أكد رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ أن الحوار بين الدول والكيانات لم يعد خياراً، بل بات ضرورة تفرضها الظروف، وقناعة راسخة يؤمن بها الكثيرون، وربما أضحى الوسيلة الوحيدة ليس لدرء الخطر واستبعاد شبح الصراعات وتجنب كلفتها المادية والبشرية المتزايدة فحسب، وإنما لجلب المنافع أيضاً، وتعظيم فكرة الاستفادة المشتركة والاعتماد المتبادل بين القوى والأطراف المختلفة بشتى تصنيفاتهم. وقال الدكتور عبد الله آل الشيخ: "إن المملكة العربية السعودية أدركت أهمية الحوار منذ أمد، وعملت بجهد ليكون عماد سياستها الخارجية، ونتيجة لجهود المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- فقد أسَّس -أيَّده الله- بالتعاون مع كل من مملكة إسبانيا وجمهورية النمسا مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات بالعاصمة النمساوية -فيينا- الذي افتتح ولله الحمد في 12 محرم 1434ه الموافق 26 نوفمبر 2012م، إيماناً منه -أيَّده الله- بأن الإنسان قادر على أن يجعل العالم واحة سلام واطمئنان يتعايش فيه أتباع الأديان والحضارات، ويتعاون الناس مع بعضهم باحترام، ويواجهون المشكلات بالحوار لا بالعنف، ونأمل أن يكون في إنشائه بعداً جديداً لإذابة النزاعات وإزالة الاحتقان وتحقيق الرخاء والسلم والأمان".
جاء ذلك في كلمة لرئيس مجلس الشورى في اجتماعات الدورة السادسة للجمعية العمومية لاتحاد البرلمانات الآسيوي التي بدأت أعمالها في إسلام أباد اليوم.
وأكد ضرورة أن يشكل اتحاد البرلمانات الآسيوية فرصة لمناقشة جميع القضايا التي تؤرق شعوب الدول الأعضاء، وتحاكي همومهم وتطلعاتهم في ظل ما نشهده اليوم من أحداث متسارعة، مبيناً أن السلام الذي ينشده الاتحاد لا يتأتى إلا بالعمل الجاد والنوايا الصادقة والاحترام المتبادل والالتزام بالمواثيق والمعاهدات وترسيخ القيم الإنسانية المشتركة.
وأشار إلى ما تتعرَّض له القارة الآسيوية من التحديات والتطورات التي وصفها بأنها بالغة الدقة تتطلب من الجميع تدارس أبعادها وتداعياتها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وضرورة اتباع أفضل السبل المنهجية لمعالجتها والتخفيف من آثارها السلبية على شعوبنا؛ عملاً بقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان}.
وأشار الدكتور "آل الشيخ" إلى النزاع العربي الإسرائيلي وعدَّه واحداً من أبرز التحديات التي تواجهها المنطقة، فهو يتعلق بقضية الشعب الفلسطيني الشقيق وحصوله على حقوقه المشروعة، والتصدي للتوسع الاستيطاني الذي تمارسه إسرائيل من خلال الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وشنِّ العمليات العسكرية ضد الشعب الفلسطيني بلا هوادة.
وشدد على ضرورة تكثيف الجهود لحشد موقف دولي موحَّد لممارسة الضغط على إسرائيل؛ لإيقاف عدوانها وتوسعها في بناء المستوطنات، وابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية.
وتطرق إلى الوضع في سوريا مجدداَ موقف المملكة العربية السعودية المتمثل في إدانة كل ما يتعرض له الشعب السوري الشقيق من أعمال القمع وإراقة الدماء.
وأضاف: "إن المملكة تؤكد في هذه المرحلة ضرورة توفير الضمانات اللازمة لرعاية وإنجاح مسار الحل السلمي التفاوضي لمؤتمر "جنيف 2" وبما يكفل التوصل إلى الاتفاق على تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة وفقاً لبيان جنيف في 30 يونيو 2012م الذي أقره مجلس الأمن، وتؤكد في الوقت ذاته على موقفها الثابت بالحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها وسلامة أراضيها وأهمية اضطلاع مجلس الأمن الدولي بمسؤولياته إزاء التعامل مع الأزمة السورية وتداعياتها الخطيرة، وعدم اقتصار معالجة الأزمة على مسألة إزالة الأسلحة الكيماوية فقط".
وطالب رئيس مجلس الشورى الدول الأعضاء في الاتحاد بتعزيز كل سبل التعاون فيما بينها وإزالة معوقاته، خصوصاً وأن هناك من يحاول جاهداً الإساءة إلى العلاقات بين الدول الآسيوية، وتعطيل مسيرتها وتقدمها، مشدداً على أهمية التضامن للتصدي لهذه المحاولات أياً كان مصدرها ومن يقف وراءها.
وأشار إلى الأهمية المتزايدة لقارة آسيا في عالمنا المعاصر من منطلق موقعها الجغرافي ومواردها البشرية والطبيعية المميزة، مؤكداً أهمية التعاون فيما بين دولها لضمان الاستقرار والأمن بصفتها مقومات أساسية وشروطاً لازمة لتحقيق التنمية المستدامة.
وعبَّر الدكتور "آل الشيخ" عن الأمل في أن يخرج هذا الاجتماع بما يجسِّد الرؤية المشتركة نحو النهوض بالعلاقات إلى المستويات المأمولة.
كما عبَّر عن تطلُّع مجلس الشورى إلى أن يقوم هذا الاتحاد بدوره نحو ترسيخ قيم الحوار في معالجة الموضوعات المطروحة، حتى تتحقق للاتحاد أهدافه التي أنشئ من أجلها.
وهنأ رئيس مجلس الشيوخ الباكستاني سيد نيار بخاري على رئاسته لأعمال الدورة السادسة لهذه الجمعية، سائلاً المولى -عز وجل- لهم العون والتوفيق والسداد، وللشعب الباكستاني الشقيق دوام الأمن والرخاء.
وكان رئيس مجلس الشيوخ الباكستاني رئيس الجمعية قد ألقى كلمة في الجلسة الافتتاحية شدد فيها على أهمية تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء؛ لمعالجة القضايا الحيوية التي تعيشها الشعوب الآسيوية، وفي مقدمتها الأوضاع الاقتصادية والطاقة والتنمية المستدامة.
كما استمع رؤساء البرلمانات والوفود المشاركون إلى تقرير من الأمين العام للاتحاد الدكتور نجاد حسينيان حول أعمال الاتحاد خلال الفترة الماضية.
وعقدت اليوم جلستان كانتا حافلتين بالكلمات لعدد من رؤساء الوفود المشاركة، أثنى بعضهم على جهود المملكة العربية السعودية في النهوض بالتنمية في عدد من الدول الآسيوية، وبدورها في مكافحة الإرهاب والتطرف، وجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في الحوار العالمي بين أتباع الأديان والثقافات.
وتم خلالها انتخاب رؤساء اللجان الدائمة حيث انتخبت إندونيسيا رئيسة للجنة الدائمة المعنية بالشؤون الاجتماعية والثقافية، ومملكة البحرين للجنة الدائمة للشؤون السياسية، وتركيا للجنة الدائمة المعنية بالتنمية الاقتصادية والمستدامة.