"ممثلون وأصدقاء وعارضون محترفون بعقود سنوية، وكل ما يحدث في الحلبة عبارة عن سيناريو مكتوب مسبقاً ويقومون بالتدرُّب على كل مواجهة، كما يفعل الممثلون قبل بدء التصوير".. هذه المعلومات قد تصدم كثيراً من عشاق المصارعة بالمملكة الذين ينتظرون العروض التي ستقدمها بعد أيام في الرياض، شركة "المصارعة العالمية الترفيهية" المعروفة ب "WWE"، غير أن وقع تلك المعلومات قد يكون أكبر على كِبار السن الذين عشقوا لعقود مصارعين كباراً، مثل: "هالك هوجن" و"المحارب" و"العملاق أندريه"، وربما لن يصدقوها. ورغم أن شركة "WWE" بنفسها لم تعد تنكر أن المصارعة والعداوات بين "نجومها" في الحلبة غير حقيقية، خاصة بعد أن واجهت قضايا عدة فيدرالية وهجوماً إعلامياً قبل أعوام بسبب موت عدد من المصارعين في سن مبكرة نتيجة استخدامهم "الستيرويدات " من أجل زيادة حجم عضلاتهم، وتصريحات بعض المصارعين بأن "فينس مكمين" مالك الشركة يحثهم على استخدامها، إلا أن جمهور المصارعة لا يزال في تزايد بعد أن تمكّن كُتاب السيناريو في الشركة من وضع قصص ومجرى أحداث يشدهم لمعرفة نهاية كل قصة، كإيجاد عداوة بين نجم مثل "جون سينا" و"عائلة وايت"، وهي قصة تجري فصولها حالياً، وستشهد الرياض بعض تفاصيلها خلال العروض المقبلة بين 17 و19 أبريل الجاري.
الفائز معروفٌ مسبقاً ينشر عديدٌ من منتديات المصارعة بالولايات المتحدة نتائج المنافسات مسبقاً، وبلغ الأمر أن ينشر بعض الأعضاء أسماء المصارعين الذين سيحصلون على أحزمة البطولة خلال الأشهر المقبلة، معتمدين على مصادرهم داخل الشركة.
وفي يوليو من العام الماضي، نشرت صحيفة "ذا تلغراف" البريطانية تقريراً عن عضو بأحد المنتديات سرّب نتائج النزالات بعد أن أخبره بها صديق "ذو مرتبة عالية" في "WWE"، ومنها نتائج مباريات لنجوم كبار مثل "جون سينا" و"أندرتيكر".
وفي الفيلم الوثائقي "Beyond the Mat" الذي يتحدث عن حياة المصارعين وأُنتج عام 1999، يتضح عديد من حقائق المصارعة "وراء الكواليس"، حيث يمكن مشاهدة "ذا روك" و"ميك فولي" وهما يستعدان لأحد النزالات الدامية ويتفقان على ما سيفعلانه وسط توجيهات من المخرج، إضافة إلى أن "ميك فولي" تحدث للمذيع بأنه سيحصل على الحزام، وسيخسره في مهرجان "رويال رامبل" أمام "ذا روك".
كما يمكن مشاهدة عديد من مقاطع الفيديو على موقع "يوتيوب" ويظهر فيها المصارعون وهم يستعدون لمبارياتهم معاً ويعملون كفريقٍ واحدٍ، وللوصول إليها يمكن البحث باستخدام "wrestling fake" أو "wwe fake".
دماء "معلبة" وإصابات حقيقية يجيب الكاتب المختص في مجال "مصارعة المحترفين "إريك كوهين" عن عديدٍ من الأسئلة المتعلقة بالطريقة التي تُدار بها النزالات، ابتداءً بكتابة السيناريو ومروراً بطريقة إسالة الدماء في الحلبة، وانتهاءً بالطريقة "الغبية" التي يظهر بها الحكم دائماً، عندما لا يشاهد أشياءً تجري أمام عينيه.
فعن الدماء يقول كوهين في موقع "prowrestling.about.com": في معظم الحالات فإن الدماء حقيقية، وتسيل بعد أن يستخدم المصارع أداةً حادةً لجرح جبينه، غير أن المصارع قد يجرح أحياناً وتسيل منه الدماء بسبب ضربة سدّدها له خصمه بطريقة خاطئة.
