ردَّ مستشار وزارة العدل الدكتور عبد الله السعدان، على القاضي السابق طالب آل طالب، في موضوع خطاب ال 200 قاضٍ الشهير بأنه يحوي مغالطات كبيرة، ومعظم ما جاء فيه كذبٌ، مضيفا: "من يقول إن القضاء من عام 1428ه، إلى الآن، لم يتطور فهذا كذبٌ, كما جاء في خطاب ال 200، وأنه لا يوجد تطويرٌ فهذا كله غير صحيح، فالقرار صدر عام 1428 لتطوير ملف القضاء الضخم, ومنذ ذلك ألحين بدأت الأعمال التحضيرية للمشروع واستمرت سنتين, وبدأ التنفيذ عام 1430ه، ومَن يقول إن المباني لم تُطور فقد تعامى عن الحقيقة, فالمباني اعتمدها مجلس الوزراء وأذن بالبدء بها عام 1433، ونحن ماضون فيها وليست من عام 1428ه، كما يزعمون!". جاء ذلك في برنامج "حراك" الذي يقدّمه الإعلامي عبد العزيز قاسم، في قناة "فور شباب"، أمس الجمعة، في حلقة بعنوان (حرب البيانات بين القضاة .. أين الحقيقة؟)، وتداخل كلٌّ من: القاضي السابق طالب آل طالب، وقاضي الاستئناف واصل المذن والقاضي السابق والمحامي عبد الرحمن الرميح، والمحامي والمستشار القانوني عبد الله الناصري.
في البداية طرح مقدم البرنامج عبد العزيز قاسم قرار وزارة العدل وحجب مشاركة القضاة في الإعلام، وأنهم ممنوعون من الظهور الاعلامي، وأن هذا أحد أسباب احتقان القضاة في حجب فكرهم وإبداعهم عن المجتمع.
أكّد الشيخ عبد الله السعدان، أن هذا القرار ليس من وزير العدل، وإنما هو قرار خادم الحرمين الشريفين والمقام السامي، مضيفاً: "فكيف تريد من القاضي الذي يحكم بين الناس أن يدخل في مساجلاتٍ ومهاتراتٍ إعلامية تؤثر في عمله القضائي, فالوظيفة تتطلب بعض القيود؛ لكني أتفق معك بعض الشيء في المشاركة المحدودة بضوابط معينة حتى يُستفاد من خبرتهم".
ثم تابع حديثه مُستغرباً من خطاب ال 200 قاضٍ الذي وُجِّه لخادم الحرمين الشريفين, وأتساءل: "لماذا ينتشر هذا الخطاب في وسائل الإعلام؟ وما السبب في ذلك؟ ولماذا هذه الإثارة؟ فإذا كانت هذه نصيحة, فهل هذه النصيحة وفق المنهج الشرعي أم هي تجييشٌ وحشدٌ للتوقيعات؟!".
كما أشار السعدان إلى أن الخطاب تطرّق لملاحظات عدة، منها: أن القضاء منذ 6 أو 7 سنوات لم يتطور ولم ير النور حتى الآن، ووصف ذلك بالكذب المحض.
ثم أبدى السعدان استغرابه أيضاً من ثناء وتزكية مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير القضاء من جهات عديدة بينما هؤلاء ال 200 لم يروا أيَّ تطوير فيه! مضيفا: "مجلس الوزراء زكّى هذا المشروع وهيئة مكافحة الفساد أشادت بعمل الوزارة, كذلك وزراء عدل سابقون زكّوا هذا المشروع, وزكّاه أيضاً وزراء عدل عرب, والصندوق الدولي أشاد بالمشروع, فهل هؤلاء كلهم مجاملون!".
وتابع حديثه مَن كتب هذا الخطاب هو بعيدٌ كل البُعد عن البيئة القضائية, فلغة الخطاب وكلماته تثبت ذلك وهي بعيدة عن السلك القضائي, كذلك الخطاب لا يوجد عليه أي توقيع, وأتساءل أيضاً: لماذا لم يخرج هذا الخطاب قبل عام 1430؟!
