تشير الكثير من الآثار المكتشفة من الحضارات السابقة في مختلف بقاع العالم على معرفة الكثير من هذه الحضارات لعلوم الطب وعلاج الآلام وحتى اجراء العمليات الجراحية البسيطة وتعود أقدمها إلى حضارة بلاد مابين النهرين (3500 ق. م) حيث ورد في احدى كتابات حمورابي (إذا عالج دكتور مريضا بعملية جراحية او تسبب في موت مريض او تسبب في عطب عين مريض فان يد الطبيب تقطع). وتلاه الحضارة المصرية القديمة وعثر على الكثير من الجداريات التي تبين معرفة المصريين القدماء لزهرة الخشخاش (التي يستخلص منها مادتي الافيون والمورفين) واستخدامهم لهذه الزهرة في شعائرهم الدينية والطقوس العلاجية وكانت آخر هذه الدلائل العثور في وقت قريب على مومياء يعتقد ان صاحبها كان مصابا بورم في المخ مع وجود علامات على اجراء جراحي في الجمجمة لازالة الضغط الناتج عن الورم في مخ هذا المريض. وبعد ذلك العثور على آثار من الحضارات الهندية والصينية واليونانية والرومانية وممارسة هذه الحضارات لعديد من العمليات الجراحية حيث استخدمت العديد من النباتات والاعشاب الطبية في تسكين الآلام الجراحية وحتى استخدامها في ايجاد حالة من تخدير المريض كما ورد في كتابات ابو قراط (الملقب بابو الطب) وكان الاعتماد الاكبر في هذه الحالات على زهرة الخشخاش،أما في حضارات امريكا الجنوبية وبالأخص حضارة الانكا فقد عرفت الخصائص الطبية لمادة الكوكايين واستخدامهم لها كمادة مخدرة في شعائرهم الدينية وربما العلاجية. أما في العصور الوسطى فقد كان تأثير الطب الإسلامي هو الغالب حيث ساهم العديد من الاطباء المسلمين في شرح مختلف العمليات الجراحية وكيفية اجراء تخدير فيها، حيث كان كتاب القانون في الطب لابن سينا أحد أهم المراجع الطبية التي اعتمد عليها الاطباء في العالم الاسلامي وفي أوروبا في ممارسة الطب. وفيه أورد ابن سينا عدة طرق لتخدير الجزء المراد اجراء العملية عليه مثل التخدير بوضع الثلج كما وصف اجراء العمليات الجراحية بواسطة الاسفنجة المنومة وهي عبارة عن اسفنجة تغمس في مزيج من الحشيش والافيون وعصارات نباتية اخرى مثل الزوان وكانت تستخدم كمخدر عام في اجراء العمليات الجراحية وبقيت هذه الطريقة مستخدمة حتى اكتشاف التخدير الاستنشاقي سنة 1844 م، كما وصف ابن سينا عملية التنبيب الرغامي وهي عبارة عن ادخال انبوب معدني الى القصبة الهوائية وذلك لابقاء مجرى الهواء مفتوحا اثناء التخدير الكامل وهي الطريقة التي تستخدم حتى الآن في اجراء عمليات التخدير الكامل ولكن باستخدام انبوب بلاستيكي بدلا من المعدني. أجريت أول عملية تخدير كامل امام جمع من الأطباء بواسطة الدكتور وليام مورتن عام 1846 م في مستشفى (ماسا شوسيتس العام) في بوسطن بالولايات المتحدةالامريكية باستخدام الايثر وتلاه في سنة 1847م اكتشاف واستخدام مادة الكلوروفورم في التخدير الكامل ويذكر أن أشهر حالة معروفة لاستخدام التخدير الاستنشاقي باستخدام مادة الكلوروفورم اثناء الولادة وكان قد اجراها الدكتور جون سنو على الملكة البريطانية فيكتوريا اثناء ولادتها آخر طفلين من أبنائها. وفي العام 1884م استخدم الدكتور كارل كولر مادة الكوكايين كمخدر موضعي في عمليات العيون وتلا ذلك استخدام المادة نفسها في عمليات أخرى كعمليات الأنف والأذن والحنجرة وغيرها من العمليات، وتلا ذلك إجراء الدكتور اوغست بير لاول عملية تخدير نصفي في العام 1898م، والدكتور فيدل بيجز لاول عملية ادخال قسطرة في منطقة آلام فوق الجافية (ابرة الظهر التي تستخدم في تسكين آلام الولادة) في حالة جراحية في البطن في العام 1921م، كما استخدمت هذه الطريقة لأول مرة لحالة ولادة في العام 1938م بواسطة الدكتور جرافينينو والدكتور سيلار. وفي السعودية لم يكن عدد المخدرين السعوديين المؤهلين في السبعينيات يتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة ولكنة الآن يتجاوز المائة والخمسين موزعين على مختلف مناطق المملكة ويحملون مؤهلات عليا ويمارسون مهنة التخدير في العديد من المستشفيات، ويحمل العديد منهم مختلف التخصصات الدقيقة كتخدير القلب والأطفال وعلاج الآلام والعناية المركزة وتخدير عمليات المخ والاعصاب والنساء والولادة والتخدير الجزئي.