاصة بحالة واحدة ولا تعمم، مؤيدا ما قاله المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبد المحسن العبيكان. وقال السدلان في تصريح ل صحيفة "عكاظ": «قضية إرضاع الكبير وردت في السنة النبوية بقصة سالم مولى أبي حذيفة، حيث كان سالم مولى لأبي حذيفة واعتقه ، لكنه كان سالم يدخل في بيت أبي حذيفة فكان يتضايق من ذلك، فأمر الرسول زوجته أن تحلب له وترضعه حتى يستطيع الدخول عليها»، مضيفا «احتج بعض أهل العلم على هذه الفتوى، وقالوا هذه حالة خاصة ولايمكن أن تعمم لكنه لا دليل على أنها قصة خاصة بأبي حذيفة وزوجته وإنما لأبي حذيفة ولغيره، مما كانت حاجته مماثلة لحاجة أبي حذيفة».
وشدد السدلان على أن فتوى إرضاع الكبير تحتاج إلى تأمل ودراسة وتخضع للحاجة والضرورة، مبينا أنه يجب أن ينظر فيها إما المفتي أو من ينيبه الحاكم كالقضاة، فيرى حاجة المستفتي التي تماثل حاجة أبي حذيفة، فإن كانت الحاجة تدعو لتطبيق الفتوى فلا حرج من ذلك لأنها جائزة شرعا، وطالب من يحتج بأن هذه الفتوى خاصة وليست عامة بالإتيان بدليل شرعي يدل على خصوصيتها.
وأفاد السدلان أنه لا يجوز شرعا التهكم بهذه الفتوى والسخرية منها لأنها صحت عن الرسول وعن عدد من العلماء وهي ثابتة. وانتشرت في الآونة الأخيرة كاريكاتيرات عديدة، بعضها خادش للحياء يصور قضية إرضاع الكبير بصورة مقززة، حيث رسم أحدهم صورة لامرأة تقوم بإرضاع رئيسها على مكتبها، وأتت بعض الرسومات بطريقة أكثر وقاحة وسخرية، غزت مجموعات البريد الإلكتروني خلال الفترة الماضية. كما رسم أحدهم صورة مقترحة لما أسماها "عباية الرضاعة" كتب عليها: وصلت حديثاً عباية خاصة بفتحة الإرضاع". وكان الشيخ ناصر العمر عضو رابطة علماء المسلمين تحدث في حوار ل "سبق" عن الفتاوى الجديدة وقال: الفتاوى الجديدة، بكل أسف، كثير من أصحابها ليسوا أهلاً للفتوى، فأصبح الأمر كما أقرأ في الصحف، أن وزارة الصحة, قبضت على أكثر من 500 ممرض وطبيب مزورين، وأقول بكل أسف: إن هناك مزورين من طلبة العلم، وهم يفتون وليسوا من أهل الفتوى. ولم يسلم الشيخ عبد المحسن العبيكان، وهو أول من تحدث بهذه الفتوى، من النقد اللاذع في الصحف الخليجية. فقد كتب فؤاد الهاشم، وهو أبرز الكتاب الكويتيين، مقالة قال فيها متهكماً: "مع إصرار سماحة الداعية السعودي "عبد المحسن العبيكان" على فتواه الخاصة ب [إرضاع الكبير]، يتعين علينا – جميعاً – أن نساعده ونبحث في [آلية وطرق ووسائل] تطبيق ما قاله على أفضل صورة، تحقيقاً للقول الكويتي الشهير.. [إذا حجى الشرع.. الكل يرضع]. وبعد قضية إرضاع الكبير التي اختلف في خصوصية حادثة حصلت في عهد النبوة وعدم خصوصيتها، ظهرت أصوات تطالب بجدية بضبط الفتوى وإيجاد معايير واضحة للأشخاص المسموح لهم بالفتيا. وقال الشيخ ناصر العمر ل "سبق": "أنا أطالب بضبط الفتوى، وهذا لا يعني حصر الفتيا في جهة معينة رسمية، إنما توضع صفات ومعايير قوية, يجب أن تتوافر في من يفتي الناس". وكان الأمير خالد الفيصل تحدث في وقت سابق عن آليات من شأنها أن تحد من الفتوى العشوائية. وقال في أعمال المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها بمبنى رابطة العالم الإسلامي في مكةالمكرمة: "إن الأمة تواجه شراً من داخلها نتيجة الفتاوى التي يسوقها بعض المتشددين والمغالين، عبر الفضائيات والمواقع الإلكترونية بشكل يوافق ويتبع أهواءهم"، معتبراً أن الفتاوى المتشددة أصبحت تستخدم كذريعة ممن يكنون العداء للأمة الإسلامية. وتحدث في المؤتمر أيضا ً الشيخ عبد الله التركي قائلاً: "أهم المشكلات التي تواجه موضوع الفتوى لدى المسلمين، تجاسر مَن هم ليسوا أهلاً لها، والإفتاء بغير علم، ومن أمانة المفتي مشاورة نظرائه من الفقهاء، ومَن هم أعلم منه، وأن ينظر لمسألة الفتوى وفق ظروف السائل لها".