أكد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله السند، أن الدعوة ألبست ألبسة مزيفة، وأصبح يدعى للجماعات والأحزاب والآراء السياسية والإقليمية باسم الدعوة إلى الإسلام، محذراً من أغراض إقليمية ودولية وسياسية وحزبية تفرّق ولا تجمع، وتهدم ولا تبني. وقال الدكتور "السند": "المملكة العربية السعودية التزمت منهج الدعوة إلى الله، لا إلى حزب ولا إلى منهج دخيل، ولا رغبةً في تحقيق مطامع دنيوية أو سياسية".
جاء ذلك في افتتاح الندوة التي نظم ها كرسي سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله لدراسات الحكمة في الدعوة بالجامعة الإسلامية بعنوان "الحكمة في تجديد الخطاب الدعوي: الضوابط والمجالات والآثار"، بمشاركة 26 باحثاً وباحثة، بقاعة الملك سعود بالجامعة للرجال، وقاعة دار الحديثة المدنية للنساء، وناقشت البحوث المطروحة في جلسات الندوة تجديد الخطاب الدعوي من خلال عدة محاور ركزت على مفهوم التجديد وربطه بفقه الأولويات، وضوابطه وتحدياته، ومعالم صياغته.
وأضاف السند: "ذلك المنهج جاء صريحاً واضحاً في خطاب وتوجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في الأمر الملكي الأخير الذي وضع الأمور في نصابها، كما تلاه بيان وزارة الداخلية الخاص بتحديد الجهات والمنظمات الإرهابية وتجريم الانتماء إليها أو التعاطف معها أو دعمها، وكان بياناً واضحاً جليّاً، يؤكد ما قامت عليه هذه البلاد من منهج واضح مبني على كتاب الله وسنة نبيّه صلى الله عليه وسلم".
وأردف الدكتور "السند": "لا إسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمامة ولا إمامة إلا بالسمع والطاعة التي هي من مقتضيات حفظ هذا الدين العظيم لأنه إنما يكون الإسلام إذا سمع وأطيع للإمام، أما إذا كانت الأمور فوضى وتخرجت الأجيال على الآراء والتوجهات فإن ذلك مدعاة للفتن والقلاقل والشرور، وقد حافظت المملكة على وحدتها ولحمتها بهذا المنهج، ولا تساوم على هذا الدين أبداً".
وتابع: "نشيد بإنشاء المملكة للجامعة الإسلامية التي أصبحت أمنية طلاب العلم في العالم كله الانتساب إليها، والجامعة تمرّ بتميّز تلو تميّز بفضل الله تعالى ثم بفضل ما تلقاه من اهتمام كبير وعناية بالغة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسموّ ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز حفظهم الله جميعاً".
وقال: "ما رأينا من طلاب هذه الجامعة إلا الولاء والمحبة لهذه البلاد وقادتها ومنهجها وهم سفراء لها في أنحاء العالم".
في سياق ذي صلة؛ دعا الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، في كلمته، المشاركين في الندوة، إلى إصدار ميثاق يضبط مسارات الحكمة في الدعوة ويحقق المصالح ويدرء المفاسد، وحذّر الدعاة من طرح القضايا المثيرة بهدف كسب الجمهور أو زيادة المتابعين لتغريداتهم.
وقال: "العبرة بأن يكون الداعية على الحق ولو كان وحده، ونحث الدعاة والشباب على التلاحم مع العلماء وولاة الأمر للنظر في مصالح هذه البلاد لا سيما والأمة تعيش الفتن وتتطلع إلى المخرج منها، وذلك لا يكون إلا بتوحيد الصفوف ونبذ الطائفية والبعد عن الإعجاب بالرأي، والحذر من التحزب المقيت والتعصب المشين".
وأضاف "السديس": "البيئات والظروف والأحوال تتغير فيجب على الداعية الحفاظ على أصول الدين وثوابته، وما يستجد من آليات ووسائل للدعوة ينبغي أن يكون محل نظر العلماء والمجتهدين، حيث إن الشريعة لم تقف عاجزة يوماً عن تحقيق المصالح وتكبيرها وتقليل المفاسد ودرئها لكن ذلك يحتاج إلى نظر المجتهدين والعلماء.
وأردف: "تجديد الوسائل والآليات أمر يجب أن تتسع له الصدور ولا يكون محل خلاف بين العلماء لأن المهمة أكبر والرسالة أعظم، لا سيما في هذه الأزمان التي كثرت فيها المحن حيث أصبح طلاب العلم والدعاة بحاجة إلى توحيد الصفوف وجمع الكلمة والنظر إلى الأولويات، والحكمة ضالة المؤمن، وينبغي أن تكون مفاهيم التجديد على منهج السلف".
وتابع: "الآليات والوسائل أمرها سهل، فالأمة الإسلامية أمام تحديات عظيمة من عولمة وإلحاد وتشكيك في الثوابت والذوبان والتمييع، إضافة إلى فتن الغلو والتكفير والتفجير التي هي مسالك مخالفة لمنهج السلف وكلٌّ يرى أنه أوتي الحكمة".