كشف استشاري طب التخدير بجامعة الملك سعود والمستشفى الجامعي بالرياض الدكتور بلال محمد، خلال استضافته في "منتدى الجمعة" الثقافي بحي الرائد بالرياض، أمس الجمعة، عن وقوع حالة وفاة واحدة من بين 100 ألف عملية؛ بسبب خطأ طبي في التخدير، وأن احتساء القهوة والشاي لا يؤثران على عمليات التخدير؛ إلا أن من يتناول المشروبات المنبهة قد يحتاج لجرعة زائدة أو أقل حسب نوعية ذلك المشروب"؛ حيث تحدّث عن تاريخ وأسرار طب. وأشار استشاري طب التخدير بجامعة الملك سعود العلمية، إلى أن مرضى السكر يتم إخضاعهم قبل العمليات لفحوصات طبية خاصة؛ لقياس مستوى التحكم بمستوى السكر في الدم؛ بحيث لا يزيد على 180 ملج/ ديسيلتر؛ كي لا تحدث مضاعفات من خلال التهاب الجروح أو حدوث "غرغرينا" جراء التخدير.
وأضاف "بلال" أن مضاعفات التخدير على المصابين بالسمنة أو لمن يزيدون عن 180 كلجم أكبر، ويتعرضون للمشاكل التنفسية خلال التخدير بمعدل مرتين أكثر من المرضى الذين لا يعانون من السمنة؛ محملاً مسؤولية وفاة الدكتور طارق الجهني، رئيس قسم الأسنان في مستشفى الملك فيصل التخصصي في جدة (يرحمه الله) الذي كان يهم بإجراء عملية جراحية لإنقاص الوزن لا تستغرق أكثر من نحو 45 دقيقة، إلى أخطاء "طبيبة التخدير" التراكمية؛ بدءاً من إدخال أنبوب التخدير، وانتهاء بالإنقاذ الخاطئ للحالة الحرجة؛ حيث تُوُفي دماغياً، ثم فارق الحياة.
واستعرض "بلال" تاريخ علم التخدير من بداياته؛ مستفتحاً اللقاء بقوله تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}؛ مشيراً إلى أن الله يحيي من يشاء من خلقه إذا شاء، ويميت من شاء إذا شاء، وفي هذا إشارة إلى عظمة الخالق في الموت والحياة، التي يعجز الطب -مهما تقدم- عن فهم بعض مكنوناتها وأسراها المعجزة؛ لافتاً الأذهان إلى أن للمسلمين فضل كبير في هذا العلم؛ فهم الذين أسسوه بوصفة علماً، وأطلقوا عليه اسم "المرقد" أي المخدر؛ وخاصة التخدير العام في العمليات الجراحية؛ حيث كان كتاب القانون في الطب لابن سينا أحد أهم المراجع الطبية التي اعتمد عليها الأطباء في العالم الإسلامي وفي أوروبا في ممارسة الطب.
واستطرد: "أورد ابن سينا عدة طرق لتخدير الجزء المراد إجراء العملية عليه؛ مثل التخدير بوضع الثلج، كما وصف إجراء العمليات الجراحية بواسطة الإسفنجة المنومة، وهي عبارة عن إسفنجة تُغمس في مزيج من الحشيش والأفيون وعصارات نباتية أخرى مثل الزوان، وكانت تُستخدم كمخدر عام في إجراء العمليات الجراحية، وبقيت هذه الطريقة مستخدمة حتى اكتشاف التخدير الاستنشاقي سنة 1844م، كما وصف ابن سينا عملية التنبيب الرغامي، وهي عبارة عن إدخال أنبوب معدني إلى القصبة الهوائية؛ وذلك لإبقاء مجرى الهواء مفتوحاً أثناء التخدير الكامل، وهي الطريقة التي تُستخدم حتى الآن في إجراء عمليات التخدير الكامل؛ ولكن باستخدام أنبوب بلاستيكي بدلاً من المعدني".
وأضاف: "أُجريت أول عملية تخدير كامل أمام جمع من الأطباء بواسطة الدكتور وليام مورتن عام 1846م في مستشفى "ماسا شوسيتس العام" في بوسطن بالولايات المتحدةالأمريكية؛ باستخدام "الإيثر"، وتلاه في سنة 1847م اكتشاف واستخدام مادة "الكلوروفورم" في التخدير الكامل، ويُذكر أن أشهر حالة معروفة لاستخدام التخدير الاستنشاقي باستخدام مادة "الكلوروفورم" أثناء الولادة، وكان قد أجراها الدكتور جون سنو على الملكة البريطانية فيكتوريا أثناء ولادتها آخر طفلين من أبنائها".
وتابع استشاري طب التخدير بجامعة الملك سعود: "وفي العام 1884م استخدم الدكتور كارل كولر مادة "الكوكايين" كمخدر موضعي في عمليات العيون، وتلا ذلك استخدام المادة نفسها في عمليات أخرى كعمليات الأنف والأذن والحنجرة وغيرها من العمليات، وتلا ذلك إجراء الدكتور أوغست بير لأول عملية تخدير نصفي في العام 1898م، والدكتور فيدل بيجز لأول عملية إدخال قسطرة في منطقة آلام فوق الجافية (إبرة الظهر التي تُستخدم في تسكين آلام الولادة) في حالة جراحية في البطن، في العام 1921م، كما استخدمت هذه الطريقة لأول مرة لحالة ولادة في العام 1938م بواسطة الدكتور جرافينينو والدكتور سيلار".
واسترجع "بلال" للحضور بعض الطرق القديمة للتخدير، والتي استُخدمت لإحداث فقدان بالإحساس، مثل ضرب الإنسان بمطرقة في منطقة خلف الجمجمة؛ فيفقد الإنسان وعيه لفترة وجيزة.