عندما يحين فصل الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وتبدأ الثلوج بالتساقط لتغطي الغذاء الذي تتناوله الطيور، تضطر الطيور إلى الهجرة والبحث عن مصادر غذائية بديلة في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية؛ حيث تبدأ رحلتها باتجاه الجنوب لتقطع المحيطات بحثاً عن المكان المناسب لاستقرارها؛ في حين أن منطقة عسير بتضاريسها الطبيعية المتنوعة على موعد كل عام مع أسراب تلك الطيور المهاجرة، التي تعبُر أجوائها في أواخر شهر أغسطس وحتى شهر أكتوبر، في رحلة تسمى "الذهاب"، ثم تعود إلى موطنها بعد انقضاء فصل الربيع الذي عادة ما يبدأ مع مطلع شهر مارس إلى شهر مايو سنوياً. وأثناء هاتين الرحلتين اللتين تمر بهما فوق أجواء المملكة، يبدأ موسم مطاردتها من عشاق القنص والتصوير؛ حيث يشكّل لهم هذا الموسم وقتاً ثميناً للاستمتاع بما تحتويه تلك الأسراب من أشكال وأنواع مختلفة من الطيور.
رصدت "واس" -خلال هذا الموسم في جولات ميدانية- الكثير من الطيور الفريدة بأشكالها وأنواعها ومسمياتها المختلفة؛ حسب المتخصصين في علم الطيور، ومنها: طائر (النورس الأبيض)، الذي يقطن في البحر الأحمر ويتكاثر على الجزر ذات الصخور والشواطئ الرملية، وطائر (الوروار الأوروبي) أو ما يسمى ب (الصقرقع)، وله دلالة موسمية عند أهالي المنطقة؛ حيث يُستدل من مشاهدته في شهر مارس على دخول فصل الربيع، ويتغذى عادة على النحل، ويُصدر أصواتاً فريدة تمنع النحل من الخروج من الخلايا؛ حيث تنتشر تلك الأنواع بكثرة على شواطئ القحمة في ساحل عسير.
ويلفت النظر، طائر (الغُرة)، أو طائر (بلشون الليل) الذي يتواجد بكثرة في المواقع ذات الغطاء النباتي الكثيف ويعيش حول السدود، مثل سد أبها، وفي أماكن تجمع المياه والمستنقعات وعلى مصبات الأودية المختلفة؛ حيث يتميز بشكله المقوس ولونه الرمادي، وطائر (النحام الوردي) الذي يُدعى أيضًا (الفلامنجو)، وهو من الطيور التي تحتوي على فصيلة واحدة وجنس واحد، ويتميز بسيقانه الرفيعة الطويلة ذات اللون الوردي أو الأحمر الفاقع، ولا يعدّ من الطيور المهاجرة؛ ولكنه يضطر أحيانًا للهجرة نتيجة لتغيرات الطقس وانخفاض مستويات المياه في موطنه؛ فيبدأ في البحث عن أماكن جديدة أكثر ملاءمة، وشوهد على شاطئ الحريضة في سواحل منطقة عسير.
وهناك الكثير من الأنواع المختلفة من الطيور اللافتة للانتباه بألوانها وأشكالها ومسمياتها، والمنتشرة في المناطق الجبلية في عسير، مثل طائر النساج (الحسون)، وطائر (سنونو البحر) ويُدعى (أبو فصادة، أو الصعوة)، وطائر (البلشون الرمادي) أو (الزرقي)، بالإضافة إلى الحمامة الخضراء التي تسكن الأودية الأكثر اخضرارًا، وتزداد أعدادها خلال موسم الخريف بوصول الطيور المهاجرة من القرن الإفريقي، وتعيش في الغابات الكثيفة بالأشجار ودائمة الخضرة مثل جبال حسوة وشحب الواقعة في محافظة رجال ألمع.