ثم تداخل هاتفياً القاضي السابق طالب آل طالب, وسأله قاسم مقدم البرنامج: "إذا كان هذا الخطاب سرياً فلماذا نشرتموه في وسائل الإعلام؟".
تهرّب "آل طالب" عن الإجابة، وقال: "مرت خمس سنوات ولم تتقدم وزارة العدل خطوة، بل تأخّرت خطوات, وفي السنوات الأخيرة انتقل حال القضاء إلى مكافآتٍ للبعض أو تخوين للآخرين, كما هو محل للسخرية أيضاً.
وأضاف القاضي السابق آل طالب: "القضاء يجب أن يكون أكثر استقراراً. فمشكلتنا هي ردة الفعل السيئة؛ فالذي حصل أن 200 قاضٍ, قدّموا نصيحة, ولسنا مسؤولين عن المغرضين أو الشائعات التي تلحق بالخطاب".
كما اتهم "آل طالب" أن مَن يشرف على هذا الموضوع هو شخصٌ يحمل شهادة الثانوية العامة, فردّ عليه السعدان، وقال: " أبرأ إلى الله مما قال آل طالب, فمَن يتخذ القرار هم من القضاة ومنهم مَن هو بمرتبة استئناف, لكن خلفية الشيخ طالب بعيدة عن وزارة العدل".
وتابع السعدان ردّه قائلاً: "الشيخ طالب يستخدم اللغة البلاغية الإنشائية في خطابه وهو يجيده, لكنه ليس هو الواقع أو الحقيقة. فولي الأمر له الحق في نقل مَن يراه من القضاة, خاصة وهم مكلّفون وليس مُعينين".
وحول ما تداولته الساحة العدلية أخيراً عن عزل رئيسَي محكمتَيْ الرياضوجدة, قال الشيخ السعدان: رأت وزارة العدل أن هناك تأخراً في الفصل بين القضايا في جدةوالرياض، وذلك عبر جهاز الحاسب الآلي الذي تعتمده الوزارة ويظهر بيانات وإحصاءات ما تمّ تنفيذه في جميع مناطق المملكة، فوجد أن هناك ملفات متراكمة كثيرة وعمل لم يُنجز؛ لذلك أُعفيا.. فهناك تقييمٌ دقيقٌ على المحاكم, وأن هناك مكاتب قضائية الجلسات فيها على شهرٍ واحدٍ وعلى سبعة أشهر, فماذا يعني هذا؟ هذا يدل على أن هناك إشكالاً في إدارة المحكمة - على حد تعبير السعدان.
وقال "السعدان" إن وزير العدل يدافع عن عرض الدولة وعن القضاة والشريعة في كل مكان بالعالم, لكن الشيخ طالب ومَن يطعنون هم بعيدون عن القضاء.
وعاد الشيخ طالب في هذه الحلقة المثيرة من "حراك" ليطعن في مصداقية خطاب ال 300 قاضٍ الذي جاء معارضاً ورداً على خطاب ال 200 بأنه جاء نشازاً؟
وتدخّل المقدم عبد العزيز قاسم، ليسأل عن مصلحة الوزير والوزارة في تسريب الخطاب، وهو يسيء له ويخسر، وذكّر بحادثة تسريب مذكرة النصيحة التي اعترف كاتبوها فيما بعد بتسريبها للإعلام كي تحدث صدى.
عقّب عليه الشيخ السعدان، بقوله: "هل يستطيع طالب أن يثبت أن خطاب ال 300 لم يُوقع عليه من القضاة؟ إذا كان يدّعي ذلك فعليه البينة"، وأنهى ردّه بقوله: "من الجزاف ألا يُبنى الإعفاء إلا بالتخوين".
وفي اتصال هاتفي مع الشيخ واصل المذن قاضي الاستئناف، وتعليقه حول خطاب ال 200، قال: إن الخطاب سابقة خطيرة جداً لم تحدث من قبل في الميدان العدلي, والقضاة الذين تدرّبنا وتتلمذنا على أيديهم كانوا يعالجون الأخطاء بالسرّ, أما إثارة البلبلة والفتنة، فليس من منهج السلف".