ويضيف: قد يبصق المصارع أحياناً الدم من فمه وكأن لديه جرحاً داخلياً، ويكون ذلك عن طريق كبسولات دم يحتفظ بها ويفجّرها في فمه في الوقت المناسب، وليس صحيحاً أن المصارعين في "WWE" يستخدمون صلصة الطماطم "كاتشاب".
كما أن هناك طرقاً أخرى لإسالة الدماء في أثناء النزالات، ومنها عمل جرح في رأس المصارع قبل المباريات، وتغطيته بشكلٍ متقن عن طريق مختصّين في "الماكياج" ، وفي الوقت المناسب (بعد أن يضربه خصمه بكرسي على الرأس مثلاً)، يقوم المصارع بفرك موقع الجرح بقوة، وكأنه يتألم، غير أن الحقيقة هي أنه يقوم بفتح الجرح مرة أخرى.
ورغم أن كل ما يجري في النزالات مخطط له بعناية، إلا أن الأخطاء قد تحدث، وقد تؤدي أحياناً إلى أضرارٍ بالغة تحرم المصارع من إكمال مسيرته، كما حدث في مباراة جمعت "برت هارت" ب "غولدبرغ" في اتحاد "WCW" عام 1999، حيث أصيب هارت بارتجاج بعد ركلة سدّدها غولدبرغ بطريقةٍ خاطئة.
عقود ومزايا بحسب الأداء وتقبُّل الجمهور العقود العالية والدخل الكبير الذي يحصل عليه المصارع، لا يرتبط بقوته أو حجمه، بل بقدرته على الأداء وتطبيق السيناريو، ومقدار تحمُّله، وقد يرتفع دخل المصارع بشكلٍ كبيرٍ بسبب تقبُّل الجمهور شخصيته وزيادة شعبيته، حيث إن ذلك يعني مبيعات أكثر للدمى والفانيلات التي تحمل صورته أو شعاره.
وفي عام 2013، بلغت قيمة عقد المصارع جون سينا السنوي نحو 3 ملايين دولار، إضافة إلى ميزات أخرى كاستخدام الطائرة الخاصّة بالشركة والسفر على الدرجة الأولى واستخدام حافلة خاصة مجهزة بكل وسائل الراحة لتنقلاته بين المدن القريبة، غير أن دخله السنوي قد يصل إلى 30 مليون دولار، حيث يحصل من الشركة على نسبة من كل "فانيلة" أو "كاب" أو "دمية" أو أي مبيعات أخرى تحمل شعاره أو صورته. وتتناقص قيمة العقود بعد ذلك، فهناك مَن يحصل على مليون ونصف دولار ومزايا أخرى ك "بق شو"، و"شيمس" الذي يحصل على مليون دولار، حتى تصل قيمة بعض العقود إلى مبالغ لا تتجاوز 100 ألف دولار لبعض المصارعين.
المصارعون "الوهميون" يفشلون في "MMA" شهد العقد الماضي انتقال عديد من مصارعي "WWE" إلى اتحادات تنضوي تحت مسمّى "الفنون القتالية المختلطة" أو "MMA"، وهي اتحادات تنظّم نزالات حقيقية، غير أن عديداً من أولئك المصارعين فشلوا في تحقيق أيِّ نتائج إيجابية رغم ضخامة عضلاتهم، وخسروا أمام منافسين ضئيلي الحجم، بعد أن أصبحت المواجهة حقيقية. ومن أبرز الأسماء التي انتقلت إلى اتحادات المصارعة الحقيقية: "باتيستا" و"بوب لاشلي" و"كين شمروك" و"بروك ليسنر".
وحقق "لسنر" و "شمروك" نتائج جيدة في البداية لأنهما كانا يمارسان المصارعة الحقيقية أثناء دراستهما الجامعية، غير أن "لسنر" العملاق مفتول العضلات غادر اتحاد "UFC" بعد هزائم عدة، وعاد إلى "WWE"، وتبعه "باتيستا" بعد ذلك.
ويعد اتحاد "UFC" أبرز اتحادات المصارعة الحقيقية بالولايات المتحدة، والمشاهد سيكتشف أن النزالات حقيقية منذ اللحظات الأولى للمباراة، فلا توجد فيها "ركلة طائرة" أو "مسكة مخلبية" أو "تنويم" أو "ثبيت"، وتنتهي بإعلان الحكم أن أحد المصارعين لا يستطيع المواصلة.