كما ألمح القاضي واصل بأن هناك عملية تزوير، وقال: "أعرف واحداً من الذين ذُكرت أسماؤهم في بيان ال200 ويقول لي شخصيا: لا أعرف كيف وصلوا إلى سجلي المدني ووقّعوا عني, فأنا لا أدري عن هذا الخطاب ولم أقرؤه".. فطلب منه مقدم البرنامج عبدالعزيز قاسم، أن يُفصح عن اسمه, لكنه اعتذر عن ذلك، لأن هناك إجراءات قضائية في هذا الشأن، حيث تقدم القاضي بشكوى حول هذا الموضوع.
ثم ذكر واصل أنه حتى هذه اللحظة تأتيني رسائل تهديد مبطنة من أرقامٍ لا أعرفها, وقد أخبرت الجهات المختصّة لتتعامل مع الموضوع.. وأشار إلى أن هناك لغة "تخوينية" في الخطاب وفيه نوعٌ من الحزبية.
كما ردّ القاضي واصل، على مَن يقول إنه لا توجد أسماءٌ على خطاب ال 300، كما قال الشيخ طالب إن هذا غير صحيح, وأنا من الذين وقّعوا على هذا الخطاب.. كما أتأسف وأعتذر للناس من وجود مثل هؤلاء الأشخاص الذين ينتسبون إلى جهاز القضاء.
فيما شدّد القاضي السابق والمحامي عبد الرحمن الرميح، على أن خطاب ال 200 لا أحد يستطيع أن يطعن فيه.
وأضاف أن "خطاب ال 200 معروف بالأسماء, أما ال 300 فلا توجد عليه أسماء، بل تمّ إرساله بعد يومين للرد على الأول, ومن ثم البحث عن الأسماء بأثر رجعي!!".
وقال إن إنجازات كتابة العدل بسيطة, كما أنها ليست من صميم القضاء, بل تستطيع البلديات القيام بها.. فردّ عليه السعدان أن كتابة العدل هي جزءٌ من القضاء وليست كما ذكر الرميح.
وسأله مقدم البرنامج عبد العزيز قاسم حول دوامات القضاة، وأن هذا أحد الإشكالات التي يعانيها المواطنون، ذكر الرميح أن القضاة يتفاوتون، واعترف بوجود بعضهم الذي لا يلتزم بالدوام، ولكن الأغلبية تفعل. فردَّ الشيخ السعدان أن وزارة العدل تهتم بتطوير وتدريب القضاة, فكل قاضٍ الآن يأخذ من ثلاث إلى أربع دورات كل عام, فدرّبنا 4093 قاضياً في آخر إحصائية و64000 موظف, وغيرهم كثير وهذا لم يكن موجوداً قبل عام 1430، ولم يتدرب أي قاضٍ واحدٍ. كما تعين الوزارة من 150 – 200 قاضٍ كل عام حتى نسد الفجوة ونسرع من إنجاز المعاملات".
ثم تداخل المحامي والمستشار القانوني عبد الله الناصري، وقال: "على الرغم من مضي ست سنوات إلا أن الحال لم يتغير! تم إدخال الحاسب الآلي، لكن المرافق الأساسية ظلت كما هي، يشتكون تأخير المشروع التاريخي, فإذا كان هذا صحيحاً فالمحامون على حق.
وعند سؤاله: ما رأيك بالقاضي الذي لا يقبل هوية امرأة أو الذي يطرد محامية من المحكمة؟ قال: نعم هناك تجاوزات من بعض القضاة، وإن هناك مَن يفعل هذا، لكن لا علاقة هذا بتطوير مشروع خادم الحرمين الشريفين.
عندها لخّص السعدان إنجازات الوزارة، وأنها أعدّت 12 وثيقة لتطوير القضاء، منها: نظام التوثيق, ولائحة أعوان القضاة, وزواج القاصرات, ونظام المحامين, والعقوبات البديلة وغيرها.. فختم عندها السعدان حديثه، وقال: إن مرفق القضاء بخير, وأننا اتخذنا كثيراً من الإجراءات لتكون حجج الاستحكام أكثر ضبطاً, كما أن إجراءات العمل التقني في القضاء قد وضعتها شركة مايكروسوفت في موقعها باعتبارها من التجارب الناجحة.